(مترجم)
بمجرد وصفها بأنها سلة الطعام في أفريقيا، فقد وضعت زيمبابوي يوم الأربعاء الماضي في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، تحت وطأة التوتر السياسي بعد سيطرة قادتها العسكريين على البلاد في انقلاب ظاهر ونشر الدبابات في العاصمة هراري وفرض الإقامة الجبرية على الرئيس روبرت موغابي البالغ من العمر 93 عاماً. وقال المتحدث باسم الجيش اللواء سيبوسيسو مويو في خطاب بثه التليفزيون الوطني إن الاستيلاء يهدف إلى "إصلاح الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور" وكذلك استهداف المجرمين حول موغابي.
وظهرت ردود الأفعال من الأطراف الإقليمية والدولية بما يتعلق بالأزمة مع الاتحاد الإفريقي الذي يصف الأزمة بأنها "تبدو انقلاباً" كما ويحث الجيش على وقف أعماله واستعادة النظام الدستوري. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة الجنرال أنطونيو غوتيريس جميع الأطراف في زيمبابوي إلى "ضبط النفس" ودعا إلى الهدوء وعدم العنف. وأدلى بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني ببيان أمام مجلس العموم بشأن الأزمة التي تظهر قائلاً: "لا يمكننا أن نقول كيف ستستمر التطورات في زيمبابوي في الأيام المقبلة، ونحن لا نعرف ما إذا كان هذا يمثل سقوط موغابي أم لا، وندعو إلى الهدوء وضبط النفس". وأضاف أن بريطانيا لا تريد سوى أن يقرر شعب زيمبابوي مصيره بنفسه، حيث قام موغابي بتدمير الديمقراطية وإيذاء اقتصاد البلاد. وأضاف "لن ننسى أبداً العلاقات التاريخية والصداقة القوية مع هذا البلد الجميل، الذي يوصف بدقة بأنه جوهرة أفريقيا" ودعا إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الموعد المقرر في العام القادم، وقال إن بريطانيا ستعمل على ضمان أن تقدم لشعب زيمبابوي "فرصة حقيقية... لتقرير مستقبلهم"
وفي يوم الجمعة الماضي في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، استيقظ أهل زيمبابوي وهم في حيرة من أمرهم بعد أن رفض الرئيس موغابي التنحي عن منصبه.
وقد أدت مجموعة من العوامل إلى الاضطراب السياسي:
تدهور الوضع الاقتصادي حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في البلاد بنسبة 40٪، وانخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 51٪، وانخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 47٪. وقد تم انتقاد حكومة موغابي على هذا الوضع.
كانت هناك توترات في حزب "الاتحاد الوطني الإفريقي لزيمبابوي-الجبهة الوطنية" الحاكم بين نائب الرئيس السابق إيمرسون منانغاغوا (الذي كان مدعوماً من الجيش) وزوجة الرئيس السيدة غريس موغابي (التي كانت مدعومة من الفصيل السياسي الأصغر في مجموعة الـ40) حول من سيخلف كبير السن موغابي. ويعتقد الكثيرون أن إقالة السيد منانغاغوا في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر هو الدافع إلى الوضع الراهن. فقد تم اتهامه بالتآمر للإطاحة بالرئيس روبرت موغابي. واتهم الحزب الحاكم قائد الجيش في 14 تشرين الثاني/نوفمبر "بالخيانة" بعد أن اعترض وتحدى موغابي على إقالته لمنانغاغوا. وقد أوجد هذا العمل استياءً واسع النطاق بين مؤيدي منانغاغوا كما وأدى إلى انقسامات عميقة بين الفصائل داخل صفوف الحزب الحاكم. لقد كانت هناك معركة طويلة بين المحاربين القدامى - النخبة السياسية القديمة في السبعينات والثمانينات، والجيل السياسي الجديد الذي تجمع حول غريس موغابي. وفي السنوات الأخيرة، فقد رُفض روبرت موغابي بشكل منهجي من المحاربين القدامى في نضال التحرر من المناصب الحزبية في السنوات الأخيرة... كما وتخلى المحاربون القدامى عن صف موغابي في عام 2016 وتعهدوا بتشكيل جبهة واسعة مع المعارضة للطعن في حكمه. وقال كريس موتسفانغوا رئيس مجموعة المحاربين القدامى للصحفيين في جوهانسبرغ الأسبوع الماضي إن جريس موغابي "امرأة مجنونة" فازت بالسلطة من خلال "انقلاب... عن طريق عقد الزواج".
ويبدو أن الانقلاب العسكري لا يعتزم فرض حكم عسكري بدلاً من الضغط على موغابي المريض لمغادرة المكتب. وكما تقول بعض وسائل الإعلام، من المحتمل أن يتم تشكيل حكومة انتقالية في أعقاب الانقلاب.
ويبدو أن أيام "موغابي" في السلطة معدودة، كما تعكس البيانات والجهود الرامية إلى التدخل في الوضع. وبما أن بريطانيا تسيطر على كل من الطبقة السياسية والجيش فإنها تريد الآن التخلص من عميلها موغابي الذي جعلته في السابق شخصاً ثورياً لجلب عميل آخر من خلال "الانتخابات الديمقراطية". كما وتستعمل بريطانيا عملاءها الإقليميين وهيئاتها مثل الرئيس زوما من جنوب أفريقيا، ومجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية، والاتحاد الأفريقي لوضع "الشخص المناسب" على الأقل في مكانه ليتولى مسؤوليته. وقد أرسل الرئيس زوما بالفعل مبعوثين خاصين التقوا بالرئيس روبرت موغابي وقوات الدفاع في زيمبابوي.
والأهم من ذلك أن الانقلاب قد اختطف حتى الآن مشاعر الشعوب التي تتوق إلى التغيير في بلدها. ومن المؤلم أن نرى شعب زيمبابوي جميعه قد اعتقد بأن مستقبل البلاد مشرق وبأن إزالة الديكتاتور الفاني سينقذهم! إن على شعب زيمبابوي أن يعرف أن الانقلاب العسكري الحديث هو مجرد أسلوب للقوى الاستعمارية في تجديد أيديولوجيتها الرأسمالية القذرة والفاسدة وكذلك محاولة لإعطاء شريان الحياة للنظام السياسي الديمقراطي الفاسد. في أفريقيا، تستخدم القوى الاستعمارية الانقلاب العسكري لإسقاط عملائها الذين رفعتهم ووضعتهم سابقاً فقط لجلب عملاء جدد. ومن الواضح أن تغيير القيادة بنفس النهج الرأسمالي لن يحقق أي تغيير جوهري.
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع