(مترجم)
يبلغ تعداد المسلمين في العالم اليوم 1.9 مليار نسمة، وعلى الرغم من أن الأمة منقسمة إلى أكثر من خمسين دولة، إلا أنها تتمتع بموقع استراتيجي فريد، حيث تمتد من إندونيسيا في الشرق إلى المغرب في الغرب، وتتحكم بالطرق المائية الضرورية للتجارة العالمية، كمضيق ملقا ومضيق هرمز ومضيق البوسفور وقناة السويس. وتنعم البلاد الإسلامية بموارد طبيعية هائلة مثل النفط والغاز والفحم والنحاس والحديد والليثيوم والذهب. وتمتلك الأمة الإسلامية مجتمعة قوة عسكرية هائلة، فضلاً عن قدراتها الصاروخية والنووية بعيدة المدى. مع ذلك، وعلى الرغم من هذه المقومات الضرورية لإيجاد دولة رائدة في العالم، إلا أنه ليست للمسلمين مكانة في الشؤون العالمية، وهم يساقون مثل الماشية تتلقاهم ذئاب العالم من كل جانب!
إن وضعنا البائس هذا، على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي نمتلكها، يجبرنا على التفكير من أجل التغيير، ولكن الكثيرين يتعثرون في تفكيرهم، ظانين أن القوى العالمية الحالية أقوى من أن تُجابه. إلا أن القوة العظمى هي الله سبحانه وتعالى، وهو تعالى مع المؤمنين، وقد شهد التاريخ الإسلامي سقوط قوى عظيمة على يد الأمة الإسلامية بنصر من الله، قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، مع ذلك لا يزال الكثيرون يرهبون أمريكا (القوة العالمية المهيمنة حاليا)، على الرغم من أن القوات المسلحة الأمريكية في العقدين الماضيين واجهت هزيمة مذلة على أيدي رجال الجبال في أفغانستان؛ لدرجة أن واشنطن طالبت بالسلام معهم للحفاظ على نفوذها بأي شكل من الأشكال، هذه هي حقيقة القوة العسكرية الأمريكية؛ لا تقوى على مجابهة رجال الجبال.
أما بالنسبة للقوة الاقتصادية، فإن الاقتصاد الأمريكي - حتى قبل تفشي فيروس كورونا - كان يمر بأزمة عالمية أخرى بعد أزمة عام 2008م، وفي محاولة لدعم الاقتصاد الأمريكي المنهك، بدأ ترامب بتغيير نظام العولمة، من أجل إعادة الوظائف إلى أمريكا، وقد شهد العالم حروباً تجارية بين أمريكا وأوروبا، وبينها وبين الصين، مع التحول عن تحرير التجارة إلى الإجراءات الحمائية، ومن المتوقع أن يحمى وطيس المنافسة حيث تكافح قطاعات كاملة من الاقتصادات العالمية وهي متعثرة.
من الناحية السياسية، فإن هناك تراجعا كبيرا في ثقة الناس بالديمقراطية، حيث يرفض عامة الناس حيازة النخب الحاكمة للامتيازات على حسابهم، فضلاً عن الاستياء من التمييز العنصري ضد العرقيات الصغيرة، وحركة "حياة السود مهمة" مثال واضح على ذلك. كما أن الشقوق والصدوع في المجتمع في أمريكا، التي لا يمكن التستر عليها تزداد اتساعا، وقد اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه الرئاسي الافتتاحي في 20 من كانون الثاني/يناير 2021م بقوله: "الفيروس متفش والعنصرية الممنهجة تتزايد، وكذلك الغضب والاستياء والكراهية والعنف والتطرف والخروج عن القانون... والمرض والبطالة واليأس تنتشر".
إن حالة الضعف لدى القوى الكبرى، بما فيها أمريكا، تشكّل فرصة ذهبية للأمة الإسلامية لإقامة الخلافة، حيث يمكن أن تبرز كقوة عظمى من خلال توحيد البلاد الإسلامية جميعها في دولة واحدة قوية، وستكون الخلافة منارة هدى للمظلومين في العالم، فالحكام والمحكومون والسود والبيض والمسلمون وغير المسلمين سيحكمون جميعا بما أنزل الله تعالى، ولا يستقوي قوي على ضعيف.
لو علم الناس في العالم - ومنهم شعوب الغرب - العدل والرفاهية والأمن والأمان الذي يمكن أن يحيوا فيه في ظل الخلافة والحكم بما أنزل الله؛ لو علموا ذلك لزاحموا الأمة الإسلامية على المطالبة بإقامة الخلافة. لكن ما يحول بين العالم ونهضته بالإسلام هم صناديد الرأسمالية في العالم (أنظمة وحكاما ورجال أعمال مجرمين(، فهم يسعون جاهدين للحيلولة دون انفتاح البشرية على الإسلام وتعرفها عليه وإدراك حقيقة أن فيه وحده السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، لذلك حين تقام الخلافة قريبا بإذن الله، سيدخل الناس في دين الله أفواجا وستتساقط دول الكفر في العالم تباعا، كما قال جورج بوش الابن: "إنّ المسلمين إن تمكنوا من بلد مسلم واحد، فإن باقي البلاد ستتساقط تباعا مثل قطع الدومينو، وسيكون تدارك الأمر حينها متأخرا جدا"، وإن كانت هذه الحقيقة مدركة عند رأس الكفر، فكيف تغيب عن كثير من المسلمين وخصوصا أهل القوة والمنعة فيهم الذين يعتدّون بالسلاح والرجال؟! لقد آن أوان نصرة الإسلام من رجال النصرة لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فكل مقومات إقامتها مهيأة.
نائب الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية باكستان
رأيك في الموضوع