إن الاتفاق الذي جرى في الرياض بين الانتقالي من جهة وحكومة هادي من جهة أخرى كانت أولى خطوات توقيعه في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2019م برعاية سعودية ومباركة أممية.
لكن بنود الاتفاق لم تكن مرضية للمجلس الانتقالي عميل بريطانيا رغم توقيعه عليه، فالبند الذي ينص على دمج قوات الانتقالي ضمن القوات العسكرية التابعة لحكومة هادي وتوجيهها بموجب خطط معتمدة وتحت إشراف مباشر من قيادة التحالف الذي تقوده السعودية عميلة أمريكا يعد بندا مجحفاً للانتقالي عميل الإنجليز فضلا عن بقية البنود التي يراها الانتقالي ومن ورائه بريطانيا تهدف إلى تحجيمهم لصالح نفوذ أمريكا خصوصا بعد أن أصبحت شرعية هادي عميل بريطانيا ورقة بيد عملاء أمريكا يجبرونه على إصدار القرارات التي تخدم أمريكا في البلاد، فهادي بمثابة الأسير في مملكة آل سعود وهذا الذي دفع بريطانيا إلى توجيه الإمارات للانخراط مع قوات التحالف ولكن وفق خطة مستقلة عن الخطة السعودية، فقد أسست الإمارات المجلس الانتقالي ووجهته بديل ورقة هادي والانقلاب عليها، فهادي وإن كان ورقة للإنجليز فقد صار في قبضة عملاء أمريكا يجبرونه على إصدار قرارات تخدمها.
فأعلن المجلس الانتقالي انقلابه على حكومة هادي في عدن وعقب ذلك دُعي للذهاب إلى الرياض لإيجاد تسويات بينه وبين حكومة هادي، وبالفعل ذهب وفد من المجلس الانتقالي إلى الرياض للجلوس مع وفد الحكومة وأجريت المباحثات برعاية سعودية اتفق عليها الطرفان، وبعد عودة وفد الانتقالي إلى عدن عاد لعرقلة الاتفاق وأعلن الإدارة الذاتية وفرض حالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في 25 نيسان/أبريل 2020م وهذا الأمر أدى إلى عرقلة اتفاقية الرياض مما دعا السعودية إلى استدعائه من جديد للجلوس على طاولة المفاوضات لإيجاد توافقات جديدة من شأنها أن تجعل الاتفاق ناجحاً، وكان ذلك في حزيران/يونيو 2020م وفي نهاية الشهر التالي أعلنت السعودية موافقة الطرفين على الآلية التي قدمتها لتسريع تنفيذ الاتفاق.
لكن الانتقالي ومن ورائه الإمارات وبريطانيا بقي يرى أن تلك البنود مفروضة عليه رغم توقيعه عليها وإعلانه التخلي عن الإدارة الذاتية وبالتالي لا بد من إعاقة تنفيذها بطرق أخرى.
وعند عودة وفد الحكومة إلى عدن تم استقبالها بانفجار هز مطار عدن بالتزامن مع وصول وفد الحكومة.
وكأن هذا الانفجار في هذا التوقيت يوصل رسالة مفادها أن حكومة هادي عاجزة عن حماية نفسها ووفدها، وهي خطوة من خطوات عرقلة اتفاقية الرياض، ولم يقف الانتقالي عند هذا فحسب بل قد قام قبلها وبعدها بأعمال أخرى من شأنها أن تظهره القوي عسكريا وصاحب الحاضنة الشعبية في المنطقة.
وبالتالي سوف يستمر الانتقالي بهذه الأعمال ليس من أجل أهل الجنوب كما يوهم الناس بل استجابة لأوامر الإمارات ومن ورائها بريطانيا.
فطالما بقي اليمن واقعا تحت الصراع الدولي فلن يستقر حاله أبداً وسيبقى يدخل من نفق إلى نفق بسبب هؤلاء الحكام العملاء، والمخرج واحد وهو الاحتكام إلى شرع الله بدولة يقودها أناس واعون مخلصون يحكمون بشرع الله وحده وإن حزب التحرير جدير بهذه القيادة فقد أعد العدة وهو بينكم ومعكم فانصروه.
وبالتالي فإن كل بلاد المسلمين ستبقى ميدان صراع ومرتعاً للكفار وعملائهم، وسيبقى أبناء المسلمين وقوداً لحروب عبثية لا طائل من ورائها سوى للكفر وأذنابه، وستظل الشعوب تتلقى الصفعة تلو الأخرى والضربة تلو الأخرى تارة بيد العنجهية الأمريكية وتارة بيد المكر الإنجليزية.
هذا هو حال المسلمين اليوم في كل بقاع الأرض يتقاذفهم الأعداء من كل جانب بسبب غياب الدولة التي يكون أمانها بأمان المسلمين وأحكامها هي أحكام الإسلام فقد هدمت دارهم وفقدوا الراعي وحلت محله ذئاب وكلاب بمخالب وأنياب رأسمالية تداعت وتتداعى عليهم كما تداعى الأكلة على قصعتها، ولا نجاة لأمة الإسلام إلا في الاستمساك بحبل الله وعروته الوثقى التي لا انفصام لها وذلك بإقامة الكيان الذي يحقق العبودية لله وحده؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي التي تحكم بالدين الذي ارتضى الله وهي التي يستبدل الله فيها خوف المؤمنين أمنا وضعفهم قوة فلا خوف فيها ولا عوز وبها يعود المسلمون إلى المربع الأول لقيادة العالم بالإسلام العظيم فيأمن الناس في ظل دولة الإسلام ويسعدون بتطبيق أحكامه، فحري بكل مسلم غيور على دينه محب لأمته واثق بوعد ربه مستبشر ببشرى الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، حري به أن يسارع في العمل لإقامتها مع حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، فتتضافر الجهود ولعل الله يجعل النصر والتمكين على يديه فتنهض الأمة بعد كبوتها كي تعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس.
بقلم: د. أحمد كباس – ولاية اليمن
رأيك في الموضوع