التقى عبد الله الثاني ملك الأردن قبل أسبوع بوفد من ممثلي أوقاف القدس وشخصيات فلسطينية حيث استعرض بطولاته أمامهم قائلا: إن الأردن سيواصل بذل كل الجهود في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والنصرانية في مدينة القدس الشريف وأنهسيحافظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، وسيواجه أي محاولات تستهدف التقسيم الزماني أو المكاني في المسجد الأقصى، محذراً من خطورة المساس به.
وأكد أن دعم الأوقاف أولوية شخصية له وأساسي للحفاظ على المقدسات، مشيرًا إلى أنه وخلال الأزمة الأخيرة كان واضحاً أن أي توتر في القدس له انعكاسات إقليمية ودولية، حيث إن موضوع القدس مسألة ليست أمنية، بل سياسية بامتياز.
ولا بأس هنا من التذكير سريعا بتاريخ هذا النظام وأفعاله، فقد أنشئ هذا النظام بشكل إمارة شرق الأردن ابتداء باتفاق مباشر بين الجد الأكبر لهذا الملك؛ عبد الله الأول، ووزير المستعمرات البريطانية ونستون تشرشرل عام 1921 بعد اتفاقية سايكس - بيكو التي قسمت بلاد الشام والعراق بين بريطانيا وفرنسا.
والهدف الوحيد من إنشاء هذا الكيان وكما جاء في مذكرات الوزير البريطاني المفوض إليك كيركبردج "إن أراضي شرق الأردن قد خصصت لتكون أراضي احتياطية لتوطين العرب عندما يصبح الوطن القومي لليهود في فلسطين حقيقة واقعة".
ثم أصبحت الإمارة مملكة بعد إعطاء عبد الله الأول استقلالاً موهوما من بريطانيا، لتكتمل فصول الخيانة بتسليم فلسطين ليهود لتحقيق وعد بلفور تحت قيادة كلوب الذي كان قائدا للجيوش العربية التي دخلت تدافع عن فلسطين في حرب 1948، وفي الحقيقة كانت تنفذ قرار التقسيم على أرض الواقع.
وبعد ذلك في عهد الملك حسين تم تسليم باقي فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) لكيان يهود بمسرحية سميت بنكسة 1967 وسلمت القدس تسليما على طبق من ذهب لكيان يهود، وتوالت فصول المسرحية لاحقا بحرب التحريك 1973 ليذهب السادات بعدها ويوقع اتفاقية سلام مع كيان يهود (كامب ديفيد 1979)، ثم لحقه الملك حسين بتوقيع اتفاقية وادي عربة الخيانية عام 1994 التي أزالت الأقنعة والمساحيق عن وجوه هؤلاء المجرمين بحق الأمة وحق دماء أبنائها التي سالت مدافعة عن فلسطين والأقصى، حيث يصف حسين توقيع الاتفاقية وبكل جرأة أنه حلمه وحلم أجداده المأفونين.
وبعد تكشّف تاريخ العلاقات بين هذين الكيانين التوأمين منذ أيام الوكالة اليهودية واتصالها بالجد عبد الله الأول قبل قيام كيان يهود وتسليم فلسطين، مرورا بعلاقات الملك حسين ولقاءاته بزعماء يهود في لندن وفي إيلات وعمان، ولقاءاته مع قادة الموساد أيضا، وبعض الصحفيين اليهود نشروا أنها بدأت عام 1963 أي قبل تسليم القدس والأقصى بأربع سنوات، ثم استمرار هذه العلاقة الحميمة بين التوأمين وما نتج عنها من حماية ظهر كيان يهود طوال الفترة الماضية من أية أخطار يمكن أن تهدد وجوده، وتطور هذه العلاقة حتى وصلنا الآن لحماية النظام الأردني والعرش الهاشمي من قبل كيان يهود، وقد جاء في أحد صحفهم: أن كيانهم بحاجة للأردن كمنطقة أمنية عازلة لحدوده الشرقية، ويضع كيانهم أولوية لمساعدة المملكة، المساندة للغرب، في الحفاظ على استقرارها في مواجهة المسلحين المتشددين الذين يسيطرون على مساحات واسعة من سوريا والعراق.
علاوة على اتفاقيات التعاون تقريبا في كل المجالات؛ بدءا من التعاون الأمني والاستخباراتي، مرورا باتفاقيات الطاقة والغاز والمياه والتبادل التجاري والمناطق الحرة، حتى وصلت للتخطيط لإجراء مناورات عسكرية مشتركة بين الجانبين... ثم يأتي رأس النظام متبجحا أنه لن يسمح ليهود بتغيير الوضع القائم، وأنه لن يقبل بالتقسيم الزماني للأماكن المقدسة (والتي فعلها أبوه في الحرم الإبراهيمي وانتهت بتقسيم الحرم فعلا)! فعن أي وضع يتحدث ونظامه هو المسؤول بالدرجة الأولى عن وجود هذا السرطان في بلاد المسلمين وتثبيته، كونه صنيعة بريطانيا والغرب تماما كما هو كيان يهود.
وهو بهذا الفعل (الوصاية على المقدسات) يقزم قضية فلسطين، من بلاد إسلامية مغتصبة إلى مقدسات إسلامية، ويساهم بتثبيت يهود ويعترف بحقهم في فلسطين، وهو بهذا وبأفعاله على مدى سنين، يعلنها مدوية أنه عدو لفلسطين وعدو لمقدسات المسلمين والأقصى وعدو للأمة الإسلامية.
القدس والأقصى يحتاجان لجيوش ومجاهدين، ويحتاجان لأيدٍ طاهرة متوضئة لم تتلوث بمصافحة يهود أعداء الأمة، تقوم بتحريره وتحرير كل فلسطين من دنس يهود وأشياعهم وعملائهم، فقضية فلسطين وقضية الأقصى هي قضية عسكرية وليست قضية سياسية ولا تحل إلا بتحريك الجيوش، لا بالمفاوضات والاتفاقيات الخيانية.
هذا النظام وكيان يهود توأمان على وجه الحقيقة، ووجوده مشكلة بحد ذاته، وتحرير القدس والأقصى وباقي فلسطين يبدأ بإزالة هذا النظام من جذوره وقطع كل حباله وشرايينه التي تربطه بالغرب الكافر، وبأيدي أبناء هذا البلد المخلصين، وإلحاقه بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القادمة قريبا بإذن الله، التي ستزيل مظاهر الكفر وصنائعه ودوله من بلاد المسلمين لتعود هذه البلاد طاهرة من كل دنس، تعيش في طمأنينة وهناء كما وعد رب العزة، وبشر بذلك رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
بقلم: عبد الله الطيب – ولاية الأردن
رأيك في الموضوع