رحبت الحكومة اليمنية بالإجراءات التي اتخذها التحالف العربي بقيادة السعودية بمنع قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي من العودة إلى عدن، كإعلان رسمي عن فشل اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي نهاية العام الماضي، وكشفت الرياض بهذا الإجراء صراحة عن عرقلة الانتقالي الجنوبي تنفيذ هذا الاتفاق وإفشاله.
ورغم أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قال إن بلاده تساند جهود المملكة المتواصلة لتطبيق اتفاق الرياض، إلا أنه معلوم في الأوساط السياسية أن الإمارات هي من تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي سياسيا وعسكريا، ولكنها لا تظهر في صورة المعارض للسعودية بل المرافق لها ضمن التحالف العربي في اليمن، إلا أنها في الوقت ذاته تقوم بعرقلة أعمالها داخل اليمن، عن طريق المجلس الانتقالي الذي أنشأته في عدن وتحتضن قياداته في العاصمة أبو ظبي.
ويبدو أن كلا الطرفين (الحكومة اليمنية من جهة، والمجلس الانتقالي من جهة أخرى) غير جادٍ في تطبيق اتفاق الرياض، الذي أجبرتهم السعودية على توقيعه في نهاية العام الماضي ٢٠١٩م. الذي يقضي بدمج المليشيات المسلحة التي أنشأتها الإمارات في الجنوب ضمن الجيش اليمني، ودمج قيادات المجلس الانتقالي ضمن السلطة في الحكومة الشرعية، إلا أن الإمارات تريد أن تحتفظ بالمجلس الانتقالي مستقلا عن الحكومة اليمنية لإضافة ورقة لعب أخرى بأيديها، وبهذا تعرقل الخطة السعودية في السيطرة على الملف اليمني برمته، بعد أن سيطرت على الرئيس اليمني عبد ربه هادي وقيدت قراراته وأجبرته على الإقامة في الرياض، في الوقت الذي دخلت في مفاوضات مباشرة مع الحوثيين دون الالتفات للحكومة اليمنية.
إلا أنه نتيجةً لذلك قام المجلس الانتقالي رداً على منع قياداته من دخول عدن بأعمال تصعيدية، إذ أعلنت قناة الجزيرة السبت 14 آذار/مارس الجاري، أن مطار عدن يشهد توترا بين المجلس الانتقالي والقوات التابعة للحكومة الشرعية التي تشرف عليها السعودية، في محاولة لكل فصيل السيطرة على المطار. وربما تشهد عدن أعمالاً قتاليةً أخرى في الأيام القادمة تقف خلفها السعودية والإمارات، اللتان من المفترض أنهما جاءتا لتحاربا الحوثيين.
لكن اختلاف الأجندة الدولية لكليهما يؤدي إلى هذا الصراع المكشوف، الذي يجعل من اليمنيين وقوداً له، إذ إن السعودية تنفذ المصالح الأمريكية في اليمن وتعمل على الحفاظ على الحوثيين أقوياء فتمنع تمدد الجيش اليمني في مأرب والجوف، بل وتسهل استعادة الحوثيين لما خسروه في تلك المناطق، عن طريق الضربات الجوية (الخاطئة) ضد الجيش اليمني وعن طريق شراء قياداته. في الوقت نفسه تسعى السعودية للتواجد في الجنوب والسيطرة على المنافذ في عدن وحضرموت والمهرة، وتبقي الحكومة (الشرعية) هناك مشلولة.
بينما تحافظ الإمارات على المصالح البريطانية في عدن عن طريق مليشيات النخبة والحزام الأمني وطبعاً المجلس الانتقالي الجنوبي لتبقى الأمور في الجنوب تحت أيديها، رغم الإعلان عن انسحاب قواتها من عدن.
ورغم مرور أكثر من ست سنوات على الحرب في اليمن، إلا أن أهل اليمن لم يدركوا بعد أن أرواحهم تقدم قرابين لإرضاء أمريكا وبريطانيا المتنافستين على النفوذ والثروة في البلاد، عن طريق العملاء الإقليميين (السعودية والإمارات) والعملاء المحليين (الحوثيين وحكومة هادي والمجلس الانتقالي).
يا أهل اليمن: إنكم سرتم وتسيرون خلف تلك القيادات التي لم تقدم لكم إلا مزيدا من الموت والدمار والخراب ومذلةٍ في المعيشة وغضبٍ من المولى جل في علاه.
إن حل الأزمة في اليمن واضح أمامكم وهو الرغوب عن تلك القيادات المحلية والإقليمية التي تدير الصراع الدولي في بلادكم، وتجعل أرواحكم وقوداً وحطباً له، فالتفوا حول من يدعوكم إلى طاعة خالقكم بإقامة شرعه وتحكيم كتابه في دولة خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، كان أجدادكم أنصاراً للأولى عندما اشتروا الجنة نظير نصرة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ومنهاجه، ونحن ندعوكم اليوم لتكونوا أنصاراً لإقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة، وتخلصوا بلادكم والدنيا بأسرها من شرور الرأسمالية والعلمانية وإبعاد الدين عن الحياة. قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾.
رأيك في الموضوع