(مترجم)
لقد حقق عمران خان رئيس وزراء باكستان الجديد ما كان يحلم به طوال الـ22 عاماً الماضية، بعد أن كان لاعب (كريكيت) وأحد أنجح قادة فِرق الكريكيت في باكستان، وصل إلى ذروة الشهرة عندما أنهى مسيرته في الكريكيت، بالفوز بكأس العالم عام 1992م، وبعد تقاعده من اللعبة، بدأ ببناء أول مستشفى للسرطان في لاهور - باكستان، ومن أجل إكمال هذا المشروع سافر عبر باكستان، من المدن الكبرى إلى المدن الصغيرة لجمع الأموال، واستجاب له سخاء أهل باكستان بأكثر مما كان مُتوقعا، وفي نهاية المطاف افتُتح المستشفى في كانون الأول/ديسمبر 1994م، وفي العام نفسه أسس عمران خان حزبًا سياسيًا أسماه (حزب تحريك إنصاف PTI) في الوقت الذي كانت فيه السياسة الباكستانية منقسمة بين حزب الشعب الباكستاني (PPP) بقيادة بينظير بوتو، وحزب الرابطة الإسلامية (PML-N) بقيادة نواز شريف. لم يحقق الحزب نجاحًا يُذكر أول تشكيله، حيث فاز حزب عمران خان بمقعد واحد في الانتخابات العامة الباكستانية لعام 2002م، وقاطع الحزب انتخابات عام 2008م، بينما حصل في عام 2013م على أكثر من 7.5 مليون صوت، مما جعله في المرتبة الثانية من حيث عدد الأصوات والثالثة من حيث عدد المقاعد. وعلى الرغم من أنه كان يجلس في مقعد المعارضة للحكومة على المستوى الوطني، كان الحزب يحكم مقاطعة خيبر باختونخوا.
قاد عمران خان حملة سياسية قوية ضد الفساد وقدّم نفسه كقوة للتغيير خلال الحملة الانتخابية لعام 2018م، ووعد بأنه سيغير طبيعة علاقات باكستان مع أمريكا، والتي تقوم على التبعية لها، ووعد بأنه لن يخضع للهند، وبأنه سيشكل حكومة نظيفة لا يكون فيها أي تدخل سياسي في الدوائر الحكومية، ووعد بأن حكومته لن تستخدم المساكن باهظة الثمن للرئيس ورئيس الوزراء والمحافظين... وبأن حكومته لن تستخدم بروتوكولات السفر التي تثقل كاهل الناس وتُلجئ إلى التقشف، ووعد بأنه سيخفض من أسعار الكهرباء والوقود والغاز لخفض فاتورة الأعمال التجارية، وبأنه سيدافع عن قضية (ختم النبوة)، لقد وعد بأن يجعل باكستان دولة مثل "دولة المدينة" التي أقامها النبي e!
مع ذلك، فإن شعار التغيير هذا كان مجرد كلام، حيث يؤمن عمران خان وحزبه أيضاً بالديمقراطية والنظام الاقتصادي الرأسمالي مثل باقي الحكومات التي سبقته، فخلال الأسبوعين الأولين من حكومته، لم يلتزم بأيّ من وعوده، فنال لقب "السيد المتحول". وتؤكد الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، تؤكد أن علاقات باكستان مع أمريكا لم تتغير. وحتى قبل وصولهما إلى إسلام أباد، كان الأمريكيون يهددون بضرورة ضمان مصالح أمريكا في أفغانستان أو مواجهة عواقب وخيمة، تماما كما كان عليه الحال مع الحكومات السابقة، ولم يلتق وزير خارجية باكستان بنظيره الأمريكي فحسب، بل استضاف رئيس الوزراء عمران خان بنفسه بومبيو.
بالنظر إلى أول مئة يوم لحكمه، يتضح أنه لا يوجد أي تغيير في سياسة البلاد يتجاوز الشعارات، فقد رفعت الحكومة السابقة "لا للمزيد" عندما طلبت أمريكا "فعل المزيد"، وتؤكد الحكومة الجديدة على إعادة العلاقات معها. إن الحكام الجدد يسيرون على خُطا الحكام السابقين في تأمين المصالح الأمريكية في أفغانستان على حساب باكستان وأهلها، ويظلون يدّعون بأنهم يعملون على تأمين مصالح باكستان الوطنية، بينما الاستخبارات الأمريكية والجيش الخاص التابع لها يعملون في البلاد دون مساس بهم، على الرغم من سجلهم الحافل بسفك الدماء في البلاد، وظلت السفارة والقنصليات الأمريكية مفتوحة على الرغم من أنها مراكز تجسس لأمريكا، وظل خط إمدادات الناتو يعمل كالمعتاد، وهو شريان الوريد للقوات الأمريكية في أفغانستان، يمر عبر باكستان دون عائق، وظل الحكام على حثهم لحركة طالبان الأفغانية لإجراء محادثات مع أمريكا لتوفير الشرعية السياسية لاحتلالها في أفغانستان.
من الواضح أن التغيير لن يتحقق إلا عندما تقام دولة الخلافة على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع