(مترجم)
أعلن الرئيس الصومالي المنتخب حديثاً محمد عبد الله فرمانجو أن الصومال هي بلد حرب، وجاء الإعلان الذي صدر يوم الخميس 5 نيسان/أبريل 2017 في ظل تفاقم انعدام الأمن، حيث تم مؤخراً الإبلاغ عن تفجير كبير في العاصمة مقديشو نتج عنه مقتل سبعة أشخاص. وفي إعلانه ارتدى فرمانجو زياً عسكرياً وحث المقاتلين الشباب على الاستسلام حيث قال: "نقول للمقاتلين الشباب الذين غسلت أدمغتهم أن لديهم مهلة مدتها 60 يوماً لوضع أسلحتهم التي يستخدمونها ضد أهلهم ويأتوا إلينا". (الجزيرة)
وفي مطلع آذار/مارس من هذا العام وضعت إدارة ترامب خطة لمتابعة العمليات العسكرية واسعة النطاق والتي تشمل عمليات القوات الخاصة لمحاربة الجماعات المسلحة في الصومال. وقد أرسل البنتاغون توصيات إلى البيت الأبيض للسماح للقوات الخاصة الأمريكية بمساعدة الجيش الصومالي لإعطاء الجيش الأمريكي مرونة أكبر لإطلاق المزيد من الضربات الجوية الوقائية.
إن التدخل العسكري الأمريكي ليس بالأمر الجديد، وإنما هو امتداد لخطط طويلة بدأت في عهد بوش. ففي 4 كانون الأول/ديسمبر 1992م تحدث الرئيس جورج بوش إلى الأمريكيين وأخبرهم بأنه سيتم إرسال قوات أمريكية إلى الصومال. وفي عام 1993 شنت أمريكا عملية عسكرية تحت اسم "إعادة الأمل" والتي انضمت إلى قوة متعددة الجنسيات وأصبحت تعرف باسم قوة العمل المتحدة. وجاءت هذه العملية نتيجة لإزالة سياد بري الذي كان مؤيداً لأمريكا، حيث إن قيادته خصصت ثلثي الصومال لعمالقة النفط الأمريكيين مثل كونوكو وشيفرون وفيليبس.
ومنذ ذلك الحين، فإن أمريكا باتت تشكل المصير السياسي للبلاد من خلال إنشاء دول عميلة لم تقدم للصومال شيئاً سوى القمع والقهر. ولسنوات كانت أمريكا تزود أمراء الحرب بالأسلحة، والمثير للسخرية هو أن الحكومات استوعبت تلك الأسلحة. إن الخطة الأمريكية للصومال هي تفتيت مناطق مختلفة وتشجيع المناطق الزاخرة بالطاقة مثل جوبا للتماشي مع مصالح أمريكا. لذلك لم يعد مستغرباً أن إعلان فرمانجو جاء بعد خطط أمريكا لتكثيف الهجمات العسكرية على الصومال.
الصومال بلد يتميز بوفرة الموارد الطبيعية، كما اعتبرته أمريكا "ملاذاً آمناً للإرهابيين" بهدف تحقيق مصالحها الاقتصادية. تم اكتشاف تسرب النفط في الحقبة الاستعمارية من قبل الجيولوجيين الإيطاليين والبريطانيين. وفيما بعد تنافست شركات النفط الفرنسية والأمريكية مع شركات النفط البريطانية والإيطالية للحصول على حقوق الامتياز لاستكشاف النفط. كل ذلك حول البلاد لحلبة صراع بين أوروبا وأمريكا للسيطرة على الثروة النفطية للصومال. تنافس أوروبا بقيادة بريطانيا أمريكا وذلك من خلال دعم المليشيات المحلية والبلدان البديلة مثل كينيا وأوغندا وجيبوتي، في حين إن أمريكا تدعم المليشيات من خلال دول مثل إثيوبيا والسودان، هذه هي طبيعة الصراع في الصومال.
الصومال تمثل حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، حيث تستمر موجة الجفاف الطويلة التي تبعتها المجاعات لسنوات عديدة. والآن أكثر من 5 ملايين صومالي يحتاجون مساعدة فورية لمنع وقوع مجاعة أخرى، ولا يحتاجون وعوداً فارغة من النظام الحالي. تمر الصومال بوضع مؤلم من الانقسامات والحروب العشائرية والمجاعات، بينما الهيئات المسماة الدولية مثل "رابطة العالم الإسلامي" و"منظمة الدول الإسلامية" وغيرها من الهيئات لم يكن لها موقف ولم تعط الصومال أي اهتمام. وكأي بلد إسلامي آخر وكباقي دول إفريقيا تعرضت الصومال لفترة طويلة من سيطرة الدول الاستعمارية. وطوال فترة سيطرة بريطانيا على الجزء الشمالي الغربي من الصومال لسبعين عاماً سمي بالصومال البريطانية. كما سيطرت إيطاليا على جنوبها لأكثر من 50 عاماً حيث أطلق عليها اسم الصومال الإيطالية، وسيطرت فرنسا على ما يعرف اليوم باسم جمهورية جيبوتي. كما أن الدول المجاورة قد استولت على أجزاء كبيرة من أراضيها بالاتفاق مع الدول الاستعمارية ولا سيما بريطانيا، حيث استولت إثيوبيا التي كانت تعرف سابقاً بالحبشة على منطقة أوغادين واستولت كينيا على أراض واسعة في الجنوب.
لكن هذا الوضع المأساوي سوف ينتهي عند إقامة الخلافة على منهاج النبوة قريبا بإذن الله، فالخلافة هي التي ستعالج بصورة كاملة كافة مشاكل الصومال وبقية العالم.
* الممثل الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع