حفلت نهاية الأسبوع الفائت باجتماعات لافتة وتصريحات مهمة للمسؤولين الغربيين، كشفت الكثير مما يمكره الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا بالمسلمين في الشام وبثورتهم، فقد عقد مؤتمر أستانة في نسخته المكوكية الخامسة يومي الثلاثاء والأربعاء 4-5 تموز/يوليو، وقد اعتبر رئيس وفد النظام السوري إلى أستانة بشار الجعفري، أن الجولة الخامسة من مفاوضات أستانة لم تتكلّل بالنجاح بسبب ما سماه "النهج السلبي" الذي التزمت به تركيا، بينما أكد رئيس الوفد الروسي إلى الاجتماع، ألكسندر لافرينتييف، في مؤتمر صحفي عقب الجلسة العامة، أنه لم يتم التوقيع على أي وثائق في المفاوضات، من جانبه وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرت عبد الرحمنوف، قال في ختام المؤتمر إنه حقق نتائج إيجابية واضحة بهدف تثبيت نظام وقف إطلاق النار في سوريا، وهذا الكلام يدل على أن وجود وفد النظام وظله في المعارضة لم يكونوا سوى ديكور لهذه النسخة، فحقيقة لقاء أستانة 5 كان بين أطراف الكماشة الروسية التركية والركيزة الإيرانية لخنق ثورة الشام، والهدف هو تقاسم مناطق النفوذ داخل سوريا تحت شعار مناطق تخفيف التوتر، والاتفاق على موعد جديد للمكر والخداع.
في الوقت نفسه كانت التصريحات التركية عن تدخل في منطقة عفرين بحجة القضاء على تنظيم (ب ي د) الانفصالي الكردي قد خَبَت بعد لقاء الرئيس التركي أردوغان بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بحضور وزير الدفاع التركي فكري إيشق في مقر حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، مع تصريحات روسية ومطالبات لحلفائها في الوحدات الكردية بضرورة تسليم منطقة عفرين للنظام السوري تفاديًا للتدخل التركي، لينكشف أمر التسريبات التي تحدثت عن دخول القوات التركية إلى إدلب وأن الغرض منها التشويش، على الأهداف الحقيقية - على الأقل - في الوقت الحالي على عملية عفرين التي انتهت تقريبًا بما يشبه الاتفاق على انسحاب المليشيات الكردية من منطقة عفرين بعد تسليمها للنظام وليظهر حقيقة الدور التركي الفاعل في القضية السورية، عن طريق ترتيب أوراق المناطق الواحدة تلو الأخرى لعودتها إلى حضن النظام، في ظل غياب أو تغييب لباقي الأطراف العربية الفاعلة على الساحة السورية كحكام السعودية وقطر المنشغلين بخلافاتهم على إرضاء أسيادهم في واشنطن ولندن.
كما كان لافتًا نهاية الأسبوع الفائت لقاء الصديقين بوتين وأردوغان على هامش قمة العشرين المنعقدة في هامبورغ الألمانية، والمديح المتبادل لبعضهما، ففيما اعتبر أردوغان أن الجهود الروسية-التركية تعد مثالا يحتذى لبلدان العالم، شاكرًا موسكو على الدور الذي قامت فيه تجاه ما سماها "التسوية السورية"، أثنى بوتين على أردوغان معتبرًا أن ما تم تحقيقه يعود الفضل الملموس فيه لأردوغان، حيث تبدل الوضع نحو الأفضل في سوريا، وتلقت من سمّاها العصابات (الإرهابية) ضربة قاصمة في إشارة لتعاون الطرفين في تسليم حلب للنظام، التي شكلت ضربة كبيرة للثورة، من أكثر من يعتبره الشعب السوري داعمًا لثورته، ليتكشف الوجه الحقيقي أكثر فأكثر عن المهمة التركية الموكلة لها ممن يدير الصراع مع ثورة الشام ألا وهي أمريكا الراعي الرسمي لنظام أسد.
وعلى الجانب الأوروبي شبه المغيب عن الساحة السورية إلا من محاولات فرنسية حثيثة للعودة للمشهد الدولي من بوّابة التوافق مع صاحبة القرار في الشام أمريكا، حيث أكدت السلطات الفرنسية أن لديها خطتين بشأن موقفها من مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وحسب قول ممثل وزارة الخارجية الفرنسية فإن الزعيم السوري غير قادر على حل الصراع العسكري طويل الأمد بمفرده، وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد صرّح سابقًا أنه لا يرى بديلا شرعيًا للرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي اعتبر انتكاسة في الموقف الأوروبي الذي يدّعي دعمه للثورة، وهذا عائد لطبيعة الصراع في الشام فهو بين أهل الشام من طرف وأمريكا والأحلاف والأتباع والأشياع من طرف آخر، فدول أوروبا وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا أخذت موقف الداعي لإسقاط النظام وإزاحة أسد في بداية الثورة وعندما قرّرت أمريكا الحفاظ على النظام وجدت دول أوروبا نفسها خارج الحدث السوري بقرار أمريكي، وبوصول ماكرون للرئاسة الفرنسية أخذ خطًا مغايرًا لسلفه لتحقيق أقل المكاسب على حساب الكثير من الخسائر ولو على حساب الشعب السوري.
في المقابل ما زال أهل الشام متمسكين بالثورة يقارعون المكر العالمي بهم للقضاء على ثورتهم والمحافظة على علمانية النظام في الشام، ويأتي هذا كله في ظل انتكاس فصائلها المقاتلة التي أخذت على عاتقها إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، فإذا بها تنصاع للداعمين وتبدأ بالتخلي عن مطالب الثورة، والقبول بالهدن والمفاوضات، وتخضع لمطالب المجتمع الدولي، ومن ثم دفع الناس للقبول بالمصالحة والعودة إلى أحضان النظام، بينما يراهن المخلصون على الوعي الكبير عند أهل الشام على المخططات التي يحاول الغرب الكافر وأتباعه دفع أهل الشام للسقوط في شراكه، بتحطيم مؤامراته ونسفها واستعادة زمام المبادرة التي تعيد للثورة ألَقها الذي فقدته على يد الجاهلين بمؤامرات الكفار المستعمرين وأدواتهم، ويعاد تصحيح مسار الثورة بالتمسك بحبل الله المتين بتبني المشروع السياسي الإسلامي الحقيقي الذي يقدمه حزب التحرير فيكون منهاج عمل عسى أن يمن الله علينا بهزيمة النظام العلماني وقلعه، وإعادة الشام مرةً أخرى عقر دار للإسلام بإقامة الخــلافــة الراشــدة على منهاج النبوة.
بقلم: أحمد معاز
رأيك في الموضوع