ضمن مسلسل خيانة وتآمر النظام الأردني أعلن وزير النقل الدكتور خالد وليد سيف عن "انتهاء وزارته من إعادة تأهيل الدراسات والمخططات السابقة لمشروع سكة حديد (حيفا) الذي يربط الأردن والدول العربية بفلسطين المحتلة. وأضاف: قريبا؛ ستستقبل الوزارة الراغبين في الاستثمار في مشاريع سكة الحديد من مختلف الدول والجنسيات، ولا يوجد "فيتو" على أي مستثمر". (جفرا نيوز 5/2/2020).
وهذا المشروع بمرحلته الأولى الذي يسمى (حيفا - إربد) وفقا للمخططات يجري الربط فيه بين مشروع السكة في مدينتي حيفا في فلسطين المحتلة وإربد الأردنية ولاحقا الأنبار وبغداد، والخليج العربي؛ هو مشروع يهودي صهيوني أعلنت عنه وزارة المواصلات في كيان يهود وطرح عطاء تنفيذ الجزء في الأراضي المحتلة في آذار عام 2011، وانتهى تنفيذ هذا الجزء منه عام 2016، ومؤخراً أعلن وزير النقل والاستخبارات في كيان يهود يسرائيل كاتس، خلال مؤتمر النقل الدولي الذي أقيم في العاصمة العُمانية مسقط في 6/11/2018، حيث قال: "سيمتد هذا الخط شرقا إلى معبر الشيخ حسين (الحدود الأردنية مع فلسطين)، ويتجه جنوبا إلى معبر الجلمة في الضفة الغربية؛ بحيث يمكن للفلسطينيين الارتباط به لتصدير واستيراد البضائع عبر ميناء حيفا، وأيضا باتجاه الشرق نحو الأردن والسعودية ودول الخليج".
وكشفت وزارة الخارجية في كيان يهود لاحقاً عن مشروع السكك الحديدية لـ"تعزيز السلام الإقليمي"، الذي طرحه وزير خارجية يهود يسرائيل كاتس خلال زيارته إلى الإمارات مؤخرا (1/7/2019)، وأوضحت الوزارة عبر صفحتها أن "قطار المرج الذي يمتد بين بلدتي حيفا وبيت شان، الذي بني على المسار التاريخي لخط حديد الحجاز وافتتح من جديد عام 2016، سيتم تمديده حتى الحدود الأردنية إلى معبر نهر الأردن الحدودي، الشيخ حسين، وقالت الوزارة إنه سيقام في الأردن ميناء شحن بري كبير ومعاصر سيعمل على نقل الشحنات إلى جميع دول المنطقة مما "سيساهم في تعزيز الاقتصاد الأردني إلى حد كبير". (الأردن (جو -24) 26/07/2019).
وفي مؤتمر المنامة عرض جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطة الشق الاقتصادي لصفقة ترامب المتعلقة بالأردن وورد فيها، تخصيص مليار و825 مليون دولار لدعم مشروع السكك الحديدية الوطني المقترح من الأردن لتطوير شبكة سكة حديد إقليمية، ومن المتوقع أن تشمل خط سكة حديد يربط عمان بالعقبة، وإمكانية تمديد السكك الحديدية الإضافية إلى الخليج العربي. (عمان نت 26/6/2019)
فواضح من الشواهد السابقة أن هذا المشروع هو تسويق لكيان يهود بتواطؤ وخيانة من نظام الأردن لتسهيل اختراق العمق العربي اقتصادياً بعد أن تحقق سياسياً، والذي لا يمكن أن يتم هذا الاختراق بدونه فهو حلقة الوصل الاستراتيجية لهذا المشروع كما هو دوره الوظيفي منذ نشأته، ولخطورة المشروع يجري تنفيذه على الأرض بهدوء دون لفت نظر الناس تجنباً لإثارة النقمة والاستنفار الشعبي الرافض لكل العلاقات مع كيان يهود، فقد جرت استملاكات هائلة على مسار خط سكة الحديد المقترح بحجة النفع العام، وتمت الإشارة إليه في لقاء الملك مع رؤساء الوزراء السابقين حيث برزت في النقاش عبارة "سكة حديد" ببعد إقليمي، والكلام ضمنيا عن مشروع ضخم لإقامة سكة حديد يراهن الأردن عليه لكي يتحول إلى "بؤرة لوجستية مهمة" في حركة شحن وتجارة ترانزيت على مستوى العلاقة بين الشرق الأوسط وأوروبا، والمشروع أضخم بكثير مما يعتقده أصحاب أراض في شمال وشرق الأردن استملكت عقاراتهم منذ أشهر بملايين الدنانير باسم المنفعة العامة. (القدس العربي 11 آذار/مارس 2019).
