(مترجم)
قبل زيارة رئيس وزراء الهند لأمريكا في 22 من حزيران/يونيو 2023م، التي ألقى خلالها خطابا أمام الكونجرس الأمريكي، وهي فرصة لا تتاح إلا لأقرب الحلفاء، أكّدت إدارة بايدن دعمها لعداء الهند، ففي الخامس من حزيران/يونيو 2023م، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن "شراكتنا مع الهند هي واحدة من أكثر شراكاتنا أهمية"، وفي اليوم نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن "سفر وزير الدفاع لويد أوستن واشنطن، ولقائه مع مستشار الأمن القومي (الهندي) أجيت دوفال ووزير الدفاع راجناث سينغ".
تقوم أمريكا بتقوية الهند لمواجهة الصين والمسلمين، وفي الوقت نفسه تعمل على إزاحة باكستان كتهديد أمام صعود الهند، وتستغل تحالفها مع حكام باكستان في سبيل ذلك، فعندما ضمّت الهند كشمير المحتلة بالقوة، أمرت أمريكا حكام باكستان بمباشرة سياسة ضبط النفس، والتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، وعندما تتصادم الهند مع الصين على حدودهما المشتركة، تمنع أمريكا باكستان من اغتنام الفرصة وفتح جبهة ثانية ضد الهند لتحرير كشمير المحتلة.
إن استراتيجية تقوية الهند وإضعاف باكستان واضحة لكل ضابط عسكري واعٍ، ولربما يعقد اليأس في قلوب الذين لا يستطيعون النظر خارج خيار التحالف مع أمريكا، الذي لا يزيد باكستان إلا ضعفاً بازدياد أمده. لكن حالة اليأس هذه يجب أن تدفع الضابط المسلم لاتباع البديل الوحيد وهو الإسلام متمثلاً في دولته، دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، التي ستقطع كل التحالفات الخبيثة مع الدول الاستعمارية، وتوحّد البلاد الإسلامية، كما ستفتح بلاداً جديدة للإسلام وتجبر أعداءها على التراجع، كما فعلت الخلافة الأولى من قبل.
أيها الضباط المسلمون: إن الخلافة الراشدة هي ضرورة العصر، ولم يفت الأوان بعد لوقف أعدائنا عند حدّهم، وإن إقامة الخلافة الراشدة فرض عليكم من ربكم، وكل تهاون في أداء هذا الواجب هو من الذنوب الكبيرة، ومسؤوليتكم أعظم من مسؤولية المسلم غير المقاتل، حيث يجب على المدني الدعوة إلى إقامة الخلافة الراشدة والسعي من أجلها، بغض النظر عن مقدار ما يبذله، فقد يقتصر على المطالبة بها، ولكنه لا يمكنه تسليم السلطة للمخلصين لإقامة دولة الإسلام عملياً، أما أنتم، فأنتم رجال الحرب، مثلكم مثل الأنصار رضي الله عنهم، وواجبكم هو إعطاء النصرة وضمان قيام الخلافة الراشدة عمليا، فإقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة لم تتم إلا بعد أن أعطى الأنصار رضي الله عنهم النصرة لرسول الله ﷺ.
ولا يشفع للضابط المسلم الاعتذار بوجوب طاعة القيادة العسكرية والسياسية الحالية، لأنّه ليس واجباً عليه أمام الله، ولن تنفعه معذرته هذه يوم الحساب، ولن تنقذه من العذاب، فقد قال رسول الله ﷺ: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» رواه البخاري ومسلم، فالحقيقة هي أنه لا وجود لمفهوم الطاعة لأي رجل أو مجموعة من الرجال إن كان في الأمر معصية للخالق عز وجل.
لا يستطيع الضابط المسلم الادّعاء أن هذه ليست مسؤوليته الشخصية، أو أنه غير مجبرٍ على التحرك ما دام غيره لا يتحرك، أو بأنه سيعمل بعد أن يبدأ غيره... وذلك لأن كل ضابط مسلم هو حارس مؤتمن على الإسلام، قال النبي ﷺ: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِلَيْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ لَعَلَّهُ لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ» رواه الحاكم، وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "كان يقال ما من مسلم إلا وهو قائم على ثغرة من ثغر الإسلام، فمن استطاع ألا يؤتى الإسلام من ثغرته فليفعل"، وهكذا، فعندما يرى الضابط المسلم أن بمقدوره منع الإضرار بالإسلام وتقويضه، فعليه أن يتصرف، ولو اضطر للتحرك بمفرده ضد تقدم العدو، وحثِّ الآخرين للوقوف معه، فعليه العمل بما توفّر لديه من إمكانات باذلاً قصارى جهده، متوكلاً على الله سبحانه وتعالى طامعاً في مرضاته، ولا يخاف دونه لومة لائم، أو نقصاً في الأنفس والأموال، لأن إقامة الخلافة الراشدة مسألة حياة أو موت، أي تتطلب بذل التضحيات، أما متاع الدنيا فهو إلى زوال، وقد حذّر الرسول الكريم ﷺ من إيثار الحياة الدنيا، فقال: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلّاً لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» رواه أبو داود وابن تيمية، وهكذا، فإن الضابط المسلم يملك قلب محارب شجاع، وليس قلب رجل ضعيف مغترٍّ بالدنيا، فهو دائم التأهب يترقب فرصة للتضحية في سبيل الله في أيّة لحظة، ولا يتشبث بالراحة والثروة، بل هو مستعد للقاء ربه كل يوم، ورغم أنه لا يتمنى لقاء العدو إلا أنه يتمنى لقاء ربه سبحانه وتعالى، لذلك فهو جاهز للاستشهاد في أي يوم... مثل هؤلاء المحاربين هم الذين يستطيعون إيجاد التغيير الحقيقي.
أيها المسلمون في القوات المسلحة الباكستانية! لا تظلوا رابضين حتى يفوت الأوان، وانبذوا التحالف مع الكفار، وجاهدوا في سبيل الله، واعملوا لوصول الإسلام إلى الحكم، وأعطوا النصرة للمخلصين في حزب التحرير الآن، حتى تتمكنوا من التخطيط والعمل الجاد من أجل التغيير الحقيقي.
بقلم: الأستاذ مصعب عمير – ولاية باكستان
رأيك في الموضوع