نقلا عن وكالة الأنباء السودانية تنظم الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وفي إطار مشروع الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ضمن برنامج "معا ضد التطرف العنيف"، ورشة بعنوان "نحو رؤية وطنية لمكافحة والتصدي لخطاب الكراهية" وذلك يوم الاثنين 23 آب/أغسطس 2021 بالأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية. وأوضح اللواء عصام مرزوق مدير الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب أن انعقاد الورشة يأتي في سياق تعزيز الجهود الحكومية تجاه التصدى للأسباب الجذرية والعوامل المحفزة لخطاب الكراهية وتمكين الحكومة الانتقالية من صياغة استجابات فعالة لأثر خطاب الكراهية على المجتمعات من منطلق دعم جهود السلام والتحول الديمقراطي والسلام (الاجتماعي)، وكشف عن مشاركة مكتب مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة، بعثة اليونيتامس وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية بالبلاد.
مع عدم توفر تعريف قانوني دقيق لـ"خطاب الكراهية"، فإنَّه يُـعَرَّف عموماً على أنه "أنماط مختلفة من أنماط التعبير العام التي تنشر الكراهية أو التمييز أو العداوة أو تحرض عليها أو تروج لها أو تبررها ضد شخص أو مجموعة، بناءً على الدين أو الأصل العرقي أو الجنسية أو اللون أو النسب أو الجنس أو أي عامل هوية آخر".
ويتصادم ذلك مع حرية التعبير المقدسة عند الغرب والمحمية بموجب القانون الدولي، فاحتال الغرب على حريته بمنع ما أسماه خطاب الكراهية وألزم الحكومات أن تضع أطراً قانونية بشأن ذلك، لكن هل تم القضاء على الكراهية؟ لا بل زادت الكراهية وانتهاك حق الآخر في التعبير حتى في الغرب نفسه كما ذكر مركز بيو للأبحاث، وزاد العنف والتخويف والإدانات للجماعات الدينية وفرض الحظر الرسمي على بعضها، والسجن والإعدامات...
ثم انتشر مصطلح خطاب الكراهية في جميع أنحاء العالم واستُخدم لتحقيق مكاسب سياسية للدول الغربية. لقد تعهد سياسيو الغرب بالتشديد على أسباب الكراهية، وفي المقابل ومن المفارقات أنهم كانوا أعظم المجرمين والمحرضين على الكراهية وتشهد على ذلك حروبهم التي تسببت في الإبادة الجماعية في كل العالم. فلو كانت المشاعر مقصودة حقا، فينبغي أن يتحرك العالم من أجل القضاء على أسباب الإجرام الدولي على المسلمين في كل مكان يذبحون فيه وينكل بهم أحياء وأمواتا ونهباً لثرواتهم وتجارة السلاح التي تتربح من إشعال الحروب التي يروح ضحيتها آلاف المسلمين.
يجب أيضاً ألا يُستثنى شيء عند النظر في أسباب الكراهية خاصة أن العامل الأساس لخطاب الكراهية هو تشجيع الغرب بوساطة نشر خطاب معاد موجه ضد الإسلام بوصفه نظاما سياسياً، وتعمد فرض وجهة النظر الغربية لفصله عن الحياة عبر الاتفاقيات الدولية وإلزام الحكومات المحلية في بلاد المسلمين سن دساتير تفصل الدين عن الحياة وبالقيام أبعد من ذلك بشن الحروب باسم الحرب على الإرهاب والمراد هو الحرب على الإسلام.
تروج وسائل الإعلام لكراهية الإسلام والمسلمين ولا تدخر الحكومات جهداً في نشر السلبية وترويج الكراهية للإسلام وازدراء المسلمين، فكل البرامج في القنوات في السودان تتحدث عن العلمانية بوصفها حلا أمثل، وأن التخلف والتدهور سببه حكم الدين، رغم يقينهم أن الدين لم يحكم ودونهم الدساتير منذ الاستقلال فهي تنطق بالعلمانية في كل قوانينها.
كان للغرب دور كبير في خطاب الكراهية لأنه هو من صمم هذه الفكرة الخبيثة لتصنيف الإسلام بطريقة غامضة إلى (معتدل ومتطرف) عبر مؤسساته البحثية مثل مؤسسة راند، ويصفون المسلمين الذين لا يؤمنون بالقيم العلمانية بأصحاب الأيديولوجية الشريرة ويدعون إلى تهميشهم وعدم إشراكهم في أي حكم بل والقضاء عليهم إن أمكن بكل وسيلة.