في الوقت الذي يعلن فيه هذا النظام لاءاته وكلّاته ويخدع الناس ويضللهم في الأردن، يستمر بتنفيذ كل اتفاقياته مع كيان يهود، فرغم الرفض الشعبي لصفقة الغاز والتلويح بإلغائها ها هو الغاز المنهوب ينساب ويصل لبيوتنا ومصانعنا رغم أنوفنا، ورغم كل المسيرات الرافضة له، ومن قبله اتفاقيات المياه والأمن ووادي عربة بسوءاتها وذلها، وفي الوقت الذي ترفض فيه فعاليات شعبية وبرلمانية غاضبة صفقة ترامب، نتحدث عن تفعيل مشروع سكة حديد مع كيان يهود الغاصب يربط حيفا المحتلة مروراً بالأردن وامتداداً لكل من العراق ودول الخليج، لتحقيق مصلحة العدو الاستراتيجية في الامتداد إلى عمق بلاد المسلمين!! مما يثبت فعلا أن هذا النظام هو توأم وصنو يهود ومن جنس أسياده الأمريكيين والأوروبيين، أعداء الأمة الذين ما تمكنوا من الأمة إلا بخيانة هؤلاء الحكام.
إن ما تسعى إليه الأمة وهي غاضبة من أفعال يهود واعتداءاتهم التي لم تتوقف منذ تسليم فلسطين لهم، وما يؤجج غضبها واستهجانها من صفقة ترامب المستحقرة، هو غير ما يسعى إليه حكامها. وهم يرون أن النظام لا يتحدث إلا بما يناسب مصالحه هو من تثبيت لعرشه المهزوز بشرعية إعطائه حق الإشراف على المقدسات في القدس، وليس مصالح البلاد والعباد، فهذه المشاريع الاستسلامية المتتالية مع كيان يهود التي تنفذ سراً وعلانية، لا تدل إلا على استراتيجة الإذعان لكيان يهود والتعاون معه مهما فعل.
فلا بد من وقفة واعية مخلصة ضد تنفيذ هذه المشاريع الاستعمارية الأمريكية اليهودية التي تحقق جزء منها على أرض الواقع وهي جزء من مشاريع الغرب الكافر المستعمر وما سمي صفقة ترامب، التي ما زال رجالات النظام والإعلام يرفعون شعارات التنفيس برفضها، والعمل بشكل جاد لإلغاء كل الاتفاقيات مع كيان يهود وإعلان حالة الحرب الحقيقية لكنس هذا الكيان المسخ وقطع أيدي الغرب الكافر في بلادنا بإزالة عملائه وأنظمته التي فرضها على هذه الأمة الكريمة.
لا شك أن الحل الجذري لهذه الأوضاع المأساوية التي تعاني منها الأمة هو بإقامة دولة الخلافة التي تحمي بيضة الإسلام وتحسن تطبيقه وتقود الجيوش لتحرير كل فلسطين وتطرد نفوذ الغرب وتقضي على أدوات تمكينه في بلاد المسلمين، وهذا وعد من الله سيتحقق قريباً بإذن الله، وحتى ذلك الحين لا بد من العمل الجاد وبإخلاص على وأد كل المشاريع التي يسعى إليها الحكام مع يهود بالإضافة للعمل المصيري والسعي لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة مع العاملين لها ونصرتهم. ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
بقلم: الأستاذ عبد الله الطيب - الأردن
رأيك في الموضوع