عند العاشرة صباحا بتوقيت نيويورك يوم الثلاثاء 13/09/2022 قدم رئيس بعثة اليونيتامس في السودان إحاطة لمجلس الأمن الدولي، ومما جاء فيها وعده إياهم بأخبار سارة في إحاطته القادمة قبل نهاية هذا العام، لذلك استهل فولكر إحاطته يوم الأربعاء 07/12/2022 لمجلس الأمن الدولي بالأخبار التي تسر كبار المستعمرين المسيطرين على المجلس، يطمئنهم ويسعدهم بتوقيع الاتفاق الإطاري يوم الاثنين 05/12/2022 بين العسكر وبعض القوى المدنية بقيادة (قوى الحرية والتغيير) قائلاً: "ولكنّ ديناميات الأسبوعين الماضيين تبعث الأمل في أنّ السودان قد يجد مخرجاً من الأزمة ويشرع في مرحلة انتقالية جديدة أكثر استدامة. اسمحوا لي أن أشرح هذه الديناميات. يوم الاثنين الماضي، 5 كانون الأول/ديسمبر، وقّعت القيادة العسكرية ومجموعة واسعة من الأطراف المدنية على الاتفاق السياسي الإطاري". لا شك أن هذا الاتفاق الذي يراد له أن يؤسس في السودان لحياة على أساس العلمانية، أي فصل الدين عن الحياة، ولهذا ورد في الاتفاق أن: "السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية، السيادة فيها للشعب وهو مصدر السلطات"، وذلك كله مخالف للإسلام، حيث يجعل السودان دولة مدنية، أي دولة علمانية تفصل الدين عن الحياة، وديمقراطية تجعل حق التشريع للبشر، فلا تجعل السيادة للشرع الذي مصدره القرآن والسنة. وتجعل الدولة فيدرالية وهو نظام حكم مخالف للإسلام، ويجعل الدولة قابلة للتجزئة، ويجعل أقاليمها قابلة للانفصال كما حدث في جنوب السودان.
يبدو أن هذا الاتفاق مقصود منه إبعاد أي أثر للإسلام في السودان فقد ورد فيه: "لا تفرض الدولة دينا على أي شخص وتكون الدولة غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير. وتكفل الحريات والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان الدولية خاصة مواثيق حقوق النساء"، أي هذه القوى التي صاغت الاتفاق تعمدت إبعاد الإسلام عن المسلمين في هذا البلد المسلم! ويبدو أن فولكر قد خلط بين مصالح أولياء نعمته الذين جعلوه حاكما عاماً يصوغ حياة المسلمين في السودان، وهم أكثر من 96% من أهل البلاد، يصوغ حياتهم على أساس الكفر، وبين مصالح أهل السودان.
إن أهل السودان مسلمون، ولا يقبلون إلا بحياة إسلامية، ولولا سلطانهم المغتصب لما دخل فولكر إلى البلاد أصلاً، إلا معاهداً أو مستأمناً خاضعاً لسلطان المسلمين.
أيها الكافر فولكر، نحن نعلم موقفك من الاتفاق السياسي الأخير، بأنك تراضي الطرفين المتصارعين الأمريكي والبريطاني، فتحذر من فشل الاتفاق، إذ قلت في إحاطتك أمام مجلس الأمن الدولي: "مع اقتراب السودان من التوصل إلى اتفاق سياسي نهائي، فإن أولئك الذين لا يرون دعما لمصالحهم من خلال تسوية سياسية قد يصعدون محاولات تقويض العملية السياسية الجارية" (الراكوبة السودانية 8/12/2022). ونحن كذلك نعلم أن هذا اتفاق مؤقت بين الطرفين، ربما يكون بمثابة استراحة محارب، ومن ثم يستأنف الصراع حتى يتمكن طرف من الانتصار على الآخر.
ومما جاء في إحاطة فولكر لمجلس الأمن كذلك قوله: "سيؤدي الاتفاق السياسي النهائي، بمجرد التوصل إليه، إلى حكومة مدنية لا بدّ من أنّها ستكون في وضع أفضل لمعالجة الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي"، ثم استرسل في توضيح دركات السوء التي وصلت إليها هذه الملفات في السودان حيث أوضح قائلاً: "منذ بداية هذا العام، وردت أنباء عن مقتل أكثر من 900 شخص وإصابة عدد أكبر في إطار نزاع عنيف" وقال: "في جميع أنحاء السودان، نزح أكثر من 260 ألف شخص بسبب النزاع منذ بداية العام" وقال: "بحسب تقديرات الشركاء فإن 15.8 مليون شخص أي ثلث السكان سيحتاجون للمساعدة الإنسانية في العام 2023"، إن فولكر؛ هذا الكافر، وبغباء لا يحسد عليه، قد أقام الحجة على نفسه. ولعلنا نسأله في ظل أي نظام وصلت الأوضاع في السودان، هذا البلد الغني بثرواته وسكانه إلى هذا الدرك من السوء ومن الذي أوصلها لذلك؟!
أليست العلمانية؛ أي فصل الدين عن الحياة هي السبب المباشر في ذلك؟ هذه العلمانية التي تطبق في السودان منذ دخول الكافر المستعمر كتشنر بجيشه سنة 1899م، وعندما خرج بجيشه من السودان، خلفه وسط سياسي يحمل الفكر الغربي، فأصبحوا عملاء يخدمون أجندتكم ويروجون لمشاريعكم، هؤلاء هم الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة من الفقر والمذلة، رغم غنى السودان بثرواته الظاهرة والباطنة، والتي في ظل هذه الأنظمة، صارت نهباً لشركات الكافر المستعمر.
إننا نقول لفولكر، ارعوِ واصدق نفسك، وتحسس هذا المجتمع بعيداً عن الصورة التي رسمتها في خيالك، وأقمت لها البراهين الكذوب من هؤلاء الساسة المتهافتين على كراسي الحكم، وقادة العسكر الموالين للغرب المستعمر، والذين تتخابر معهم في الغرف المظلمة، فكل هؤلاء منفصلون عن أهل السودان فكراً ومشاعر، فإنك يا فولكر لو أردت الحقيقة لعلمتها، وجوهرها أن أهل السودان مسلمون ويتطلعون لأن يحيوا حياة إسلامية ملؤها الطاعة والعزة والكرامة، وفوق ذلك رضوان من الله أكبر. وإن غدا لناظره لقريب ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.
* عضو مجلس حزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع