أصدرت يوم الأربعاء 24 أيار/مايو 2017 الرئاسة الجزائرية بيانا جاء فيه "وفقا للمادة 91 من الدستور وبعد استشارة الأغلبية البرلمانية عين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزير السكن السابق "عبد المجيد تبون" وزيرا أولا خلفا لعبد المالك سلال".
ثمّ أعلن "بوتفليقة" في بيان ثان يوم الخميس 25 أيار/مايو 2017 عن تشكيل حكومة جديدة:حيث أنهى الرئيس الجزائري مهام 12 وزيرا من حكومة سلال المستقيلة، واحتفظ بـ 11 آخرين، فيما عيّن وزراء جددا من بينهم أربعة ولاة جمهورية، وجدد ثقته في الفريق أحمد قايد صالح، وزير الدفاع رئيس أركان الجيش، وقد اعتبرت الصحافة الجزائرية هذا العدد الكبير من الوزراء المغادرين، تغييرا غير مسبوق، في الحكومات المتعاقبة خلال فترة حكم بوتفليقة ووصفت هذه الحكومة بحكومة تكنوقراط.
وفي أول تصريح للوزير الأول عبد المجيد تبون قال إن أولوية حكومته تتمثل في مواصلة كل مشاريع السكن وتسليمها لمستحقيها وإصلاحات في مجال التربية والصحة والاقتصاد، مؤكدا أن حكومته حكومة تحديات وتصحيح الأخطاء المرتكبة واستدراك النقائص.
وصرح تبون عقب استلام مهامه الجديدة خلال حفل تسليم المهام مع الوزير الأول السابق عبد المالك سلال أن "الأولوية الأخرى التي تفرض نفسها هي التحول الاقتصادي الذي باشره الوزير الأول السابق صديقي وأخي عبد المالك سلال، وهو تحول اقتصادي ضروري وعاجل حتى لا يبقى وضع الجزائر مرهونا بتقلبات أسعار المحروقات".
وأضاف أن الأمر يتعلق ببناء اقتصاد "أكثر عافية وتوازنا" "سيكون فيه للقطاع الخاص "مكانته الكاملة" وحتى مكانة ذات أولوية مع كل الضبط والرقابة التي يجب على الحكومة القيام بها باسم رئيس الجمهورية".
1- إن تغيير رئيس الوزراء وتعيين عدد كبير من الوزراء وصفتهم الصحافة الجزائرية بالتكنوقراط إيهامٌ للجزائريين بأنّ الفئة الحاكمة جادّة في التغيير والإصلاح، غير أنّ التصريح الأول لرئيس الوزراء الجديد يثبت أنّ الحكومة الجديدة ستستمرّ فيما بدأته حكومة سلال التي أدخلت صندوق النقد الدولي وبدأت في الخضوع لشروطه وإملاءاته. فعبد المجيد تبون رئيس الوزراء الجديد كشف عن "خطّته" الاقتصاديّة التي ستواصل "التحول الاقتصادي الذي باشره الوزير الأول السابق... عبد المالك سلال"، وهي سياسة اقتصادية تقوم على التقشّف (رفع الدعم عن المواد الأساسية) والسير قدما في الخصخصة، (سيكون فيه للقطاع الخاص "مكانته الكاملة") وزيادة الضرائب حتى لا تبقى الجزائر حسب زعمه مرهونة بتقلبات أسعار المحروقات.
2- إن تصريح رئيس وزراء الجزائر "الجديد" يكشف عقليّة السياسيين والحكّام في بلاد المسلمين وهي عقليّة لا ترى ولا تسمع إلا ما يفرضه عليها المستعمر من خطط وسياسات، ولا تستطيع رعاية شؤون النّاس، فمنذ أقل من 10 سنوات (أيّام الطفرة في أسعار المحروقات) سدّدت الجزائر كلّ ديونها وفاضت خزينتها بالأموال. فأين ذهبت تلك الأموال الطّائلة؟ ولماذا تعود الجزائر من جديد تحت سيطرة صندوق النقد الدولي؟!
3- إن ما حدث في الجزائر يُثبت أنّ النّظام الدّيمقراطي ما هو إلا نظام عبث وعجز، فالديمقراطيّة لا توصل إلا من يملك المال ويستطيع شراء الأصوات، والدّيمقراطيّة لا تعبأ بالملايين الذين رفضوا انتخاب هذه الفئة السياسيّة العاجزة الفاسدة، فنسبة المشاركة في الانتخابات الجزائريّة كانت فضيحة بكلّ المقاييس. بما يعني أنّ الشعب الجزائري رفض الفئة السياسيّة الحاكمة رفضا ظاهرا، ومع ذلك يتسلّطون عليه ويتقدّم عبد المجيد تبون ومن ورائه البرلمان "المنتخب" لينفّذ سياسة صندوق النقد الاستعماريّة.
4- إن التغيير الذي يتوق إليه الشعب الجزائري المسلم منذ عقود لن يكون بتغيير وجوه سياسية وحقائب وزارية، ولن يكون والدول الاستعماريّة تسطّر سياسة الجزائر وصندوق النقد الدولي ذراعها الاستعماري يطّلع على أدقّ أسرار الجزائر ويفرض الشروط، ولن يحدث التغيير الذي ينتظره أهلنا في الجزائر والنظام الديمقراطي يعبث بمصائرهم ويسلّط عليهم أصحاب المال والنفوذ.
5- إنّ التغيير الذي يتوق إليه الشعب الجزائري المسلم هو تغيير جذري شامل يزيل النّظام الديمقراطي الفاسد ويقطع يد الاستعمار العابثة الناهبة ويرسي نظام الإسلام العظيم أساسه عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، عقيدة أهل الجزائر المسلمين التي تنبثق عنها أحكام ربّانيّة أنزلها الله سبحانه وتعالى على الرسول e، تضمن للجماعة حق الأمن والتطبيب والتعليم ولكلّ الأفراد فردا فردا حقّ المأكل والملبس والسكن... وتضمن قبل ذلك وبعده عزّة وكرامة تأبى الخضوع للكفار المستعمرين وتفرض أن يكون السلطان للأمّة تبايع من يخلف فيها رسول الله eخلافة راشدة على منهاج النبوّة التي وعد بها ربنا وبشر بها نبينا عليه الصلاة والسلام «...ثم تكون خلافة على منهاج النبوة».
بقلم: سالم أبو عبيدة – تونس
رأيك في الموضوع