إن قانون القضاء على العنف ضد المرأة الذي صادق عليه مجلس النواب التونسي يوم 26 من تموز/يوليو الماضي جاء بهدف ضرب كل ما من شأنه أن يمت بصلة للإسلام، وضرب الأسرة التي تعتبر اللبنة الأولى لبناء مجتمع سليم وناهض. وقد تمت إباحة زواج المسلمة بالكافر (الأجنبي) بعد إعلان السبسي في 13 آب/أغسطس بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة عن إلغاء المنشور عدد 73 وإعادة النظر في مسألة الإرث وتحقيق المساواة التامة بين الرجل والمرأة.
لقد طرح هذا القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة منذ سنة 2014 والذي يعتبر من وحي ملزمة الأمم المتحدة لوضع اتفاقية سيداو موضع التطبيق. وقد كان السبسي أول من رفع التحفظات عن الاتفاقية سنة 2011 ثم أتم مهدي جمعة في نيسان/أبريل 2014 الالتزام الكامل بها أمام الأمم المتحدة.
لقد نجح المستعمر في احتواء هذه الثورة وركوب موجتها والتحكم في مقاليد الحكم ابتداء من دستور نوح فيلدمان، نهب الثروات والاقتصاد الذي جعلوه في تبعية على المدى الطويل بالمديونية العالمية تحت إشراف صندوق النقد والبنك الدوليين. نفس الوجوه التي أجرمت في حق هذا الشعب متصدرة المشهد السياسي في تونس.
فالدولة التونسية منتهجة سياسة الاقتراض باعتباره الحل السحري والوحيد، دولة تقترض لتسدد قروضاً قديمة بل والربا المترتب عليها!!! وحكومات متعاقبة عقيمة لا تملك بدائل، فالدولة ملزمة سنة 2018 بسداد ما قيمته 4300 مليار دينار بعنوان ديون خارجية مستوجبة الدفع بسبب حلول أجل الخلاص، وقد بحثت تونس منذ فترة عن تمويلات خارجية جديدة تقدر بحوالي 12000 مليار دينار في شكل قروض لسد حاجيات ميزانية الدولة لسنة 2018.
قروض تقدم مقابل شروط وضغوطات، فالمساواة بين الرجل والمرأة هي أحد الشروط التي نص عليها الاتحاد الأوروبي منذ أيلول/سبتمبر 2016 للاستثمار في تونس عقب عقد مؤتمر الاستثمار تونس 2020 في تشرين الثاني/نوفمبر 2016. كذلك اشترط الاتحاد الأوروبي عدم تجريم الشذوذ الجنسي وإلغاء عقوبة الإعدام والتساهل مع مستهلكي المواد المخدرة. وقد دعا البنك الدولي في الفترة الأخيرة الحكومة التونسية إلى التسريع في تنفيذ ما تبقى من الإصلاحات المطلوبة، وفي الحقيقة هذه الإصلاحات عبارة عن إملاءات مطالبة بالتغيير الثقافي الذي يعمل على طمس معالم الدين الإسلامي؛ فقد صرحت سعيدة قراش الناطقة باسم رئيس الحكومة في إحدى القنوات التلفزيونية أن "مبادرة السبسي تعتبر خطوة ريادية لتونس والسبسي قام بثورة وترك بصمة في العالم الإسلامي بل وعلى مستوى العالم ككل، ثورة على التخلف والنظرة الذكورية للدين". هذا التغيير الذي تريده الدول الغربية!!! هذا حال دولة بلا سيادة ولا إرادة هكذا تفرض عليها الدول الاستعمارية إملاءاتها وما على حكامنا إلا السمع والطاعة.
إن تفاقم ظاهرة العنف ضد المرأة هي من مكتسبات النظام الرأسمالي، هذا ما جرّته علينا القوانين الوضعية، هذه هي الريادة!!!
تونس الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق، هناك 4 حالات طلاق كل 3 ساعات سنة 2016. نسبة العنوسة تجاوزت 62%، نسبة الأمية لدى الإناث قد بلغت 25%، نسبة العنف ضد المرأة تقارب 45%، فنجد 50 امرأة تتعرض للقتل سنويا في تونس نتيجة العنف الشديد. هناك 14000 حالة إجهاض سنويا، أي أن هناك 14 ألف طفل يقتل في كل عام. فما دخل الإسلام وأحكامه إن لم تكن مؤامرة خبيثة تدبر وقانون يراد منه ضرب النظام الاجتماعي في الإسلام أو بالأحرى ما تبقى منه؟!
لقد أكدت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي أن القانون الأساسي سيدخل حيز النفاذ بداية من شهر كانون الثاني/يناير 2018. وبمقتضى هذا القانون سيتم إلغاء المهر الذي يعتبر شرطا من شروط صحة عقد الزواج عند المذهب المالكي، وإلغاء نفقة الزوج على زوجته، وإلغاء وجوب نفقة الابنة بعد 18 سنة فلها كامل الحرية في أن تنفق على نفسها بكافة الطرق والوسائل ولا يحق لأحد أن يمنعها، فرفض الأب خروج ابنته يعتبر عنفا وبموجبه لها الحق في مقاضاة والدها، كذلك سيتم إلغاء حكم الولاية وتحجير الصلح الآلي بين الزوجين. هكذا تهدم الأسرة، أسرة بلا قائد وبلا راع «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وتنتشر الرذيلة والفساد والزنا.
إن الإسلام قد كرم المرأة فهي أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، فلها الحق في مزاولة التجارة والزراعة والصناعة وجعل الحياة الزوجية حياة رحمة واطمئنان.
يقول عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾.
إن سبيل الخلاص واحد لا يتعدد فلا بد من التخلص من النظام الرأسمالي الاستعماري.
إن الحل لأهل تونس وغيرها من بلاد المسلمين هو التخلص من القيود التي كبلتها بها دول الغرب المستعمر والعمل على إقامة دولتهم، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تحميهم وتذود عنهم وتنتصر لهم وتقيم فيهم أحكام الدين ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.
بقلم: زينب بن رحومة – تونس
رأيك في الموضوع