في العاشر من تموز/يوليو 2017م، قدّم فريق تحقيق مشترك شكلته المحكمة العليا لباكستان تقريره عن المعاملات التجارية لأسرة شريف الحاكمة، ولا سيما بعض الأصول التي تتجاوز دخلها المعلن عنه. لقد أُثيرت هذه القضية بعد نشر أوراق بنما الفيروسية في جميع أنحاء العالم العام الماضي، والتي كشفت عن الممارسات الفاسدة من الحكام في إخفاء ثروتهم غير المشروعة في الخارج في شركات بعيدة عن أعين الرقابة، وبذلك أُثيرت عاصفة حول نواز شريف (رئيس وزراء باكستان). مثل العديد من قادة العالم الفاسدين الآخرين، فقد شارك نواز في هذا الفساد أقاربُه، من خلال مساهمتهم في تلك الشركات في الخارج. لقد أدان تقرير التحقيق بشكل واضح نواز شريف، كما دعت وسائل الإعلام والمثقفون وأحزاب المعارضة إلى استقالة نواز شريف فورًا، ومع ذلك رفض هو وحزبه وأسرته - ومنها ابنته - التقرير رفضًا قاطعًا، ووصفوا أوراق بنما بأنها "حماقة" و"قمامة".
لقد طفح الكيل مع الناس من النخبة السياسية الفاسدة، وهم يستشعرون أنه لا أمل يُرجى من هذا النظام وما مشاركتهم في الانتخابات إلا اختيار لـ"أهون الشرين"، ومع ذلك، وعلى الرغم من صدور تقرير التحقيق، فإن الناس لم يخرجوا بعد إلى الشارع ضد النظام الحالي، كما فعلوا ضد الدكتاتور العسكري السابق (برويز مشرف) وقت إثارة الحركة القضائية ضده. لكن مسألة محاسبة الحكام أصبحت مدار حديث الشارع في جميع أنحاء باكستان، فيخوض رجال الإعلام والمحللون والأشخاص العاديون نقاش هذه المسألة ويؤكدون على ضرورة محاسبة الحكام للقضاء على الفساد. مع ذلك، ولكي تؤتي هذه المناقشات ثمارها، يجب أن يكون واضحًا أن الفساد والديمقراطية توأمان لا ينفصلان عن بعضهما، وهذه هي القضية المركزية التي يجب أن تكون محور النقاش، بدلًا من نقاش ما إن كان نواز شريف متورطاً فعلًا بقضايا الفساد أم لا، وما إن كانت اللجنة قد قامت بواجبها بأمانة أم لا، وما إن كان نواز سوف يستقيل أم لا، وما إن كانت المحكمة العليا سوف تنحي رئيس الوزراء أم سيتم تحويل القضية إلى مكتب المساءلة الوطني، ومن الذي سيكون رئيس الوزراء المقبل إذا استقال أو نحي...
هكذا فإنه أينما وجدت الديمقراطية فثمّ الفساد، فقد كشفت أوراق بنما عن الفساد في الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم، من روسيا إلى أمريكا الجنوبية، وليس فقط في باكستان. وفي باكستان، أعطت الديمقراطية التي سنّت مرسوم المصالحة الوطني الحريةَ للسياسيين الفاسدين للقيام بمزيد من الفساد، وسمحت للقانون بالتوقف عن ملاحقة الفاسدين إن هم أرجعوا قدرًا من ثروتهم غير المشروعة!
علاوة على ذلك، فإن الديمقراطية هي الحارس لجميع أشكال الفساد، المالي وغير المالي، وتسمح الديمقراطية للحكم وفقًا لأهواء ورغبات البشر، وليس وفقًا للأوامر والنواهي التي فرضها الله q. إن نواز شريف يقوم بالفساد عندما يحكم بالقوانين التي يصدرها البرلمان بدلًا من الشريعة التي أنزلها الله q، قال الله q: ﴿...وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، لذلك هو متورط في الفساد عندما يحكم بالنظام الاقتصادي الرأسمالي الذي يضمن تركّز الثروة في أيدي حفنة قليلة من الفاسدين، على الرغم من أن الله I يقول: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾، وهو متورط في الفساد عند قيامه بالتحالفات مع أعداء الإسلام والمسلمين، على الرغم من أن الله q يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، وهو متورط في الفساد عندما لا يحرك القوات المسلحة لتحرير المسلمين في كشمير المحتلة، على الرغم من أن الله q يقول: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾.وبذلك يتضح أن الديمقراطية تنتج الفساد وتحرسه، لأنها تضمن الحكم بغير ما أنزل الله q.
إن نواز شريف أو أي حاكم آخر يكون غارقًا في الفساد عندما يتخلى عن الحكم بالقرآن والسنة، وهذه هي ساحة الفناء الوحيدة للفساد التي يجب على المسلمين الالتزام بها في محاسبة الحكام. يجب على المسلمين التركيز على القضاء على الديمقراطية والعمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فحينها فقط يتم القضاء على الفساد والمفسدين.
* نائب الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية باكستان
رأيك في الموضوع