أجاز مجلسا السيادي والوزراء يوم 9/8/2020م تعديلات على موازنة العام 2020م جاءت كالآتي: انخفاض إيرادات الموازنة المعدلة من 568 إلى 396 مليار جنيه بنسبة 42% وارتفاع مصروفاتها إلى 635 مليار جنيه بنسبة 8%، والعجز بنسبة 350% من 73 إلى 254 مليار جنيه بزيادة 181 مليار جنيه، كما ارتفع حجم الاستدانة من البنك المركزي بنسبة 330% لسد عجز الموازنة من 61 إلى 200 مليار جنيه، وزيادة عرض النقود من واحد تريليون وثلاثين مليار جنيه إلى واحد تريليون ومائتي مليار جنيه، وزيادة معدل عرض النقود إلى 75.6% مقارنة بـ50.4%، وتراجع عائدات الصادرات المتوقع من 4.1 مليار دولار إلى 2.8 مليار دولار، وتراجع حجم الواردات من 7.3 إلى 5.7 مليار دولار. أيضا جاء في تعديلات الموازنة تخفيض قيمة الجنيه بنسبة 118% من 55 جنيها مقابل الدولار في السوق الرسمي إلى 120 جنيها، إضافة إلى رفع الدولار الجمركي الذي تقيّم به الواردات بنحو 30% شهريا.
في بيان، قال وزير الثقافة والإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، فيصل محمد صالح، إن السبب وراء تعديل الموازنة هو الحاجة لتبني سياسات لتخفيف التأثير السلبي لجائحة كورونا على الوضع الاقتصادي العام، التي تتمثل في انخفاض الإيرادات العامة بنسبة 40%، وازدياد حجم الإنفاق العام لمواجهة ظروف الجائحة، وما خلفته من تداعيات. موضحاً أن هناك تعديلاً في أسعار الكهرباء للفئات ذات الاستهلاك العالي وليس المحدود، وقال إن هذه الإجراءات ستحقق تحسناً في النمو الاقتصادي متدرجاً في نهاية البرنامج في عام 2021م بثماني نقاط، مما يسهم في التحكم بالتضخم الذي وصل إلى مستويات عالية.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إن حكومته ستشرع في رفع الدعم عن المحروقات بداية من آب/أغسطس الحالي. وأوضح أن الحكومة ستبدأ توحيد سعر صرف العملة في أيلول/سبتمير، أو تشرين الأول/أكتوبر المقبلين.
وقالت مصادر مطلعة وفقاً لوكالة رويترز، إن الحكومة السودانية سوف تبدأ برنامجاً لتعديل سعر صرف العملة من آب/أغسطس المقبل، مستهدفة الوصول إلى التحرير الكامل في غضون عامين. وذكرت المصادر أنه سَيُسمح للقطاع الخاص باستيراد الوقود باستخدام الدولار بسعر السوق الحرة من آب/أغسطس أيضاً.
لقد أثبتت الإجراءات الحكومية عدم قدرتها على وقف تراجع العملة المحلية في السوق السوداء، ويدفع هذا التراجع معدل التضخم إلى الارتفاع نظراً لقلة المنتجات المحلية، واعتماد البلد على الواردات. جاء بيان الجهاز المركزي للإحصاء مسجلا معدلا للتضخم في السودان لشهر تموز/يوليو 144% مقارنة بـ136% لشهر حزيران/يونيو". (سودان تربيون 13 آب/أغسطس 2020م).
ويبقى السؤال: لماذا عدلت الحكومة الموازنة؟ هل فعلا بسبب جائحة كورونا؟ قطعاً الإجابة لا ثم لا.. وكيف ذلك؟ فهذه الإجابة:
أولاً: الموازنة السابقة كانت موازنة تضخمية ووهمية لاعتمادها على السراب، ومِنَح ما يسمى بالدول الصديقة.
ثانياً: السعي وراء سياسات صندوق النقد وتنفيذ إملاءاته وأجندته، في أواخر شهر حزيران/يونيو 2020م أعلن صندوق النقد الدولي أنه توصل لاتفاق مع الحكومة السودانية يمهد لتنفيذ إصلاحات هيكلية في اقتصاد السودان (موقع عربي 21). إن حقيقة هذه الإصلاحات المزعومة هي تطبيق سياسات صندوق النقد التدميرية لاقتصاد البلاد. فهذه عين العمالة والخيانة التي جعلتهم يرتمون في أحضان الأعداء لتدمير اقتصاديات بلدنا وعدم الاستفادة من ثرواته وبيع ثرواتنا لأسيادهم.
