(مترجم)
أفاد البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو يوم 13 آب/أغسطس 2018م، أنه بعد 10 سنوات من الأزمة المالية لعام 2008: "لا يزال الاقتصاد الأمريكي أصغر بكثير مما ينبغي أن يكون عليه"، والذي "يمثل خسارة في الدخل على أساس القيمة الحالية تبلغ حوالي 70.000 دولار لكل أمريكي"، و"أمريكا ليست وحدها".
تعتبر الأزمة المالية العالمية لعام 2008 هي ثاني أكبر أزمة مالية في العصر الحديث تتسبب في انهيار عام لقيم السوق المالية. لقد شهد يوم الاثنين الأسود، في التاسع عشر من تشرين الأول/أكتوبر 1987، أكبر نسبة انخفاض في تاريخ وول ستريت، وما كان مشتركاً بين عامي 1987 و 2008 هو أن الانهيار لم يقتصر على أسواق معينة، بل شمل نظام الأسهم والسندات والذهب والسلع، وسرعان ما تسبب في الذعر في جميع أنحاء العالم. ويبين التقرير أن آثار عام 2008 لا تزال موجودة، والعالم كله يعاني. لقد أثار الانهيار أزمة الديون الأوروبية وهدد بإسقاط الاتحاد الأوروبي والعملة الموحدة، وما زال الخطر قائمًا. إن الترابط بين الأسواق المالية المختلفة والسهولة التي يمكن بها للأصول الورقية عبور الحدود الوطنية هو السبب في أن انهيار أحد الأسواق المالية أو البنوك يمكن أن يتسبب في أزمة عالمية.
كان العامل المحفز للأزمة المالية هو انهيار بنك ليمان براذرز في 15 أيلول/سبتمبر 2008، والذي تسبب في حالة من الذعر من خلال إظهار أن البنوك الأمريكية لم تكن "أكبر من أن تفشل". في غضون شهر، أجبر الانهيار المالي العالمي الحكومات على ضخ رؤوس الأموال في بنوكها لمنع انهيارها جميعًا. ثم مع أزمة الديون الأوروبية، أصبح من الواضح أن الدول الغربية الغنية يمكن أن تتعرض للإفلاس، كما يتعين إنقاذها مثل البنوك. وكانت البنوك تستثمر مبالغ كبيرة في سوق الرهن العقاري الذي يطلق عليه "الرهن العقاري الثانوي"، مما يعني أنها كانت تقرض المال، بأسعار فائدة أعلى، للأشخاص الذين يواجهون مخاطر كبيرة بالتخلف عن سداد قروض منازلهم. فقبل حدوث الانهيار، كان هناك ازدهار في قطاع الإسكان وشعرت البنوك بالأمان عندما علمت أنه عندما يتم إفلاس المقترضين، فإن قيمة منازلهم ستكون أكثر من قيمة ديونهم. لقد حقق ليمان براذرز أرباحًا قياسية لمدة 3 سنوات، ولكن وبعد انهيار سوق الإسكان، انهار البنك أيضاً. قال بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو إن أزمة 2008 تسببت في "خسائر كبيرة في القدرة الإنتاجية للاقتصاد"، حيث إنه "من غير المحتمل أن يعود الناتج إلى مستوى اتجاهه قبل الأزمة"، لكنهم لا يعرفون السبب؛ "ليس لدينا بعد فهم جيد للآليات التي من خلالها يمكن أن يكون لاضطرابات السوق المالية تأثيرات دائمة على الإنتاج".
تم وضع القانون المالي للحد من مخاطر انهيار السوق في المستقبل. لقد أوقف العمل السريع في عام 2008 تأثير انهيارات البنوك الأمريكية، لكن تكلفة إنقاذ هذه البنوك كانت تقع في البداية على عاتق دافع الضرائب، وسعى قانون دود-فرانك في عام 2010 إلى منع دافع الضرائب الأمريكي من تحمل أعباء عمليات الإنقاذ في المستقبل. ولكن هذه تجربة مستمرة، وفي العام الماضي استبدلت إدارة ترامب قانون الاختيار المالي بــ"دود-فرانك"، الذي يأمل كاتبوه أن ينقذهم في المرة القادمة. قال الرئيس روزفلت ذات مرة: "إن البلد يتطلب تجربة جريئة وثابتة. من المنطق أن نأخذ طريقة ونجربها؛ إذا فشلت، نعترف بذلك صراحة، ونجرب أخرى"، وتستمر التجربة الرأسمالية اليوم - فنحن جميعًا فئران تجارب.
لن تحمي الأنظمة التجريبية العالم من الأزمات المستقبلية، لأننا نحاول إصلاح الشقوق في نظام اقتصادي قائم على الربا ونترك الأسباب الجذرية للمشكلة. علاوةً على ذلك، يتم إخراج الأنظمة إلى تجارب سابقة، بينما تستمر الابتكارات في الأسواق المالية والتكنولوجيات ذات الصلة. لقد جعلنا يوم الاثنين الأسود، وهو الانهيار الكبير في عام 1987، أمراً أكثر سوءاً من خلال تكنولوجيا الكمبيوتر الجديدة التي سارعت إلى تعجيل المعاملات المالية، وبالتالي تسريع الانهيار. إن الأسواق المالية لعام 2018 ليست هي نفسها التي كانت في عامي 1987 و2008، ومن المتوقع المزيد من التغييرات. لقد تنبأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو في العام الماضي بأنه "من المرجح أن تكون تقنية سلسلة الكتل مصدرًا رئيسيًا للابتكار في الأسواق المالية المستقبلية". هذا هو ما تستند إليه عملة التشفير التي تسمى بيتكوين، ولكن بغض النظر عن تقنية بيتكوين المبتكرة التي تتيح للتجارة الدولية القائمة على المصالح بأن تتحرك بشكل أسرع، فسوف تتسبب أيضًا في حدوث الأزمات المستقبلية بسرعة أكبر من قدرة الحكومات الوطنية على التعامل معها، وقد يضطر الجميع إلى دفع ثمن ذلك.
رأيك في الموضوع