(مترجم)
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2016م، قتلت القوات الهندية ثلاثة مسلحين يشتبه بهم في محاولة مهاجمة قاعدة للجيش في كشمير الهند، التي جاءت بعد أن أعلنت الهند قيامها بضربات تكتيكية ضد باكستان، وقد استنكرت إسلام أباد بشدة الهجمات الهندية، ذلك جدّد الصراع الذي طال أمده لسبعة عقود، وتجددت المطالب الدولية لتسوية قضية كشمير المحتلة.
لكن التدخل الدولي بالرغم من كثرته لم يغير من الأمر شيئًا، فقد كانت المحاولات الدولية تنصب على المطالبة بوقف العنف والحوار وبناء الثقة بين البلدين، والتي عادة ما كانت تضعف مشروع تسوية قضية كشمير، وكما هو متوقع فقد كانت الهند وباكستان تلقيان باللوم على بعضهما بعضا، ولم يكن من المستغرب أن تتكرر العمليات والانتهاكات تحت سمع القوى الأجنبية ونظرها.
لقد كان السبب وراء الفشل في حل النزاع في كشمير هو تعدد الاقتراحات والتقلب في الحلول المطروحة، حيث هناك ثلاثة حلول رئيسية كما عرضها (ستيفن كوهين) في كتابه (رماية القرن) يتوقف تنفيذها في كشمير على؛ التقسيم، وتجديد التقسيم، وإعادة التقسيم على خط السيطرة الفاصل بين البلدين. التقسيم يعني ببساطة ترسيخ خط السيطرة بين الهند وباكستان وجعله حدودًا دائمة، والذي يقسم كشمير رسميًا في آزاد كشمير إلى جزء في باكستان وكشمير المحتلة وجزء في الهند. تجديد التقسيم يعني تحويل خط السيطرة إلى حدود مرنة بين البلدين، ما يسمح للبضائع ولأهل كشمير بالحركة بحرية عبر الحدود. وأما إعادة التقسيم فهو خليط من الحلين السابقين، يهدف إلى إعطاء كشمير بعضًا من مظاهر الاستقلال، ولكن يترك لباكستان والهند إدارة الجوانب السياسة والاقتصادية والشئون الخارجية.
لكن السبب الأساسي لعدم تسوية النزاع الكشميري ليس له علاقة باختلاف الحلول المعروضة، ولكن تدخل الدول الأجنبية والتحديات الداخلية في كل من الهند وباكستان منعتهما من تسويق الحلول على شعبهما، وهذه هي العقبة التي لم تتمكنا من التغلب عليها.
بدأ تدويل قضية كشمير مع اندلاع الانتفاضات في كشمير في أواخر الثمانينات، وقد كانت باكستان تحرض على الانتفاضات من خلال شبكات المقاومين واسعة الانتشار من أجل استنزاف اقتصاد الهند، وكان الهدف هو دفع الهند نحو النفوذ الأمريكي.
في 11 من أيلول/سبتمبر 2001م، تخلت باكستان عن فكرة تدويل النزاع الكشميري، وسعت للتوصل إلى اتفاق مع الهند مباشرة، فكانت زيارة (برويز مشرف) إلى (أجرا) في آذار/مارس 2001م لبدء هذه العملية. فاجبايي الذي كان قد تحول إلى المعسكر الأمريكي جعل التغيير في سياسة باكستان تجاه كشمير ممكنًا، وكان هدف أمريكا هو تطبيع العلاقات بين الهند وباكستان، وذلك لأن عدد سكان الهند الكبير يمكن أن يكون بمثابة حصن منيع ضد أطماع الصين في المنطقة. مع ذلك، أوقف فوز حزب المؤتمر الهندي في عام 2004م تنفيذ خطط التطبيع، حيث عادت الهند مرة أخرى إلى المعسكر البريطاني، وعادت إلى موقفها التقليدي تجاه كشمير، وهو عدم التنازل عنها.
خلال سنوات حكم (برويز مشرف) كان إبرام صفقة على كشمير ممكنًا لولا معارضة أهل باكستان لتلك الصفقة، وكون الرأي العام يرفض أية محاولة من جانب الهند لاغتصاب كشمير ويعتبر أي تنازل باكستاني خيانة عظمى، فكان هذا الرأي العام حائلًا أمام مشرف لتقديم تنازلات بشأن كشمير.
مع انتخاب (مودي) الموالي لأمريكا كرئيس لوزراء الهند في عام 2013م، كان من المتوقع أن تعيد باكستان والهند إحياء خطة الولايات المتحدة للتطبيع بين البلدين، وبدلًا من ذلك تركزت جهوده على تقوية الاقتصاد الهندي.
هناك سبب آخر جعل من الصعب على الهند التنازل عن أجزاء من كشمير لباكستان، وهو أن النخبة الهندية تخشى أن تطالب أكثر من عشرين حركة انفصالية بصفقات مماثلة.
مع ذلك، تأمل أمريكا تهدئة مخاوف الهند من خلال ضمان تقديم باكستان المزيد من التنازلات لجعل الاتفاق مقبولًا، ومن المتوقع أن يستمر تمهيد الطريق لأمريكا للتدخل والعمل مع مودي وشريف للتوسط بعد الاضطرابات الحالية في كشمير وتبادل إطلاق النار عبر خط السيطرة، ومن المرجح أن يتم الاتفاق بعد الانتخابات العامة الأمريكية، وسيكون واحدًا من أهم أولويات الرئيس الجديد.
من الواضح أن أمريكا تريد تعويض انشغالها في سوريا نحو مواجهة صعود تهديد الصين، وتسوية الهند لقضية كشمير هو حجر الزاوية في خطط أمريكا لتعزيز القوة العسكرية والقوة النووية في الهند. في الوقت نفسه، خطة أمريكا هي لإضعاف باكستان بعد تسوية قضية كشمير، ومن ذلك خفض قدرة القوات المسلحة وجعل باكستان تدور في فلك الهند، وبالتالي تحقيق الحلم الفدرالي للسياسي الهندي المخضرم (أدفاني).
إن النخبة السياسية والعسكرية الباكستانية تدرك الخطط الأمريكية المذلة لباكستان، لكنها لا تهتم، والمسؤولية الآن تقع على مسلمي باكستان لإنقاذ بلدهم من بين فكي المؤامرات الهندية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي وحدها التي ستوحد شبه القارة الهندية تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" وتضع حدًا للاحتلال الأجنبي لبلاد المسلمين.
بقلم: عبد المجيد بهاتي
رأيك في الموضوع