مسيرات وتظاهرات سلمية منذ 18 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي وإلى اليوم تنتظم معظم مدن السودان مطالبة بإسقاط النظام.
رغم أن الاحتجاجات في السودان بدأت بمطالب إصلاحية، إلا أن القمع والدموية التي ووجهت بها من شبيحة النظام، جعل المحتجين يرفعون من سقف المطالب إلى شعار: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"تسقط بس". وهنا كان لا بد من توجيه رسائل للجميع، لأجل تصحيح المسار، وبلورة ما يجب أن يكون عليه الأمر في أساس الإسلام.
من المعلوم أن من يقف خلف انتفاضة السودان هم أهل البلد من السواد الأعظم من الناس والطلاب، الذين ليست لديهم انتماءات حزبية، ولكن كعادة التيار العلماني الغريب فكراً وشعوراً عن أهل السودان سارع بعض رموزه لمحاولة توجيه دفة الثورة، وأصبحنا نسمع شعارات ليبرالية، وأفكاراً علمانية ينادي بها البعض صراحة هنا وهناك، وذهب بعضهم أبعد من ذلك جاعلين من نظام الإنقاذ نموذجاً لمحاكمة أفكار الإسلام وبالتالي الدعوة لعلمنة البلد تحت ذريعة أن نظام الإنقاذ فشل وفشله هو فشل للإسلام.
وحيال هذا الواقع فإننا نذكر بالحقائق التالية:
أولاً: إن السواد الأعظم من أهل السودان مسلمون، وإن هذه الانتفاضة تحمل في طياتها بذرة الإسلام ومشاعره، وهذا يظهر جلياً في جعل المساجد في بعض الأحيان نقطة انطلاق للتظاهرات والتكبير والتهليل الذي يصاحب الحراك، وحالة التحرير للمنابر من المخدرات الفكرية، فأصبحنا في كل جمعة نسمع أن المصلين قاموا بإنزال الخطيب من على المنبر لأنه لا يتناول القضايا الحية وفقاً لما يفهمونه من الإسلام.
ثانياً: ليعلم أنصار الحضارة الغربية أن أهل السودان لن يقبلوا غير الإسلام بديلاً البتة، ونقول للذين يحملون الحضارة الغربية ويرفعون شعاراتها الساقطة من التنظيمات العلمانية التي تعمل في الخفاء ولا تستطيع المجاهرة ببضاعتها: إذا كانت لديكم الشجاعة فجاهروا بما عندكم من رؤية لما بعد سقوط النظام.. فمن المؤكد أنكم إذا فعلتم ذلك حذفتكم الجماهير بأحذيتها في الطرقات، فكفوا عن أهل السودان هداكم الله.
ثالثاً: إن شعار "تسقط بس" يكشف عن ضعف شديد في تصور البديل القادم، لذلك فليكن الشعار تسقط لأجل إقامة نظام الإسلام؛ الذي يضمن توزيعاً عادلاً للثروات بين الناس، تسقط لأجل تمكين الرعية من استصلاح الأرض والإنتاج، تسقط لأجل تحريم الربا وأكل أموال الناس بالباطل، تسقط لأجل طباعة عملة قوية تستند إلى قاعدة الذهب وتنافس عملات العالم، تسقط لأجل أن يكون السودان نقطة ارتكاز لدولة الخلافة الكبرى، تسقط لأجل فرحة المليار ونصف من المسلمين الذين ينتظرون من ثورة السودان النجاح والرفعة، تسقط لأجل قطع يد المستعمر الذي يعبث بأموال الأمة من الذهب والمعادن تحت مسمى الاستثمار.
رابعاً: نقول للثوار لا تستعجلوا النتائج فإن درب الكفاح طويل، وإن النظام القمعي الذي تتعاملون معه لم يخرج بعد كل ما في جعبته من دموية ووحشية.. وما حدث في رابعة ليس عنا ببعيد.. لذلك فلنتوقع المزيد من العنف، فالنظام يرتجف ويرتعب من إرادة الأمة ولا نستبعد أن يرتكب الحماقات حين فرفرته وهو يذبح.. فالصمود الصمود والكفاح الكفاح، وليكن المسعى لأجل إعلاء كلمة لا إله إلا الله حتى إذا سقط أحدنا حسبناه شهيداً فينا، لذلك فلنخلص النية لله فهو الجبار القهار وهو ناصرنا لا محالة، فقط علينا الاعتصام بمنهاجه، والمطالبة بأنظمته وأحكامه.
خامساً: فليباشر المنتفضون في كل مدن السودان الثورة الفعلية ضد النظام الرأسمالي وليرفض الجميع دفع الجبايات للدولة أياً كانت تلك الجبايات وتحت أي مسمى، وليكن الرفض لأجل أنها تشريعات وقوانين تخالف الإسلام وهي حرام لا تجوز في ديننا.
سادساً: ندعو جميع المهتمين بقضايا الأمة الحيوية إلى تقديم ما لديهم من رؤية لكيفية الخروج بالبلاد من أزماتها.. وإننا في حزب التحرير لدينا رؤية كاملة متكاملة لعلاج كل مشاكل المنطقة والعالم بأسره، كل مشاكل المسلمين والبشرية جمعاء، وندعو الجميع لدراسة هذه الرؤية التي أدرجناها في مشروع دستور دولة الخلافة وهو بين أيدينا.. فالتاريخ اليوم تصنعه الأمة فقط مرتكزاً على قيادتها الفكرية التي ورثتها من نبينا محمد e.. ولذلك نقول لكل الوسط السياسي هاتوا لنا فكراً وفقهاً من الإسلام، فالأمة اليوم في انتظار من يقدم لها الوعي لأنه الركيزة الثالثة بعد الفكرة الصحيحة والرجال الأكفاء والعسكر، فمن يقدم لناً وعياً صرنا له تبعاً.
رأيك في الموضوع