إطلاق للقنابل الصوتية والغازية وتكسير للأبواب والنوافذ، وسحل وضرب للنساء، إهانة واعتقال للرجال، تكسير وتخريب، مصاحف ملقاة على الأرض ودم على السجاد،... هكذا كان المشهد في المسجد الأقصى خاصة في المصلى القبلي الذي حوله جنود يهود إلى ساحة حرب وتخريب، وبقوا في المسجد الأقصى لإفراغه من المعتكفين لتمهيد الطريق أمام المستوطنين لتدنيسه في ذكرى عيدهم المزعوم، وهو ما حصل صباحا مع اقتحام المستوطنين للمسجد وتدنيسه كما يفعلون يوميا.
ما كان لكيان يهود أن يستبيح المسجد الأقصى يسحل المعتكفات ويذل المعتكفين ويخرجهم من المسجد الأقصى لو علم أن وراء هؤلاء جيوشا عزيزة تتحرك من أجلهم، وقد تجرأ على هذه الأفعال بعدما أخذ الضوء الأخضر من الأنظمة العميلة، خاصة الأنظمة المحيطة بفلسطين، فكيان يهود بات متيقنا أن ردود أفعال الحكام لن تتعدى استنكارات جوفاء ودعوة خرقاء للمحافظة على الوضع القائم، وهذه الردود بحد ذاتها تثبت كيان يهود في الأرض المباركة.
وبهذا المشهد الرمضاني المتكرر، وعبر الضوء الأخضر من الأنظمة يريد كيان يهود تقسيم المسجد الأقصى مكانيا بعد أن قسمه فعلا زمانيا ويريد أن يقول للأمة الإسلامية إن السيادة على المسجد الأقصى بيدي، أجعلكم تصلون فيه متى أشاء وأخرجكم منه متى أشاء، ولا اعتكاف في المسجد الأقصى إلا في ساعات يحددها هو بما لا يؤثر على الاقتحامات اليومية للمستوطنين.
هذا هو المشهد، كيان يهود يذل الأمة الإسلامية ويفرض معادلة جديدة مفادها أن مفاتيح المسجد الأقصى بيده! فهو الذي يحدد مواعيد الصلاة، ومواعيد الاعتكاف ومواعيد الوجود والخروج، يُخرج المسلمين متى يشاء كي يدخل المستوطنون من أجل أن يقوموا بقرابينهم، وبصلواتهم وطقوسهم التلمودية، فهل هناك إذلال أكثر من هذا الإذلال؟! إن ردود الأفعال لم تخرج عن إطار اللعبة المكررة الممجوجة التي لا تقدم ولا تؤخر في قضية الأرض المباركة، وإنما تثبت كيان يهود وتتعامل معه كحقيقة موجودة لا يمكن تغييرها، فعندما تطالب الأنظمة بالاستنكار ووقف الاعتداءات والتصعيد بالتهدئة، فإنها تعترف بكيان يهود وبسيادته على المسجد الأقصى! وتطلب منه كفاعل وبيده مفاتيح المسجد الأقصى أن يتوقف عن هذه الانتهاكات، وكأن أهل فلسطين طائفة ما تُنتهك حقوقها في بلد ما ويمكن المطالبة بهدوء الجبناء وبرودة الحمقى بحقوق هذه الطائفة.
بينما الموقف الحقيقي والشرعي هو أن يقتلع كيان يهود من جذوره، وإن ردود الأفعال الحقيقية تكون بإعلان الحرب وتجييش الجيوش لتحرر المسجد الأقصى.
إن ردود الأفعال على مستوى الأنظمة تأتي بإشارات أمريكية، فالحكام عملاء لأمريكا ويتحركون ضمن المنظومة العالمية، التي لا تؤثر على كيان يهود، وإنما تجعله كيانا شرعيا وتبقي هذه السيادة بيده.
وعلى مستوى آخر مؤلم جدا أيضا ما تقوم به بعض الحركات التي أصبحت مرتبطة وتدور في المنظومة العالمية نفسها والتبعية السياسية لأمريكا، بحيث أصبحت تدور في فلك ردود الأفعال نفسها التي لا تسمن ولا تغني من جوع فتطالب أهل فلسطين بالتحرك وحماية المسجد الأقصى!
إن اقتصار التحرك لحماية الأقصى على أهل فلسطين هو ضرب من الجنون، فأهل فلسطين يقومون بما عليهم وأكثر، والذي يجب أن يطالَب بالتحرك إنما هو الأمة الإسلامية، فقصر المطالبة على أهل فلسطين فيه تأبيد للاحتلال، وفيه إغلاق لباب التحرير، ويجب أن توجه الأنظار إلى استنصار الجيوش، حتى تستنفر وتتحرك لتحرير المسجد الأقصى، ولا يجوز للأمة الإسلامية أن تبقى صامتة ولا يجوز أن يبقى أهل فلسطين وحدهم يذودون عن المسجد الأقصى، فهل يمكن تحرير المسجد الأقصى بالاعتكاف فيه؟! هل يمكن تحرير المسجد الأقصى بشد الرحال إليه من أهل فلسطين الأسرى؟!
ورسالتنا إلى جيوش الأمة الإسلامية، جيش الأردن وجيش مصر وجيش الجزائر وجيش باكستان وجيش تركيا... إن هذه الجيوش يجب أن تتحرك لتحرير المسجد الأقصى.
إن العائق هم الحكام العملاء الخونة، لذا يجب اجتثاثهم، وإذا تحرك المسلمون في الأردن أو مصر أو في تركيا، فلا يجوز أن يكون تحركهم إلى السفارات للاستنكار والتظاهرات بل يجب أن يتجهوا صوب قصور الحكام لإزالتهم، وتحفيز الجيوش حتى تتحرك لاجتثاث هذا الكيان الغاصب، فهذا واجبهم حتى ينالوا رضا الله سبحانه وتعالى وتستعيد الأمة عزتها وكرامتها وتصلي في المسجد الأقصى المبارك.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع