وصل المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثيين، رئيس الوفد المفاوض في مشاورات الكويت، محمد عبد السلام، إلى السعودية، في زيارة هي الثانية، خلال شهر تقريبا.
وكشف مصدر وثيق الاطلاع، يوم الأحد الماضي، لـ"عربي21" أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، وصل برفقة رئيس وفد الحوثيين، إلى السعودية، في مسعى لزيادة التنسيق بين الطرفين على جبهات الحدود التي عادت إليها المعارك مجددا، عقب رفع مشاورات الكويت لمدة أسبوعين.
فيما أعلن وزير الخارجية اليمني ورئيس وفد الحكومة اليمنية المشارك إلى مشاورات الكويت عبد الملك المخلافي، أنّ الملك سلمان أوصل رسالة واضحة أثناء استقباله الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، تـتضمن تأكيداً على استمرار السعودية بـ"عاصفة الحزم"، لحين عودة الشرعية إلى اليمن. وفي حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أشار المخلافي إلى أن الثقة اهتزت بـالمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بعد تقديمه مشروع "خريطة الطريق"، والتي استبق من خلالها نتائج المشاورات التي لم تـتوصل لأي نتائج فعلية، وإعلانه لهذا المشروع الذي لم يناقَش مع وفد الحكومة، خاصة وأن بعض جوانب "خريطة الطريق" طرحت في وقت سابق ورُفضت من الحكومة اليمنية.
هذا فيما أكد الرئيس هادي خلال زيارته يوم الأحد الفائت لمحافظة مأرب وخلال لقائه بالقيادات العسكرية وقيادة السلطة المحلية في المجمع الحكومي بالقول "لن نعود إلى مشاورات الكويت إذا حاولت الأمم المتحدة فرض رؤيتها الأخيرة عبر مبعوثها الدولي إسماعيل ولد الشيخ".
وأكد أن الحوثيين يسعون عبر مشاورات الكويت إلى شرعنة انقلابهم وليس تحقيق السلام الذي يحفظ دماء وكرامة أهل اليمن... مضيفا "لن يجدوا منا إلا الصمود في الميادين سياسيا وعسكريا".
وأضاف "... كنا بالأمس مع الأمم المتحدة وهي تحاول منا تشكيل حكومة ائتلافية، فقلنا لهم سنصدر بياناً أننا لن نذهب إلى مشاورات الكويت، ولن يقبل اليمنيون أن تكون اليمن دولة فارسية".
يتضح بشكل جلي ما تقوم به الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ من ضغوطات على هادي وحكومته للقبول بالحوثيين وإشراكهم في الحل السياسي الذي تطبخه الأمم المتحدة ومبعوثها الأممي وليست فقط ضغوطات سياسية بل وضغوطات اقتصادية أضعفت الحكومة في عملها في المناطق المحررة عبر عنها رئيس مجلس الوزراء في حكومة هادي الدكتور أحمد عبيد بن دغر بقوله (إن ما شجع مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، على التمادي في قطع الجزء الأكبر من المرتبات والمبالغ المخصصة لدعم شراء المشتقات النفطية، تلك السياسة البلهاء والتي سميت "بالهدنة الاقتصادية" التي فرضتها بعض الدوائر النافذة في السياسة الاقتصادية العالمية...)،
وقال أيضا (ينبغي على المجتمع الدولي أن يدرك أن لدى اليمن القدرة على التصدي لكل هذه المشكلات لو سُمح للحكومة الشرعية فقط بالمضي قدماً في بيع وتسويق نفط المسيلة، وتحرير نفط رأس عيسى من سيطرة مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية)!!
كما ويتضح كذلك موقف السعودية التي تقود التحالف أنه لا مشكلة لديها أن يشترك الحوثيون في الكعكة، لا عجب، فهي تخضع للإملاءات الأمريكية، وإن السعودية التي تسعى لأن تمسك بالملف الأمني في اليمن خدمة لأمريكا لا تخشى من الحوثيين الذين يحظون بدعم أمريكا والأمم المتحدة - حال تخليهم عن إيران - بقدر خشيتها من علي صالح الموالي للإنجليز والذي يسعى لإفشال أي اتفاق بينها وبين الحوثيين يستثنيه من الكعكة وهي نفس المخاوف الأمريكية، لقد وافق الحوثيون على نقل لجان التنسيق والتهدئة من الكويت إلى ظهران الجنوب في السعودية، بينما علي صالح يسعى لعرقلة ذلك كونها اتفاقات انفرادية، ومن الواضح أن ورقة علي صالح وجناحه لها ثقلها وقيمتها عند الإنجليز الذين سيستخدمونها في حينه خاصة مع فشل الحل السياسي الذي تصر فيه الأمم المتحدة بالضغط على هادي وحكومته للقبول بخارطتها المقترحة المتحيزة للحوثيين وعودة الحل العسكري وتحرير صنعاء للواجهة من جديد.
إن الأعمال العسكرية ستستمر بين أطراف الصراع سابقة أو متزامنة مع الأعمال السياسية، وإن التلويح بالحسم العسكري في الوقت الحالي مجرد ضغوطات وإثارة جبهات لا ترقى لمستوى الأعمال العسكرية المطلوبة للحسم العسكري الذي يستلزم الإمكانات والجدية والسرية، وأنى لحكومة لا تستطيع بيع النفط المستخرج من المناطق المحررة وتصرح أنه لا يُسمح لها ببيعه أو بتحرير ميناء رأس عيسى لتصديره، أنى لها أن تحرر صنعاء ما دامت تخضع للضغوطات الأممية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي هي أيادٍ أمريكية؟؟!!
أما السعودية فمهما أبرمت من اتفاقيات أمنية حدودية مع الحوثيين، لكنها مضطرة أن تستمر في دعم شرعية هادي خاصة مع رفض هادي وحكومته للضغوطات الأممية حتى الآن وتلويحه بالحسم العسكري، وهذا يضع السعودية في حرج أمام شعبها والعالم حال تخليها عن شرعية هادي أو حال إيقافها للحرب دون أن تحقق الغرض الذي قامت لأجله.
إن الحل العسكري لن يسبب إلا مزيدا من سفك الدماء والخراب والدمار، وإن الحل السياسي الشرعي هو الحل الصحيح، ذلك الحل الذي يكشف فيه أهل اليمن عن أصالة معدنهم وحقيقة إيمانهم وحكمتهم فينبذون الحلول الأممية الغربية ويعملون لتحكيم شرع الله فيما بينهم بجدية ومسئولية ويقيموا دولة الإسلام خلافة راشدة على منهاج النبوة.
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع