تبنى مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 8 آذار/مارس 2024م بأغلبية 14 صوتا، مشروع قرار يحمل الرقم 2724 يدعو لوقف الأعمال العدائية في السودان قبل حلول شهر رمضان، فيما امتنعت روسيا عن التصويت على مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا، ويدعو القرار جميع الأطراف إلى تبني وقف فوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان.
كما دعا القرار جميع الأطراف لضمان إزالة أية عراقيل، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط التماس، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. والالتزامات المعنية في هذا القرار تشمل حماية المدنيين، والأعيان المدنية، والتعهدات بموجب إعلان جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع في 11 أيار/مايو 2023م والذي لم يتم الالتزام به.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا في اجتماع لمجلس الأمن الخميس؛ أي قبل يوم واحد من تبني المجلس لمشروع القرار، دعا جميع الأطراف في السودان إلى احترام قيم شهر رمضان من خلال احترام وقف الأعمال القتالية، محذرا في الوقت نفسه من أزمة إنسانية ذات أبعاد هائلة، مع تزايد خطر المجاعة. وجاء موقف الحكومة مرحبا ومتحفظا، حيث قال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، إنه تلقى رسالة من الفريق البرهان، قائد الجيش، ورئيس مجلس السيادة السوداني، يؤكد له فيها موافقته على مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة وقف القتال خلال شهر رمضان، مع قناعته بعدم استجابة الدعم السريع. وعلى الخط نفسه ذهبت الخارجية السودانية مرحبة بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، إلا إنها اشترطت تنفيذ قوات الدعم السريع لالتزاماتها باتفاق جدة المتعلقة بالخروج من منازل المواطنين، والأعيان المدنية، إضافة للانسحاب من ولايتي الجزيرة، وسنار، كما شددت على إعادة المنهوبات العامة والخاصة، ومحاسبة مرتكبي أعمال التدمير التي طالت المرافق العامة وممتلكات المواطنين.
وكما هو متوقع فقد رفضت قوات الدعم السريع شروط الخارجية السودانية، واعتبرتها تعجيزية وتهدف لعرقلة الجهود الدولية.
أما ردود الفعل الدولية والإقليمية فقد جاءت متباينة! فأمريكا والسعودية جددتا الدعوة بضرورة العمل على خفض التوتر، والمشاركة في حوار سياسي يسهم في حل الأزمة، وذلك من أجل تحقيق الاستقرار للسودان وأهله كما يزعمون، وهو زعم كاذب! فأمريكا هي من أوعزت لعملائها بإشعال هذه الحرب العبثية لإبعاد عملاء أوروبا وبريطانيا من حكم السودان، حيث ما زالت أوراق اللعبة بيد أمريكا التي تصر على الحوار على أساس ما تم في جدة بالسعودية، وقد أكد ذلك وزير الخارجية الأمريكي حيث أشار إلى أن العودة إلى مؤتمر جدة قد تمهد الطريق للفصائل المتصارعة في السودان للوصول إلى وقف إطلاق النار، الذي قد يؤدي إلى هدنة وسلام بشرط توفر العزم من جانب القوات المسلحة والدعم السريع.
أما روسيا الدولة الوحيدة التي امتنعت عن التصويت فقد قالت نائبة السفير الروسي في مجلس الأمن آنا إيفستينييفا "قررنا السماح بتمرير هذا القرار لأنه يتعلق بحياة السودانيين"، رافضة فكرة أن المجلس يمكن أن يفرض قواعده ومبادئه الخاصة على دول ذات سيادة، وتساءلت "ألا تعتقدون أن النفاق واضح للجميع؟" مضيفة "نحن نعرف النية الحقيقية للغربيين، إن المعايير المزدوجة صارخة خصوصا عندما تتلكأ الدول نفسها في تبني وثيقة بشأن وقف لإطلاق النار في غزة، حيث تحدث مذبحة حقيقية..." في إشارة منها إلى لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى حقها (الباطل) في النقض (الفيتو) ثلاث مرات في هذا الاتجاه. وقد صدقت فيما ذهبت إليه وهي كذوبة، فروسيا لا تقل وحشية عن الغرب في حربهم ضد الإسلام والمسلمين، فالكفر ملة واحدة، ولو أن روسيا على وفاق مع الغرب لما أظهرت هذه الحقيقة المرة، ولكن كما يقول المثل: "إذا اختلف اللصان ظهر المسروق"! ونحن نقول إذا اختلف الكفار ظهر حقدهم على الإسلام ونفاقهم للمسلمين.
أما بريطانيا فتريد من هذا القرار أن تقف الحرب، حتى تعود من باب الحوار السياسي الشامل لإدخال عملائها في اللعبة السياسية في السودان، وقد تزامن مع هذا القرار، تحرك رجالها، فقد جاء في الأخبار: أن وفدا من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك قام بزيارة للقاهرة، وقيل في بيان للتنسيقية إن الوفد سيبحث سبل الوصول إلى حل سياسي سلمي يؤسس لسلام مستدام.
من الواضح أن أمريكا لا تريد في الوقت الراهن إنهاء الحرب، وهذا يتضح أولا من صيغة القرار نفسه، فالقرار الأممي لم يصدر بصيغة الإلزام، إذ يدعو القرار الأطراف إلى تبني وقف فوري للأعمال العدائية قبل شهر رمضان، ولا يلزمهما بوقف القتال! أما الحديث عن رمضان فهو من باب ذر الرماد في العيون، فالأطراف المتحاربة لم ترع حرمة هذا الشهر الفضيل حيث اندلعت الحرب في العشر الأواخر من رمضان الماضي، وحرم الناس من فرحة العيد، بل إن الحرب استمرت في الأشهر الحرم، فهؤلاء لا يهمهم رمضان، ولا غيره من الشهور، فهم لم يراعوا حرمة دماء المسلمين، ولا يهمهم القتل والتشريد.
إن مصيبة المسلمين في كل مكان هي في حكامهم الذين خانوا الله ورسوله، حيث صاروا أداة طيعة في يد الغرب الكافر المستعمر، ينفذون مؤامراته على المسلمين طمعا في كراسي السلطة، فما يحدث في غزة خير دليل وبرهان. فعلى الأمة الإسلامية أن تتحرك لتغيّر عليهم، وتبايع رجلا مستكملا شروط الخلافة، تبايعه خليفة للمسلمين، فيوحد بلاد المسلمين، ويقيم فينا شرع الله القويم، ويقطع دابر الكافرين، ويحمل إليهم الإسلام ليخرجهم من ظلمات الكفر والشرك وجور الرأسمالية، إلى نور الإسلام وعدله فتشرق الأرض بنور ربها.
* الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع