بدأت قمة الاتحاد الأفريقي السادسة والعشرين أعمالها يوم السبت 30/01/2016 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تحت شعار "عام حقوق الإنسان". المواضيع الأساسية المطروحة للنقاش في هذه القمة دارت حول الحكم والانتخابات والالتزام بالمبادئ الدستورية. وأيضًا هناك موضوع الدعم المالي للاتحاد الأفريقي كان على جدول الأعمال. هذه المواضيع سبقت غيرها من الأمور مثل السلام والأمن في القارة وغيرها من طرق تقوية التعاون الإقليمي في محاربة الإرهاب. إن المثير للسخرية في هذه القمة هو شعار حقوق الإنسان وخصوصًا أن الدولة المضيفة تقع على المحك حول خروقاتها لحقوق الإنسان. ونظرة بسيطة لجدول أعمال هذه القمة، تجعلنا ندرك أنه قد تم اختيار مواضيعها بهدف إبقاء أفريقيا تحت النظام الديمقراطي الليبرالي العلماني. ولسوء الحظ لم يقم هذا التجمع بمناقشة السبب الرئيسي للمشاكل الملحة التي تواجه القارة السوداء، بدايةً من أنظمة الحكم الفاسدة والفقر والفوضى المتعلقة بالانتخابات. لقد أصبح ارتفاع معدلات العجز عند الحكام الأفارقة وخرق دساتيرهم العلمانية بالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة والمتزايدة عرفًا لدى الدول الأفريقية. لم يذكر الحاضرون أن تبنيهم للرأسمالية هو ما يدمر أفريقيا. وفي كل عام تجمع قمة الاتحاد الأفريقي أصحاب المصالح لمناقشة المواضيع الملحة والطارئة التي تواجهها أفريقيا، وتنتهي القمة بوعود فارغة وآمال كاذبة لأفريقيا ويستمر العمل كالمعتاد.
انعقدت هذه القمة في الوقت الذي نشاهد فيه القتل في بوروندي بسبب الصراع على الانتخابات الأخيرة. وجنوب السودان، الدولة الفتية، غارقة في الحرب والجوع. وموضوع الحكم الذاتي للصحراء الغربية ما يزال على الطاولة. لقد ذكَّر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوساسان دلامين زوما الحاضرين بالتعهد لإنهاء الحروب في القارة بحلول 2020. كل هذا يدل على أنه سيكون للقمة تأثير على أفريقيا - يعني وضع "حلول". ولكن السؤال المطروح هو: لمصلحة من ستكون هذه الحلول؟ والجواب هو: قطعًا لمصلحة القوى الغربية - أمريكا وأوروبا - اللتين ستُبقيان أفريقيا تحت قبضتهما.
تأسس الاتحاد الأفريقي عام 2001، ولغاية الآن لم تستطع دوله الـ 54 تحقيق أهدافها من الترويج للكرامة وإنهاء الصراعات ومعاناة النساء والأطفال. بل منذ تشكيله ونحن نرى أفريقيا تغرق في المزيد من المصائب السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن الفشل في مواجهة هذه المواضيع لهو دليل واضح على أن الاتحاد في أفريقيا ليس معنيًا في تحسين الأوضاع في أفريقيا.
إن الغرب يستغل الاتحاد الأفريقي من أجل تمرير خططه الاستعمارية في أماكن عدة من القارة. فقد تم إرسال قوات الاتحاد الأفريقي إلى أجزاء عدة في أفريقيا مثل دارفور والصومال لدعم المشاريع الغربية التي تبقي معاناة أفريقيا مستمرة. وننوه إلى أن الاتحاد الأفريقي هو عبارة عن غطاء غربي للمشاريع الغربية في القارة. والمثير للسخرية هو أن القوى الغربية - أمريكا وأوروبا - أنشأت الاتحاد الأفريقي ومع هذا فإن القارة ما زالت تشهد الصراعات الفوضوية.
لقد جاءت هذه القمة بأحد أخطر المؤامرات ضد المسلمين في أفريقيا الذين يشكلون 52% من عدد سكان القارة. وهذا الموضوع هو الوحيد الذي سيطبقه أصحاب المصالح في القمة بفاعلية. إن القوى الغربية التي تحارب الإسلام بذريعة الحرب على الإرهاب ما زالت تؤكد أن الإرهاب يهدد العالم أجمع، بما فيها أفريقيا. إن الاتحاد الأفريقي كغيره من الكيانات الإقليمية في العالم، قد وكله الغرب بشن الحرب على الإسلام. وسوف نرى الحكومات الأفريقية تصعد من "حربها ضد الإرهاب" ضد أبناء شعوبها.
وفي الختام نقول إن أعضاء الاتحاد الأفريقي ناقشوا فقط أعراض الاستعمار الجديد في أفريقيا وليس السبب الأساسي لمشاكل أفريقيا وهو تبنيها للرأسمالية. لقد حولت الديمقراطية والعلمانية أفريقيا إلى قارة مليئة بالفوضى. ومن هنا فإن قمة الاتحاد الأفريقي هي محاولة فقط لتغطية فشل وفساد الرأسمالية في أفريقيا.
رأيك في الموضوع