كشف موقع Axios الأمريكي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال لنظيره الأردني الملك عبد الله الثاني إنَّ حل الدولة الواحدة في الصراع بين الفلسطينيين ويهود ربما يؤدي خلال سنواتٍ قليلة إلى وصول شخص اسمه محمد إلى منصب رئيس الوزراء في كيان يهود، وذلك وفقاً لمصادر عدة اطلعت على تفاصيل اجتماعٍ عقد في البيت الأبيض.
ويرى الموقع الأمريكي أنه ربما تشير ملاحظات ترامب للملك عبد الله التي أدلى بها في اجتماعهما بالبيت الأبيض في 25 حزيران/يونيو إلى أنَّه يرى أنَّ حل الدولة الواحدة يمثل تهديداً لمستقبل كيان يهود كدولة يهودية.
وفي التفاصيل كما أورد الموقع الأمريكي أنه بتاريخ2 آب/أغسطس 2018، استضاف الملك عبد الله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في عمان، وأبلغه بتفاصيل اجتماعه مع ترامب في اجتماعهما في البيت الأبيض، وكان من أهم النقاط التي طرحها الملك أنّه حذَّر ترامب خلال الاجتماع في حزيران/يونيو من أنَّ "الكثير من الفلسطينيين الشباب لم يعودوا يريدون حل الدولتين، لكنَّهم يريدون العيش مع (الإسرائيليين) في دولة واحدة يملك الجميع فيها حقوقاً متساوية". وأضاف الملك أنَّه قال لترامب: "ستكون النتيجة أن تخسر (إسرائيل) هويتها اليهودية"؛ وهذا الطرح من الملك عودة مباشرة وبقوة لمحاولة إحياء المشروع الإنجليزي لحل القضية الفلسطينية الذي طرحته بريطانيا قديما لحل القضية وتجاوزته بل ودفنته أمريكا في مشروع حل الدولتين، ولذلك كان رده متهكما وساخرا حين أجاب الملك على هذا الطرح: إنَّ حل الدولة الواحدة في الصراع بين الفلسطينيين ويهود ربما يؤدي خلال سنواتٍ قليلة إلى وصول شخص اسمه محمد إلى منصب رئيس الوزراء في كيان يهود. رغم أن ترامب نفسه كان قد صرح أنه لن يفرض شكلا معينا وأنه يقبل بأية صيغة يتفق عليها ويقبل بها الطرفان.
وأضاف الملك أنَّه أكَّد على ترامب أنَّه لتحظى خطة السلام بالقبول يجب تقديمها أولاً للدول الأوروبية والعربية المعنية للحصول على آرائها، وشكا من أنَّ ذلك لم يحدث بعد.
ووفقاً للدبلوماسيين الفرنسيين، قال الملك عبد الله إنَّه طلب من ترامب ألَّا يتسرع بتقديم خطة السلام خاصته؛ "لأنَّ هناك مصاعب كثيرة حالياً".
وقال الملك إنَّ ترامب ردَّ قائلاً إنَّه ما زال يريد تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وما زال مهتماً بالمسألة.
وأضاف الملك أنَّ ترامب أكد أنَّه لو لم تنجح إدارته في عقد اتفاق بين يهود والفلسطينيين، فلن تنجح أي إدارة أمريكية أخرى.
وكان ملك الأردن قد أكد بعد عودته من واشنطن أن بلاده لن تغير أبداً مواقفها من القضية الفلسطينية، وذلك وسط تردد تقارير إعلامية كثيرة عن خطة تجهزها واشنطن تعرف باسم "صفقة القرن" وترمي لسلام بين الفلسطينيين وكيان يهود بعد إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة، بمساعدة دول عربية.
وقال عبد الله الثاني - خلال لقائه وجهاء وممثلين عن البادية الشمالية والوسطى والجنوبية بالمملكة، وفق بيان للديوان الملكي - إن موقف الأردن من القضية الفلسطينية يستند إلى ضرورة تحقيق المطالب العادلة للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها شرقي القدس، وفقاً لحل الدولتين.
ولنا أن نتساءل عن حقيقة موقف الملك فهو ينصح ترامب والإدارة الأمريكية بحل الدولة الواحدة للصراع ثم يناقض هذا الحل عند عودته ويلتزم بالرؤية الأمريكية بحل الدولتين، ولفهم هذا التناقض الظاهر في تصريحات الملك لا بد من فهم طبيعة العلاقة ما بين هذا النظام والغرب عموما وبريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص؛ فهذا النظام أنشأته وأوجدته بريطانيا لأهداف وظيفية تخدم في النهاية مصالحها ومصالح الغرب الكافر في الحفاظ على كيان يهود وتمزيق الأمة والحيلولة دون توحد الأمة بالمحافظة والدفاع عن حارات سايكس بيكو بقوانين ومعاهدات ومنظمات اصطنعوها لهذا الهدف بدءاً بمنظمة الأمم المتحدة وليس انتهاء بجامعة الدول العربية.
فهذا النظام بكينونته ومكوناته صنيعة غربية وليس وليدا شرعيا من الأمة ولها، ولذلك فهو حريص كل الحرص ومخلص كل الإخلاص في خدمة أسياده الذين أوجدوه، ونقصد هنا تحديدا بريطانيا؛ فهو منذ إنشائه لم يتغير ولاؤه لسيدته، لذلك كانت هذه المحاولة من الملك للتأثير أو للتشويش على سياسة أمريكا بأن الشباب الفلسطيني وخاصة بعد أفعال كيان يهود بتمزيق الضفة بالسور والمستوطنات يرفض حل الدولتين ويقبل بحل الدولة الواحدة ثنائية القومية، ولما لم يجد آذانا صاغية بل ويبدو أنه وصلته الرسالة وبأسلوب من السخرية أنه لا قبول بهذا الحل ولا أمل أن تقبل به أمريكا، لذلك وعند عودته صرح خاضعا للرؤية الأمريكية وأن بلاده لن تغير موقفها وملتزمة بحل الدولتين ليرضي أمريكا ويدفع بلاءها عنه وعن نظامه.
قضية فلسطين والقدس والمقدسات هي قضية أمة وليست قضية أنظمة عميلة ساهمت وساعدت في إيجادها بل وقامت بحماية كيان يهود منذ نشأته سرا وعلنا، وقامت بعقد اتفاقيات ومعاهدات مع هذا الكيان الغاصب، وما زالت سادرة في غيها تظن أنها بأقوال وتصريحات زعمائها تخدع الأمة عند حديثها عن مصالح الأمة ومستقبل شبابها وأبنائها المظلم الذين قامت هذه الأنظمة وبخطط غربية ممنهجة طبقتها بحذافيرها لإفقاد أبناء الأمة هويتهم وعقيدتهم الإسلامية وحرفهم عنها وتضليلهم بل وسرقة مستقبلهم حتى باتت أحلام معظمهم الهجرة من البلاد طلبا لحياة كريمة يفتقدونها في بلادهم، ولكنهم يمكرون ويمكر الله ومكرهم يزول بإذن الله تعالى.
تعددت المشاريع والحلول لقضية فلسطين وحاول كثيرون فرض حلولهم ورؤيتهم وكانت كلها تفشل إما لسوء توقيتها أو لتعنت كيان يهود ورجالاته وهذا من فضل الله تعالى، فقضية فلسطين هي قضية ثانوية مقابل أهم قضية يجب أن تشغل بال المسلمين ويعملوا على حلها ألا وهي غياب حكم الله وسلطان الأمة عن الوجود، فالأصل هو العمل على حل القضية الأساسية ألا وهي إعادة حكم الله تعالى في ظل خلافة على منهاج النبوة، باستعادة سلطان الأمة المسلوب من هذه الأنظمة العميلة، وبعد إيجاد الكيان الذي يحكم بالإسلام ويطبقه، تُجَيَّشُ الجيوش لتحرير بلاد المسلمين ومنها الأرض المباركة فلسطين لتطهير بلاد المسلمين من نجس يهود وأمثالهم، فتعود بلاد المسلمين خالصة نقية طاهرة تكبر ربها وتحمده وتنشر النور في أرجاء الأرض جميعا هداية للبشرية جمعاء وليس ذلك على الله ببعيد.
بقلم: الأستاذ عبد الله الطيب – ولاية الأردن
رأيك في الموضوع