لقد كان الإنجليز يعولون كثيراً على شرعية هادي في إعادة نفوذهم إلى اليمن، إلا أن سيطرة الحوثيين على شمال اليمن وإمساك السعودية بهادي الذي أصبح أسيراً في قبضتهم؛ جعلهم يخططون لإبقاء سيطرتهم على جنوب اليمن، ورغم أن الإمارات الموالية لهم تفرض سيطرتها على مناطق واسعة في الجنوب لكن بريطانيا أدركت أنها لن تستقر في الجنوب ما دامت أمريكا تلاحقها وتضغط عليها للخروج من اليمن عن طريق عملائها عبر تحريك مسيراتهم في الشمال والجنوب. كما أدركت أن هادي أصبح مأسورا في السعودية ولا يستطيع تنفيذ مخططاتها فقررت أن تعد له البديل لتكون القوة في الجنوب تحت سيطرته فلا تستطيع السعودية إجباره على تنفيذ مخططات أمريكا كتنفيذ اتفاقية السويد التي نصت على بقاء الحوثيين في الحديدة، ولكن رغم هذا لا تزال تعول على هادي في خطة "أ".
وقد عملت بريطانيا على إبراز المجلس الانتقالي على أنه الممثل الشرعي لأهل الجنوب فقد تبنى الدعوة للانفصال، فأصبح بذلك مسيطرا على أغلب أتباع الحراك الجنوبي ومنهم بعض أتباع حسن باعوم الموالي لأمريكا فأصبح للمجلس اليد الطولى في الجنوب، فقامت بريطانيا في بداية شهر آب/أغسطس الماضي بتنفيذ خطتها وذلك بإشعال حرب عبثية ومسرحية هزلية لتسليم ألوية الحماية الرئاسية التابعة لهادي للمجلس الانتقالي، لتصبح قوة الإنجليز غير قابلة للاختراق، تسارعت الأحداث في عدن بين قوات الشرعية وقوات المجلس الانتقالي، فقد اشتعلت الحرب بينهم لمدة أربعة أيام حتى سيطر المجلس الانتقالي على عدن في يوم السبت 10/8/2019م، وقد سهل له ذلك الأمر كون هادي وحكومته من الموالين لبريطانيا مما ساهم في سرعة الحسم لصالح المجلس الانتقالي فقد (أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي باليمن مساء السبت السيطرة على قصر معاشيق الرئاسي في عدن بعد أربعة أيام من المواجهات وكذلك سقطت المعسكرات الأخرى والدوائر،كما أعلن قائد القوات الخاصة في الحكومة اليمنية اللواء فضل باعش السبت 10/8/2019م انشقاقه وانضمامه إلى قوات المجلس الانتقالي).
انزعجت القوات السعودية من ذلك كثيراً ودعت جميع التشكيلات العسكرية بما في ذلك قوات المجلس الانتقالي إلى العودة الفورية إلى مواقعها السابقة.
وبعد أيام دعمت السعودية قوات هادي خاصة الموالية للسعودية للسيطرة على عدن من جديد وبدأت قوات هادي بالتقدم من شبوة إلى أبين إلى عدن في سرعة قياسية وأعلنت السيطرة على قصر المعاشيق الرئاسي في 28/8/2019 إلا أن المجلس الانتقالي عاد وسيطر على عدن مرة ثانية في 29/8 بدعم من الإمارات التي ضربت قواتها معسكرات الشرعية وأوقعت مئات القتلى والجرحى، ورغم أن السعودية تسعى إلى السيطرة على المجلس الانتقالي كما سيطرت على هادي إلا أنها لا تستطيع ذلك لأن عيدروس الزبيدي في عدن وهو في حماية الإمارات بينما هادي في السعودية في قبضة عملاء أمريكا، والنتيجة من هذه اللعبة هي سيطرة عملاء الإنجليز على الجنوب سواء الانتقالي أو قوات هادي، وتريد أمريكا عن طريق السعودية الضغط على هادي لضرب الانتقالي مستغلةً وقوع هادي في قبضة السعودية لتتمكن السعودية بعد ذلك من النفاذ إلى بعض القادة الذين في صف هادي وأخذهم، وبالتالي الحصول على نصيب في جنوب اليمن وبالتالي خدمة أمريكا في جنوب اليمن.
والمرجح هو الحل السياسي الشامل سواء استمرت الأحداث في الكر والفر أو توقفت على ما هي عليه الآن ويرجع ذلك للأسباب التالية:
1- لم يعد الحسم العسكري لأحد الطرفين المتصارعين (أمريكا بريطانيا) ممكنا فقد أصبح ذلك شبه مستحيل.
2- طرحت أمريكا مبادرة للحل السياسي والخروج من الأزمة عقب سيطرة المجلس الانتقالي على عدن للمرة الثانية في 28/8.
3- دعا محمد البخيتي على صفحته فيسبوك إلى الجلوس على طاولة الحوار لإنهاء الحرب عقب سيطرة المجلس الانتقالي على عدن في المرة الأولى في 10/8 تزامنا مع دعوة السعودية الأطراف للحوار (ندعو المكونات السياسية وبالأخص المكونات الرئيسية ممثلة بأنصار الله وحزب المؤتمر وحزب الإصلاح والمجلس الانتقالي بالجلوس على طاولة الحوار لإنهاء الحرب والاتفاق على تشكيل سلطة انتقالية جديدة تمثل الجميع ومن ثم التوافق على مشروع المصالحة).
4- حصار الحوثيين بمعية القبائل للواء الفتح المدعوم من السعودية في كتاف بصعدة حيث ذكرت المصادر (أن أكثر من 200 جندي من لواء الفتح تم قتلهم من قبل المليشيا بعد توغلهم في كتاف، في وقت كانت الشرعية والمملكة اتفقت مع القبائل بعدم الدخول إلى مناطقهم وتجنيبها الحرب، لكن بمجرد توغل الأفراد، وفقاً لتوجيهات القيادة، غضبت القبائل فالتفت على الجنود وحاصرتهم بمعية المليشيا الحوثية، وجرى قتل الكثير منهم في مجزرة لم تشهد اليمن مثلها في تاريخ الحرب بين الشرعية والمليشيا في وقت تمكنت المليشيا بمساعدة القبائل من أسر ما يزيد عن 100 جندي من ذات اللواء، فيما عدد كبير من الأفراد ما يزال مصيرهم مجهولاً) (نيوز يمن). وبالتالي لم تعمل السعودية أي شيء لإنقاذه بل تركته لقمة سائغة لهم من أجل تسريع الحل السياسي.
5- أصدر يوم السبت 31/08 المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين قرار رقم 155 لسنة 2019م بإنشاء جهاز الأمن والمخابرات وهو دمج لجهازي الأمن القومي والجهاز المركزي للأمن السياسي، تحسباً للحل السياسي الشامل وقد عين عبد الحكيم هاشم الخيواني رئيسا له وعبد القادر قاسم الشامي نائباً له. (قناة العالم).
إن تقاسم السلطة في اليمن لن تصل إليه الأطراف المتصارعة إلا بعد بحر من دماء المسلمين الأبرياء، فها هي حرب عدن وهي تمثيلية بين عملاء الإنجليز هادي والزبيدي يذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى وكأن دماءهم ليس لها وزن ولا قيمة والرسول e يقول «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم
إن العملاء المتصارعين لا يهمهم التضحية بآلاف المسلمين في سبيل الحفاظ على مصالحهم وكراسيهم وخدمة أسيادهم الكفار ونشر ثقافتهم الفاسدة والحكم بعلمانيتهم النتنة وحرب الإسلام ومنع عودة دولته حربا لا هوادة فيها، فلا بد أن يعي أهل اليمن أن المخرج الوحيد الصحيح من كل الأزمات هو التخلي عن هؤلاء العملاء والعمل مع حزب التحرير على إسقاطهم وإقامة الخلافة على منهاج النبوة على أنقاض حكمهم.
بقلم: الأستاذ: شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع