في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الحقوقية الدولية إن "قمع الحريات في مصر بلغ أشده"، وأن السلطات أوقفت 50 ناشطاً وحجبت 62 موقعاً إخباريا على الأقل خلال أسابيع، وحذرت "رايتس ووتش" من أن هذه الإجراءات "تضيّق أي هامش لحرية التعبير ما زال قائما بمصر"، حسب ما نقله موقع مصر العربية عن موقع المنظمة في 16/6/2017م، بينما وافق مجلس الوزراء المصري الخميس 22/6/2017، على مشروع قرار رئيس الجمهورية، بتمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة 3 أشهر.
إن واقع النظام المصري المتغول وسلوكه القمعي لم يتغير على مدار عقود حكمه وهو في حقيقته لا يحتاج إلى فرض حالة الطوارئ فهو يفعل ما يريد ولم يعد الأمر قاصرا على اعتقال النشطاء والاختفاء القسري للمعارضين بل تعداه إلى التصفية الجسدية، خاصة إذا كان هؤلاء المعارضون من غير العلمانيين، في إشارة واضحة لكل من تحدثه نفسه بالاعتراض أو الثورة.
إن تغول هذا النظام لم يكن ليستمر لو واجهه أهل الكنانة بمشروع حقيقي ينسجم مع عقيدتهم وقادر على علاج مشكلات حياتهم، إلا أنهم عوضا عن ذلك ولغياب الوعي الحقيقي على سبيل النجاة ولسذاجة البعض وبتواطؤ كثير من النخب السياسية التي ضللت الناس وأتاحت لعملاء أمريكا فرصة ذهبية تمكنوا من خلالها من استعادة ما أفقدتهم إياه الثورة والتمكن من مفاصل الدولة من جديد وبشكل أبشع مما سبق، ونستطيع القول إنه تم إنتاج النظام من جديد وبروح انتقامية من أهل الكنانة الذين ثاروا عليه وأفقدوه هيبته المزعومة، الأمر الذي جعل النظام يطلق يد زبانيته في أهل مصر ترويعا واعتقالا وقتلا وحرقا واغتصابا، وقد رأينا وشهدنا ما قام به النظام وما يقوم به حتى الآن؛ فأحكام الإعدام جاهزة للمعتقلين في محاكمات أقل ما يقال عنها إنها هزلية، هذا بخلاف التصفية الجسدية سواء المباشرة أو التي تأتي بعد فترة احتجاز قسري وهم كثر، فيعلن النظام قتلهم في اشتباك ويرد ذووهم بأنهم مختفون قسريا أي معتقلون لدى النظام بدون أية أوراق رسمية تثبت ذلك.
يا أهل الكنانة! إن هذا النظام لا يرقب فيكم إلا ولا ذمة ولا تعنيه دماؤكم ولا أعراضكم، بل إنه لا يراها سوى قرابين يلقي بها على أعتاب سادته لينال حظوتهم ويحوز على رضاهم ويضع فوقها أموالكم وثرواتكم وخيراتها لينهب منها السادة ما استطاعوا ويلقوا له ولحاشيته بالفتات، نعم هذا هو واقع هذا النظام وسيظل هذا واقعه مهما فعلتم ومهما ثرتم عليه ومهما بذلتم من دماء زكية طاهرة، فسيظل كل حراك لكم ينتهي بين يديه مقتطفا ثماره ما لم تحملوا المطلب الذي يرعب النظام ومَنْ خلفه؛ خلافة على منهاج النبوة، هذ المطلب الذي ينسجم مع عقيدتكم ويعبر عن طموحكم ويلبي حاجاتكم ويعالج مشكلاتكم، الذي يعيد لكم كرامتكم وحريتكم ويعيد أمتكم أمة واحدة كما كانت بلا حدود ولا قيود ولا تأشيرات دخول وخروج، هذا المطلب الذي دعاكم له إخوانكم في حزب التحرير ولا زالوا على حالهم قائمين فيكم يحثونكم على حملها معكم، فبها وحدها تستطيعون اقتلاع هذا النظام من جذوره.
يا أهل الكنانة! دونكم حزب التحرير ودعوته ففيهم ضالتكم التي تبحثون عنها فدعوته التي يحملها هي دولتكم وعقيدتكم التي تنسجم معكم وتعبر عنكم وتوافق فطرتكم، وشبابه هم الساسة القادرون على فضح عدوكم وتآمره عليكم، وغايتهم الكبرى التي يعملون لها واصلين ليلهم بنهارهم هي أن تعود دولتكم التي ترضي ربكم وتطبق عليكم دينكم وترعاكم وتحفظ عليكم حقوقكم وتعيد ما نهب الغرب من ثرواتكم وخيراتكم.
إن صراعكم مع هذا النظام الذي تغول عليكم يجب أن يُحمل إلى ساحة أخرى ضيقة عليه وعلى رجاله ولا يقوى عليها ولا يستطيع مجاراتكم فيها وهي حرب الأفكار، شريطة أن يقودكم في هذا الصراع حزب التحرير فهو وحده القادر لا على مجاراتهم بل هزيمتهم بإذن الله، وهذا وحده ما يخشاه النظام وسادته؛ أن يتحول صراعكم معه إلى صراع أفكار، فالفكرة لا تموت بل تنبت على الأشلاء وترويها الدماء، وليس هناك أصدق ولا أقوى ولا أعمق من أفكار الإسلام.
يا أهل الكنانة! إن مواجهة مثل هذا النظام لا تحتاج إلى سلاح تحملونه فهو يقتلكم بسلاحكم وبيد أبنائكم، بل تحتاج إلى حكمة ووعي وفكر مستنير، تحتاج إلى حمل صحيح وواضح لمشروع الإسلام الخلافة على منهاج النبوة وكيفية طرحه وتطبيقه وجعله واقعا عمليا يراه الناس، وطرح هذا المشروع بشكله الصحيح الواضح على كل الأصعدة بشكل يجسده أمام أعين الناس، وتحميله لأبناء الكنانة شعبا وجيشا فكلهم مكلفون ومسؤولون أمام الله عما افترضه عليهم وإقامة الدولة التي تطبق الإسلام على رعيتها وتحمله للعالم بالدعوة والجهاد هو تطبيق لكل أحكام الإسلام وإقامة لدين الله في الأرض، وهي أوجب الواجبات وتاج الفروض، فحمل الدعوة إليها وتوعية الناس على وجوب وجودها واجب وضرورة حتمية وخاصة لهؤلاء الذين يحملون السلاح من أبنائكم في الجيوش فهم أهل القوة والمنعة ومن يملكون النصرة، مذكرين إياهم بحرمة هذه الدماء التي تراق هدرا بأيديهم وأن الله سائلهم عنها يوم القيامة، وأن من يأمرهم بالقتل ومن يضللهم بفتاوى الزور لن يغنوا عنهم من الله شيئا بل سيسارعون للبراءة منهم، وهم الآن في حياتهم الدنيا لديهم الخيار وأمامهم الفرصة لينالوا خير الدنيا والآخرة بنصرة من يحملون فيكم وبينكم دعوة صافية نقية لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، إخوانكم شباب حزب التحرير، فتقام بهم دولة تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت جورا وظلما.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: عبد الله عبد الرحمن*
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع