أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أنه خلال أسبوعين سيتم طرح خطة السلام الأممية للأزمة اليمنية، وفق ما أعلنته وكالة الأنباء العمانية الرسمية (اونا)، الجمعة 6 محرم 1438ه، الموافق 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016م.
وقال ولد الشيخ أحمد إنه حصل على موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، تكون مدخلا لعملية التفاوض التي سيجريها بين الطرفين للموافقة على الخطة الأممية، التي قال عنها إنها تشمل حلاً سياسيا بالإضافة إلى الحل الأمني (تسليم السلاح والانسحاب من المدن)، وكان ذلك هو شرط الحوثيين للدخول في أي تفاوض قادم، وهو أن يشمل الحل الأممي تشكيل مجلس سياسي تنبثق عنه حكومة وحدة وطنية.
وقال ولد الشيخ أحمد إنه متفائل بخصوص هذه الخطة، وإنه سيلتقي الجمعة بالرئيس اليمني عبد ربه هادي في الرياض، ثم سيعود إلى مسقط للالتقاء بوفد الحوثيين والمخلوع صالح.
إلا أن حكومة هادي أعلنت أنها لا تقبل أي شروط من الحوثيين للدخول في عملية التفاوض، وكانت قد وافقت على مسودة الخطة الأممية التي قدمت في الكويت والتي تقضي بانسحاب الحوثيين من المدن وتسليم السلاح ثم البدء بالتفاوض على شكل الحكومة القادمة.
ويبدو من الورقة المقدمة لولد الشيخ أحمد أنها تخدم شرط الحوثيين بأن جعلت الخطة تشمل في الوقت ذاته تشكيل مجلس رئاسي (الحل السياسي) والانسحاب من المدن وتسليم السلاح (الجانب الأمني). وبهذا يضمن الحوثيون مشاركتهم في السلطة القادمة ومن ثم تسليم السلاح لتلك السلطة ذاتها.
ليست هذه المرة هي الأولى التي تعمل فيها الأمم المتحدة (التي تتزعمها أمريكا) لتنفيذ شروط الحوثيين، بل تقدم المرة تلو الأخرى أوراقا لحل الأزمة اليمنية تجعل الحوثيين شريكا أساسيا فيها.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد أعلن من الرياض عن خطة حل تشمل المسار السياسي والأمني في آن واحد، وتجعل تسليم السلاح لطرف ثالث لم يسمه، وفي تسريب للبي بي سي اللندنية لتلك الخطة يقضي بأن لحكومة هادي الثلث في السلطة القادمة في اليمن بينما يتقاسم الحوثي وصالح الثلثين الآخرين، إلا أن حكومة هادي هاجمت تلك التسريبات وقالت عنها إنها (أضغاث أحلام)!
وبينما تحكم حكومة هادي السيطرة على المناطق المحررة في جنوب اليمن بمساعدة بارزة من مشيخة الإمارات، إلا أن الحرب لا زالت مستعرة في مناطق التماس بين الطرفين وأبرزها في مأرب ونهم والبيضاء وتعز، ولا يبدو أن لأحد الطرفين القدرة على حسم المعارك عسكريا، إذ إن القوات التابعة لهادي مكبلة بخيارات التحالف العربي العسكرية والتي تقودها المملكة السعودية، والأخيرة تعلن تكرارا ومرارا على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير أن الحوثيين لهم مستقبل في السلطة في اليمن، وبهذا لا يستطيع الجيش اليمني الموالي لهادي التقدم خطوة عن منطقة نهم القريبة من صنعاء لأن السعودية لا ترغب في ذلك، تنفيذا للخطة الأمريكية التي تقضي بجعل الحوثيين جزءاً من السلطة في اليمن، وبدون القبول بذلك الحل، ستراوح الحرب مكانها.
ورغم استطاعة حكومة هادي تحويل البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، ما يعني إحراز مكسب اقتصادي ومعنوي لحكومة هادي، إلا أن التصعيد العسكري الأمريكي مؤخراً في باب المندب بإرسال سفينتين حربيتين، يعد مؤشرا واضحا على أن الولايات المتحدة لا ترغب في التخلي عن أحد أهم الممرات العالمية لمنافستها القديمة الجديدة بريطانيا، والتي تحكم سيطرتها اليوم كما كانت بالأمس على جنوب اليمن من خلال مشيخة الإمارات عسكريا، أو مباشرة من خلال دعمها لحكومة هادي سياسيا في المحافل الدولية.
إن اليمن كانت ولا زالت جزءاً من جسم الأمة الإسلامية، والذي قضمها من جسم الدولة الإسلامية هو الاستعمار البريطاني الذي احتل عدن عام 1839م وجعل من باقي جنوب اليمن سلطنات تابعة له، ثم مع منافسة أمريكا للاستعمار القديم بعد الحرب العالمية الثانية، قامت بريطانيا بتسليم الحكم للجبهة القومية كي تحمي مصالحها هناك، ولا زال الصراع مستمرا بينهما إلى اليوم في تنافس محتدم على الثروة والسلطة في البلاد، وما أطراف الصراع المحلية الظاهرة في المشهد الحالي إلا أدوات تقوم بالاقتتال في ما بينها تنفيذا للمخططات الاستعمارية.
ولن يخلص اليمن مما هو فيه، إلا أن يعود جزءاً من الأمة الإسلامية، يقود مشروعها الحضاري العالمي خلافة على منهاج النبوة. وليس ذلك على الله بعزيز، إذا شددنا العزم وأخلصنا النية صوب تحقيق ذلك، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
رأيك في الموضوع