وأوجد الغرب بذلك فجوة كبيرة بتشجيعه لما يسمى بالإسلام الحداثي أو الوسطي، في حين إن معظم ما يصفونه بالإرهاب والتطرف هو الإسلام بمبادئه الأساسية التي يعتنقها مليار ونصف المليار مسلم، والتي أوحى بها إلى النبي ﷺ وذلك ثابت بالنصوص الشرعية في الإسلام التي تنص على أن الإسلام نظام حياة وطراز عيش خاص لا يلتقي مع العلمانية الرأسمالية الليبرالية بتاتا وله أنظمة حياة تطبقها دولة الخلافة الإسلامية.
هذه هي الخلفية والأيديولوجية التي تذكي جو الكراهية ضد الإسلام والمسلمين؛ فالمجتمعات الغربية العلمانية بهويتها القومية تعاني بشكل كبير من توترات كراهية الأجانب والطبقية والعنصرية، وذلك بسبب الطريقة التي يتم بها الحطّ من منزلة "الآخرين" بأسلوب نمطيٍّ فجّ، واحتقار شديد وازدراء مقنّعين بتشريعات إعادة إدماج المسلمين ومنع الحجاب ومنع المآذن ومكبرات الصوت في المساجد، وغيرها... للمحافظة على العلمانية.
وتحارب دول الغرب الإسلام بخطاب الكراهية من حكامهم الذين يشددون على حربهم المعلنة على من يريد أن يغير في مظهر علمانية بلادهم وإن كان خماراً كما يردد ماكرون، وكما صرح وزير الخارجية الألماني بأن ألمانيا لن تقدم أي مساعدات لأفغانستان في حال إقامة خلافة إسلامية، أما ترامب فقد كان له الموقف الأوضح في ذلك، فقد حظر دخول المسلمين لأمريكا ونقل سفارتها إلى القدس وغيرها الكثير من الكره والكراهية، ما أدى إلى مستويات لا مثيل لها من الكراهية أدت في الواقع إلى القسوة الشديدة وسفك الدماء، خاصة من المسلمين حتى أصبحت الكراهية الغربية لكل ما يمت للإسلام بصلة تضج بها التشريعات وتتلقفها وسائل الإعلام حتى صدقها البسطاء. ففي جو مملوء بالكراهية، فلا عجب أن يفرغ الناس إحباطاتهم نحو أولئك الذين يُكرَهون فكانت مجازر مساجد نيوزيلندا التي راح ضحيتها مصلون أبرياء نتاج سياسات الغرب.
غالباً ما يفخر العلمانيون بأنهم أول من شرع حق عدم المثول أمام القضاء إلا بدليل للاتهام، إذاً لماذا احتل الغرب أفغانستان والعراق لمجرد مزاعم وسائل إعلام تؤدي إلى شكوك وتجريم شعوب بالتهم؟! وتتكرر المآسي بين الحين والآخر من الغرب الذي غالباً ما ينظر إلى المسلمين على أنهم متهمون، لمجرد كونهم مسلمين.
إن سبب الكراهية، والكلام الذي يحض على كراهية الإسلام والمسلمين هي الرأسمالية العلمانية بعقيدتها ونظامها فهي تفشل يومياً بالوفاء بحق الشعوب التي استعمرتها بجيوشها أو بنفوذها، ولا تقدم لهم في الظاهر إلا ظلماً وضربا لعقائدهم ونمط معيشتهم. أما في الغرب فقد تجذرت الكراهية أيضاً لعدم الانسجام بين الفئات المختلفة في المجتمع لتجذر القومية في الغرب فأصبح خطاب الكراهية ضد الأجانب والعنصرية والطبقية والكراهية للآخرين سمة سائدة عندهم.
لقد أنصف الإسلام البشرية جمعاء بعقيدته وأحكامه التي تعالج العنجهية والعنصرية وتجعل الضعيف والقوي والأبيض والأسود عباداً لله ربهم الذي شرع لهم الإسلام خاتم الرسالات لينقذهم من الكراهية والتباغض والظلم، قال ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى»، ولن تشفى المشاعر البشرية من الكراهية إلا تحت ظل دولة الإسلام التي تنصف المظلوم وتعطي الحقوق وتحكم بالعدل.
* القسم النسائي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع