انتظمت العديد من مدن السودان تظاهرات ومسيرات بعضها تطالب بتصحيح مسار الثورة وتحقيق شعاراتها، وبعضها تنادي بإسقاط النظام من جذوره، وبعضها تنادي بتفويض القوات المسلحة وإنهاء المهزلة التاريخية التي تعيشها البلاد. ومن الملاحظ أن التظاهرات التي انتظمت البلاد مؤخراً، لم يكن تجمع المهنيين داعياً إليها، كما كان يفعل في السابق وإنما لجان المقاومة على مستوى الأحياء هي التي كانت تدعو لها، وقيادات تجمع المهنيين لحقت بها بعد نجاحها.
وقد قدرت لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية) عدد قتلى الاحتجاجات في السودان منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي بــ246 شخصا، وعدد المصابين المسجلين لديها بألف و353 فيما تقدرهم وزارة الصحة بـ 184 قتيلاً.
لم تستطع قوى إعلان الحرية والتغيير أن تسيطر على كل لجان الأحياء الثورية مما جعل الكثير منها متفلتة وتدعو للتظاهر دون الرجوع للقيادة. ويطالب هذا التيار من اللجان بفتح ملفات قضايا الجرائم التي ارتكبت في حق المتظاهرين من قتل وترويع ونهب، وقضايا الخيانة العظمى المتمثلة في فصل جنوب السودان، ومحاولات تشويه الأحكام الشرعية برفع شعارات الإسلام، وإشاعة الجهويات وتهيئة البلاد لمشروع التفتيت الرأسمالي وبرعاية أمريكية، وهكذا ضاعت كل شعارات الثورة كما يقولون (شمار في مرقة) ونجحت لجان (قوى الحرية والتغيير) في تصفية القضايا.
استطاعت قوى إعلان الحرية والتغيير أن تهندس وثيقة الخيانة للثورة وتصفيتها بموجب الوثيقة حيث نصت على تعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة لا تملك وزارة الدفاع ولا تملك وزارة الداخلية ولا السلطة السيادية مما جعل منها سلطة فلسطينية أخرى في المنطقة فهي حكومة بلا قوة ولا سلطة دستورية! ما يعني أنها سلطة ولدت كسيحة! وقد قَبِلَ أصحاب الجوازات الأجنبية من قوى إعلان الحرية والتغيير بهذا الموضوع وهم يعلمون أن هذا لن يحدث تغييراً يذكر، وهذا يؤكد أنهم يطلبون السلطة والاستوزار فقط، وقد نجح المكون العسكري الأمريكي الولاء، في العبث بهذه الأحزاب التي تمتاز بالعمالة والضحالة في التفكير، نجح في التلاعب بهم وتركهم لجبال من الأزمات التي تطوق كل المسارات وجلس كل جنرال متكئاً على أريكته وهو يشاهد فشل المدنيين، بل عملية إفشال حكومة (قوى الحرية والتغيير) وخنقها بالأزمات، وقد صرح المكون العسكري أكثر من مرة محملاً المدنيين الفشل، جاء ذلك صراحة في اللقاء الذي أجرته قناة سودانية 24 مع النائب الأول لرئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي قال: (الناس ديل بشتمونا الناس ديل عملو مشاكل مع الداعمين السعودية والإمارات...).
وهناك أسباب عدة تجعل الثوار يتهمون قوى الحرية والتغيير بالعمالة والخيانة وبيع الثورة مقابل الاستبدال بـ(الكيزان) القحاتة أي الكيزان الجدد، منها على سبيل المثال (إقصاء الثوار الحقيقيين من العملية السياسية)، و(تأجيل ومعاودة تسويف وتأخير قيام سلطة تشريعية برلمانية)، منها أيضاً (تشكيل لجان لتصفية الثورة والتحكم في المعلومات التي تفلتت إلى الناس ومنها: لجنة فض الاعتصام لأجل شراء أو ترويع أو تصفية الشهود، وطمس الأدلة وتسويف الملف حتى تسليمه للنسيان والانقراض).
لجنة تفكيك التمكين وهي أكثر اللجان نشاطاً، حيث تقوم بإزالة موظفين ومسؤولين من الوزارات وتستبدل بهم موظفين ينتمون لقوى إعلان الحرية والتغيير دون مراعاة لكفاءة أو تخصص، كيف لا وهي التي جعلت على رأس وزارة النفط موظف بلدية! فحق لها بعد هذا أن تفعل ما تشاء من مجازر في الخدمة المدنية. وكذلك من الأسباب التي جعلت الثوار في حالة من الغليان والتأهب لاستمرار الثورة هو ظهور كشف يضم عدد 29 رائداً وغيرهم أحيلوا للصالح العام من القوات المسلحة، مع العلم أن بعضهم كان من أيقونات الثورة ومن ساهم في الوقوف مع الثوار متخذاً مواقف مشرفة لذلك كانت مليونية هي رد الجميل ووفاء لهؤلاء الضباط، لأجل مطالبة الدولة بعودتهم للخدمة ولكن الأجهزة الأمنية واجهت المتظاهرين بقوة مفرطة من الضرب والملاحقة.
لجنة البحث عن المفقودين لم نر لها ذكراً ولا ركزاً بين الناس، بل العكس تماماً فما زالت الأخبار تأتي من هنا وهناك باختفاء المزيد من الناشطين والثوار أو تصفيتهم ولم يكن آخرهم الشرطي نزار وهو أحد شهود المجازر.
وهناك لجان المقاومة التابعة لقوى إعلان الحرية والتغيير على مستوى الأحياء وهي تنشط في تكميم الأفواه والتصدي لكل من يشكل خطرا على حكومة الخيانة والعمالة خاصة أئمة المساجد، فقد تعرض خطيب الثورة الأستاذ/ محمد جامع مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير (وكان يخطب الجمعة في مسجد الجامعة ضمن ساحة الاعتصام) لمؤامرة إبعاده من المنبر، عبر لجان المقاومة بالكلاكلة، وكذلك ما حدث بحي ديم النور بمدينة القضارف حيث قامت لجان المقاومة بالحي بإرسال خطاب رسمي إلى لجنة المسجد تدعوها فيه لعدم السماح للخطيب بالاستمرار في الخطابة وذلك لأنه يتكلم في السياسة بحسب تعبيرهم!!
وبحسب الأحداث نيوز، شدد رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان في 21/02/2020م، بعدم التفريط في الدين ولا المساس به. في الوقت الذي يقول فيه البرهان إنهم لن يفرطوا في الدين ولن يسمحوا لأحد بالمساس به، لكنه يسمح لقوى الحرية والتغيير وحكومتها التنفيذية بأن تمارس إلغاء القوانين التي تجرم الدعارة واللبس الفاضح!! ويكمل البرهان سلسلة التعدي على حدود الله بالارتماء في أحضان يهود ومصافحة مجرم العصر، فلا يمكن لثورة يقودها الشرفاء أن تقبل بمصافحة رئيس وزراء كيان يهود فضلا عن التطبيع معه.
بعد انكشاف وفضح هؤلاء الخونة من أصحاب الجوازات الأجنبية، واستمرار الأزمات الخانقة، فإن الشارع سيغلي مجدداً بإذن الله، لأجل التغيير الجذري، ونسأل الله أن يكون التغيير القادم خلافة راشدة على منهاج النبوة.
مندوب المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير – الخرطوم
رأيك في الموضوع