أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية"، وأعلن البيت الأبيض، يوم الأربعاء 22/1/2025م، أن الرئيس الأمريكي وقّع أمراً تنفيذياً يعيد تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية أجنبية". وأضاف في بيان أن "أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والموظفين الأمريكيين في الشرق الأوسط وسلامة أقرب شركائنا بالمنطقة واستقرار التجارة البحرية العالمية". وأورد الأمر التنفيذي أن الحوثيين "شنوا هجمات كثيرة على بنى تحتية مدنية، بينها هجمات عدة على مطارات مدنية في السعودية"، بالإضافة إلى إطلاقهم "أكثر من 300 مقذوف على كيان يهود منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023". وذكرت ورقة حقائق نشرها البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني، حول إعادة تصنيف جماعة الحوثيين منظمةً إرهابيةً أجنبيةً، أن ترامب في آخر أيامه كان فرض هذا التصنيف في كانون الثاني/يناير 2021، وأنه "في غضون شهر واحد من توليها السلطة، ألغت إدارة بايدن هذا التصنيف". واعتبرت الورقة أنه "نتيجة لسياسة إدارة بايدن الضعيفة، أطلق الحوثيون النار على السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية عشرات المرات، وشنوا العديد من الهجمات على البنى التحتية المدنية في الدول الشريكة، وهاجموا السفن التجارية التي تعبر باب المندب أكثر من 100 مرة".
وأدانت حكومة الحوثيين في بيان، الخميس، قرار الرئيس الأمريكي بإعادة تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية، وأكد البيان أن الإرهابي الحقيقي هو أمريكا التي تشارك كيان يهود في قتل أطفال ونساء غزة لأكثر من عام بالأسلحة المتطورة الفتاكة وبالغطاء السياسي والإعلامي، واعتبرت "أن هذا القرار القديم الجديد لا يخدم الاستقرار في المنطقة وجهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق السلام العادل والمشرف للشعب اليمني"، داعية "أحرار العالم إلى إدانة قرار التصنيف الذي جاء على خلفية الموقف المبدئي والمشرف للشعب اليمني في نصرة ومساندة الأشقاء في غزة وكل فلسطين".
يعد هذا التصنيف هو الأقسى والأكثر صرامة بحسب خبراء، وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن قد وضعت في 17 كانون الثاني/يناير 2024م الحوثيين، في قائمة "الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص"، وهذا التصنيف يركز على تجميد الأصول وحظر المعاملات المالية، أي أنها اقتصادية أكثر وتديرها الخزانة الأمريكية وفيها بعض الاستثناءات بالسماح بالمساعدات الإنسانية، أما تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية، فهو يشمل تجميد الأصول وحظر جميع أنواع التعاملات المالية أو الشخصية أو حتى تقديم الخبرات الفنية والتدريب أو المساعدة، والتي قد تشمل إجراء اتصالات مع الحوثيين أو أي أفراد من الجماعة، وهو ما يشبه الحظر الاقتصادي، وتفرض عقوبات شديدة على من يحاول تجاوز هذه العقوبات.
إن تصنيف الحوثيين بالإرهاب هو كما يبدو في المدى المنظور ورقة سياسية تستخدمها الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض أمام الرأي العام الأمريكي كمحاربة للإرهاب، ولتحقق من خلال ذلك مصالحها، أو لامتصاص ضغوطات عليها، ويدفع عنها الحرج أمام الرأي العام داخل وخارج أمريكا في السكوت لسنوات طويلة على كيان لم يستخدم صندوق الانتخابات للوصول إلى الحكم. ولجعل الحوثيين أكثر طواعية لأمريكا تحت الضغوط الموجهة عليهم، بتجميد أصولهم المالية، وفرض عقوبات مالية، فعدم تصنيف الحوثيين منذ العام 2014م استفادت منه أمريكا في التخلص من الهالك صالح الذي كانت تدفعه سيدته بريطانيا للمحافظة على مصالحها في اليمن، وتراوغ أمريكا الحوثيين اليوم لتبنيها بدعوى رد الجميل لها حتى يبقوا جماعة شرعية، كالقبول بمشاركتها في إعادة الإعمار بعد وقف الحرب، وغض الطرف عن مشروعها القديم الجديد "أمن البحر الأحمر"، وإلا صنفتهم جماعة إرهابية.
إن هذا التصنيف يستهدف بالدرجة الأولى الجانب الإنساني والمعيشي السيئ في اليمن، فالخوف من أن يدفع بالبلد إلى مجاعة واسعة النطاق وأكثر مما هو موجود بسبب ما سيترتب عليه من عراقيل، وسوف يمد فترة الصراع على البلد. أما الحكام فهم لا يعيشون ولا يتعرضون لشظف العيش كما يتعرض له عامة الناس، إن جماعة الحوثيين تستغل التصنيف لترفع رصيدها أمام أتباعها المخدوعين بها، وإن حلقات الصراع الأنجلو أمريكي في اليمن متوالية تسحق الناس في طريقها، وهذا ظاهر لكل ذي عينين.
لن يخرج أهل اليمن وعموم المسلمين من مربع الاستعمار وتحكم الغرب الكافر بهم إلا إذا عادوا إلى دينهم، وجعلوه مصدراً لمعالجة قضاياهم وحل مشاكلهم، لا أن يتخذوه عقيدةً فقط دون أن يحكّموه في حياتهم وحل مشاكلهم التي تنشأ بينهم، قال تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾.
إننا نُجلّي هذه الأحداث للناس ليعرفوا المخططات التي تحاك ضدهم وكيف يستخدم الغرب الكافر أساليب وأعمالاً لإخفاء عمالة الحكام له ليظل يحكمنا عبر أبناء جلدتنا الذين باعوا دينهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! إن الوعي السياسي والنظر للأحداث من زاوية العقيدة تقي الأمة من الزلل والوقوع في شراك الكفار، وإن حزب التحرير يدعو الأمة للحل الجذري لتخرج من ظلمات الاستعمار إلى نور الإسلام في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ صادق الصراري – ولاية اليمن
رأيك في الموضوع