أصدر بنك السودان المركزي بياناً يوم الأحد 21/2/2021م بشأن تعويم سعر صرف الجنيه السوداني جاء فيه: "ظل الاقتصاد السوداني يعاني من اختلالات هيكلية تمثلت في الاختلال الداخلي (على سبيل المثال ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة) والاختلال الخارجي (ارتفاع عجز ميزان المدفوعات)، وقد تبدت ملامح وأعراض هذه الاختلالات في ارتفاع معدلات التضخم وتعدد أسعار الصرف والتدهور المستمر في سعر الصرف للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية". ويخلص البيان إلى القول: "... في هذا الإطار صدرت منشورات وضوابط بنك السودان المركزي الموجهة للمصارف وشركات الصرافة لتنفيذ الرؤية الإصلاحية للدولة اعتباراً من يوم الأحد الموافق 21 شباط/فبراير 2021م" وذكر البيان جملة مما قال إنها "تساهم في معالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد السوداني، وذلك بتوحيد سعر الصرف بما يساهم في تحقيق النمو".
سنتناول بالتفصيل بعض ما قيل إنه يساهم في تنفيذ الرؤية الإصلاحية للدولة، ونبين إن كان حقاً يساهم في ذلك أم لا:
أولاً: قالوا (توحيد واستقرار سعر الصرف...)، من المعلوم أن استقرار سعر الصرف يحتاج لموارد تحت تصرف الدولة، بمعنى أنه لا بد لها من احتياطي كاف من العملات الأجنبية وهذا غير متوفر للحكومة الحالية، ثم إن هذه التجربة نفسها قام بها النظام البائد عندما رفع سعر الدولار إلى 47 جنيهاً وكان في السوق الموازي (الأسود) 45 جنيهاً، وفشلت التجربة فشلاً ذريعاً لأن الحكومة وقتها ما كانت تملك من الاحتياطي للعملات الأجنبية ما يمكنها من الوفاء بكل الالتزامات، والظروف نفسها، بل أسوأ منها موجودة الآن.
ثانياً: قالوا (تحويل الموارد من السوق الموازي إلى السوق الرسمي...)، ولا ندري كيف سيتم ذلك؟! فمعلوم أن صاحب العملات يبيعها للذي يدفع أكثر، ومهما دفعت الدولة سيكون سعر السوق الموازي هو الأعلى، وقد أبدت بعض البنوك رغبتها في الشراء بسعر 400 جنيه للدولار الواحد.
ثالثاً: قالوا (تطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية، والدولية، والدول الصديقة، بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات)، وهنا بيت القصيد وهو أن الحكومة الانتقالية ما قامت بخطوة تعويم الجنيه إلا لأجل إرضاء صندوق النقد الدولي والدول الاستعمارية الطامعة في ثروات السودان حيث عبرت السفارة الأمريكية في الخرطوم عن ارتياحها بهذا القرار في بيان لها يوم الأحد 21/02/2021م، ففي اليوم نفسه الذي أعلن فيه عن تعويم الجنيه: "أعلنت السفارة الأمريكية في الخرطوم، اليوم الأحد، ترحيبها بقرار الحكومة الانتقالية بتعويم سعر الجنيه... ونوهت السفارة إلى أن قرار الحكومة سيساعد أيضاً الشركات السودانية بشكل كبير ويزيد الاستثمار الدولي لأن الشركات المحلية والأجنبية لن تواجه صعوبات في ممارسة الأعمال التجارية في السودان بسبب سعر الصرف المزدوج"، فعبر هذه القروض الربوية تُنهب ثروات السودان، وكذلك عبر ما يسمى بالاستثمار الأجنبي الذي في حقيقته استعمار جديد، واستحمار للشعوب! فالشركات الرأسمالية الكبرى همها الأول والأخير هو الربح والربح الفاحش، ويكفي استحماراً لأهل السودان ما فعل في شركات الاتصال التي تبيع لنا الهواء وتتربح مليارات الدولارات ولا يستفيد السودان منها غير الخدمة التي يمكن للحكومة أن تقدمها ويعود ريع هذه الشركات لأهل السودان.
نخلص إلى أن خطوة تعويم الجنيه لن تعالج الاختلالات الهيكلية للاقتصاد السوداني كما يدعون، وقد "نفى وزير المالية تحديد موعد زمني دقيق لجني ثمار تعويم الجنيه" (نبض نيوز)، وإنما ستزيد هذه الاختلالات، وإذا كانت هذه الحكومة جادة في معالجة الاختلالات الاقتصادية، بل والسياسية وغيرها فعليها أن تعطي الخبز لخبازه، وأن تسلم الراية لمن يعملون جادين وفق رؤية مبدئية تنبع من عقيدة أهل السودان؛ عقيدة الإسلام العظيم التي عبرها فقط يستطيع أهل السودان أن ينعموا بخيراتهم الوفيرة فوق الأرض وتحت الأرض.
سلموا الأمر لحزب التحرير ليقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ فبها وحدها تستقيم الأمور وتنتهي الأزمات التي صنعها الغرب الكافر، ومؤسساته الربوية ذات الروشتات المهلكة للبلاد والعباد.
فيا أهل السودان: لقد عشتم عشرات السنين في هجير الذل والهوان، عبر حكومات مدنية ديمقراطية، وأخرى عسكرية، فهلمّ في الذكرى المئوية لإسقاط الخلافة في 28 رجب 1342هـ لإعادتها راشدة على منهاج النبوة، حتى تنعموا برضا الله سبحانه، وبالحياة الكريمة الهانئة الآمنة في ظلها، فهي وحدها دولة الرعاية والكفاية.
الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع