كشف موقع "إنتلجنس أونلاين" الفرنسي عن اجتماع عقد في 17 من الشهر الجاري في العقبة جنوبي الأردن، ضم كلّا من رئيس الاستخبارات الخارجية كيان يهود (الموساد) يوسي كوهين ونظرائه السعودي خالد بن علي حميدان والأردني عدنان الجندي والمصري عباس كامل والفلسطيني ماجد فرج. وتناول الاجتماع قضايا على رأسها الرؤية الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط. وأوضح المصدر أن الاجتماع أعدّ له جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأمريكي وجيسون غرينبلات ممثله في المفاوضات. (الجزيرة نت).
وأضاف الموقع أنه في اليوم التالي للقاء، عقد نتنياهو اجتماعاً مع ملك الأردن، في 18 حزيران/يونيو الجاري، حيث بحثا الخطة الأمريكية للتسوية إلى جانب الأوضاع في سوريا. وثمة من تحدث عن مشاركة ولي العهد السعودي في ذلك الاجتماع.
ينفي الأردن وسلطة عباس حدوث مثل هذا اللقاء في العقبة، فيما تلتزم الرياض وتل أبيب الصمت فلا تنفيان ولا تؤكدان، على أن الخلاصة الأهم هنا تتمثل في أن الأطراف المعنية بما يسمى عملية السلام في المنطقة تعمل وفق مسارات عدة، بعضها سري وأمني يعنى بالتفاصيل ويسعى لإزالة من يعترض طريقه.
وقد تكررت وتواترت أخبار مثل هذه الاجتماعات مع ممثلي كيانيهود في العقبة كونها قريبة جدا من مدينة إيلات التي تجاورها على خليج العقبة، فقد كان الملك حسين في زياراته للعقبة غالبا يسهر في إيلات ويجتمع مع (أصدقائه)!! عدا عن الاجتماعات واللقاءات التي كان حسين يرتبها وينسقها لبعض الزعماء العرب للقاء بزعماء يهود، وقد حافظ ابنه عبد الله على هذا الإرث الخبيث من العلاقات والاتصالات مع كيان يهود وكان آخر ما تسرب من هذه اللقاءات لقاء عبد الله ونتنياهو والسيسي مع كيري وزير خارجية أمريكا عام 2016 وتسرب خبر اللقاء عام 2017 علما أن السعودية كانت غالبا حاضرة في مثل هذه اللقاءات ولحقتها أيضا الإمارات، ثم بدأت اللقاءات بشكل مباشر ودون حاجة للأردن في العهد السلماني الجديد في السعودية مما أثار حفيظة النظام الأردني وأشعره بالخطر لعدم الحاجة مستقبلا لدوره الوسيط؛ فالتآمر والخيانة أصبحا علانية ولا داعي لإخفائهما، واللقاء الأخير في العقبة يعني أن انخراط الرياض أكبر مما يظن، فبعد لوم القيادة الفلسطينية على فرص أهدرت كما نسب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تنتقل الرياض خطوة أخرى إلى الأمام، لتصبح لاعبا في العلن لا مراقبا ومعلقا، وهذا تطور بالغ الخطورة في رأي البعض لأسباب عدة، أهمها أن الرياض وتل أبيب أصبحتا تنسقان وتبحثان وتتعاونان، ولذلك وفق كثيرين فالمعنى الوحيد ربما أن العلاقة بينهما أكبر وأخطر من فتح سفارات، وأن أمر الإعلان عن هذا أصبح تحصيل حاصل.
دور النظام الأردني في تسليم فلسطين والقدس لكيان يهود وحماية هذا الكيان والحفاظ على حدوده وتوقيع معاهدة سلام مخزية مع هذا الكيان والترويج له وفتح الأبواب له في العاصمة وفي المدن البعيدة كالعقبة وتوقيع اتفاقيات تعاون أمنية وعسكرية واستخبارية واقتصادية كاتفاقية الغاز...الخ، كل هذا أصبح معروفا عن دور هذا النظام ووظيفته منذ إنشائه من قبل رأس الكفر بريطانيا آنذاك، أما الجديد الآن فهو دور كل الأنظمة والمشيخات التي أوجدها الغرب وكأن الوقت قد حان الآن لتظهر على حقيقتها وأنها أيضا وجدت وأنشئت خدمة للغرب ومشاريعه الاستعمارية وعلى رأسها حماية وتسويق كيان يهود؛ خنجر هذا الغرب الكافر في قلب الأمة.
يظن الغرب الكافر وسيدته أمريكا أنهم سيضللون الأمة من جديد بصناعة قدس جديدة ومشاريع اقتصادية وبضعة دولارات وإذا لم يفلح ذلك في إقناع الأمة فالحديد والنار وهنا يأتي دور أجهزة القمع التي اجتمع قادتها في العقبة ورسموا الأدوار والسيناريوهات المتوقعة لردود الأفعال عند الإعلان عما يسمى بصفقة القرن، فهذا الاجتماع وغيره من الاجتماعات واللقاءات والمؤامرات ما هي إلا حلقات متتابعة في تصفية قضية فلسطين وتسليمها بل والرقص والاحتفال باغتصابها من قبل أذل خلق الله يهود.
قضايا المسلمين اليوم والأمس كلها؛ من ضياع البلاد واستعمارها ونهب ثرواتها وإذلال شعوبها وأهلها واستمرار التآمر عليها وتضليلها من قبل الأنظمة التي أوجدها وزرعها الغرب الكافر، لا تحل ولا يؤمل أن تحل ممن تآمر وخان وباع وسلَّم، فهؤلاء أذناب الغرب وصنائعه ولا يرتجى منهم خير ولو تسمَّوا ونسبوا لأشرف الخلق أو انتسبوا لأشرف بقاع الأرض بلاد الحرمين، فكلهم يتسابقون في خدمة أذل خلق الله وفي خدمة أسيادهم في واشنطن ولندن وعواصم الغرب الكافر.
فلسطين والقدس لا تحررهما إلا أيدٍ طاهرة متوضئة، تصل ليلها بنهارها في خدمة دينها وربها ودعوتها وعلى طريقة نبيها محمد عليه الصلاة والسلام الذي علمنا أن تطبيق أحكام الله وحماية الأعراض والمقدسات لا تكون دون كيان ودولة، فهاجر عليه من ربي أفضل الصلاة والتسليم وأقام دولة الإسلام في المدينة بعد أن تحجّرت مكة أمامه ولم يستجب لدعوته ونصرته إلا أهل يثرب من الأوس والخزرج، فالنصر والعز والتمكين وعد من رب العالمين لأولئك الذين يسيرون على خطا الحبيب محمد عليه الصلاة والتسليم ولا يحيدون قيد أنملة عن ذلك ولو قاتلهم أهل الكفر وأذنابهم وأجهزتهم القمعية.
والأمة الإسلامية برغم كل المؤامرات والتضليل والخداع وصلت لقناعة أن هذه الأنظمة هي التي أوردتنا موارد الهلاك فغسلت أيديها منها ومن كذبها، وأصبحت تنتظر الخلاص منها اليوم قبل الغد، وما ذلك على الله ببعيد، وأن يعزنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة كما بشرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام.
بقلم: الأستاذ عبد الله الطيب – ولاية الأردن
رأيك في الموضوع