سؤال لرجل رشيد:
تقول حكومة الخبير الاقتصادي الدكتور حمدوك: من المتوقع أن تتم السيطرة من خلال تعديلات الموازنة على متوسط معدلات التضخم 62.5% وخفضه لمستوى 30% في العام 2021م، فكيف تتحقق السيطرة على معدل التضخم المستهدف والسياسات الاقتصادية التي ضمنتها التعديلات كلها سياسات تضخمية؟! رفع الدعم - تحرير سعر الصرف - تحريك سعر الدولار الجمركي بزيادة 30% شهرية - وزيادة عرض النقود - والاستدانة من البنك المركزي (مزيد من طباعة العملة)، إضافة إلى أن معدل التضخم كان في حزيران/يونيو 136% وقفز في تموز/يوليو إلى 144% حسب تقارير الجهاز المركزي للإحصاء في السودان...
الآثار المتوقعة من تطبيق تعديلات الموازنة العامة للعام 2020م:
1/ إن هذه التعديلات في الموازنة العامة للعام 2020م واتباع مثل هذه السياسات الاقتصادية تنذر بزيادة جديدة في أسعار المحروقات مما ينعكس تأثيره على جميع السلع لأن الوقود سلعة استراتيجية، فتتأثر الصناعة المحلية والشركات المنتجة وينعكس على حياة الناس ضنكا وغلاء.
2/ إن السماح للقطاع الخاص باستيراد البنزين يكشف عن العجز الذي تواجهه حكومة الفترة الانتقالية في تلبية الحاجيات الأساسية للناس.
3/ إن تعويم العملة يعرض العملة المحلية للانهيار في سعر الصرف لم يشهد له مثيل، مما يتوقع أن تكون هناك زيادة في سعر الصرف إلى 200 جنيه في الأيام القليلة القادمة، وبالتالي ينذر بغلاء في جميع أسعار السلع المستوردة والمحلية مما يزيد من التضخم فتتحول حياتنا إلى جحيم لا يطاق، ولا فرق بين الحكومة الانتقالية والنظام البائد فهما وجهان لعملة واحدة وهذه الحكومة تسير في الاتجاه نفسه، إرضاءً للأسياد وتدميراً للاقتصاد وترغيماً وانتقاماً من العباد.
4/ إن سياسة تعديل سعر الصرف لها تداعيات سالبة على الاقتصاد خاصة وأن مستوى الفقر بلغ 60 بالمئة في حين إن وزير المالية السابق إبراهيم البدوي اعترف بارتفاع النسبة من خلال حديثه بتقديم الدعم المادي لنحو 80 بالمائة من أهل السودان مما يعني أن النسبة التي أشار إليها هي نسبة الفقر الحقيقية في البلاد.
5/ إن رفع الدولار الجمركي بنسبة 30% شهريا يؤدي إلى زيادة كبيرة جدا في أسعار الواردات والمواد الخام فهذا تدمير للاقتصاد وتضييق لحياة الناس، وعلى سبيل المثال: فإن صادر الفول السوداني تلف في ميناء بورسودان بسبب تضارب القرارات الاقتصادية ما بين السماح بالتصدير أو الإلغاء ومبلغ الخسارة كان 97 مليون دولار، وهذه خسارة كبيرة وهي دليل على أن الاقتصاد السوداني حالياً يدار بطريقة تدميرية، وللأسف فإن هذه الخسائر تحدث في كل قطاع الصادر والوارد، على سبيل المثال صادر الذهب الذي أصبح حكرا وبمبالغ ضخمة لا يعرف إلى أين تذهب؟! وفي مبادئ الاقتصاد معلوم أن الذهب يتم إيداعه في البنك المركزي كغطاء للعملة وهذا لا يحدث!
فحكومة الفترة الانتقالية تسير بأهل السودان إلى الهلاك والدمار والموت في سبيل إرضاء الاستعمار وتنفيذ روشتاته التدميرية.
فتعديل هذه الموازنة والذي هو ارضاء للكافر المستعمر يُعَدّ جريمة كبرى في حق أهلنا في السودان، والتي ظلت الحكومات المتعاقبة على السودان ترتكب الجرائم العظام في حقهم، فهذه موازنة لا يمكن أن تنفذ في شعب مكلوم لترديه إلى الهاوية وتسحق ما بقي من رمق لمعاش الناس في السودان، فما فعلته حكومة حمدوك لن يقل جرما عن حكومة الإنقاذ، فأي رعاية هذه يا هؤلاء؟!
وفي الختام:
إن النظام الذي يمارس على شعبه كل هذه الضغوطات وينفذ كل هذه السياسات التدميرية، أقل ما يوصف به أنه نظام عميل، جاء حتما لتدميره لا لإصلاحه، فهؤلاء بإذن الله إلى زوال، فالتغيير آت آت لا محالة، تغيير حقيقي يكنس نظام الخيانة ونظريات الاستعمار، ويقيم صرح الإسلام العظيم؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وليس ذلك على الله بعزيز.
عضو مجلس الولاية لحزب التحرير/ ولاية السودان
رأيك في الموضوع