ترزح البشرية تحت وطأة العجز والضعف والتخلف الذي جعل الإنسان يطمح لما ليس له ويتعدى على حق الله سبحانه في التشريع، فيسن تارةً قانوناً لمنع الإنجاب ومرة أخرى يجعله ضرورة لازمة لحياة المجتمع، متناسياً فطرة الإنسان التي قررها ربُّه وخالقه في كون البقاء غريزة ملازمة له، يسعى لأجلها للتزاوج والإنجاب وحفظ نوعه كإنسان استُخلف في هذه الأرض. ينظرون للمجتمع نظرة مادية بحتة، ويُجعل بقاء الإنسان على هذا الكوكب مرهوناً بحالة الاقتصاد وتقدمه، فإن تراجع الاقتصاد وارتفعت الأجور وقلت الأيدي العاملة صار تكثير النسل وزيادة السكان ضرورةً يشجع عليها القانون ومنةً تمن بها الدول على شعوبها لا لأجلها بل لأجل زيادة معدل الناتج القومي، في صورة تشابه استعباد فرعون لقومه باستخفاف صوَّر لهم نفسه إلهاً يُعبد يمنحهم حق الحياة ومستلزماتها، فأطاعوه غافلين أنَّه طاغية لولا خضوعهم له ما كان لسطوته من قيمة. وهكذا يظهر مدى إجرام البشر بحق أنفسهم حين تنكروا لتشريع الله، واستكبروا في الأرض بوهم القدرة على تدبير شؤونهم.
وإن القول الفصل إنه لا حياة للإنسان والبشرية إلا بالهدي الرباني، في تشريع كامل يحفظ بقاءهم وحياتهم وفيه وحده هناؤهم وسعادتهم. حياة يكون الإنسان فيها هو سيد الكون بما حباه الله من نعمة العقل والإيمان، بتشريع جاء لحفظ البشرية؛ فكان من أهم ضروراته حفظ النفس والعقل والنسل وتحريم الاعتداء عليها. أما في نظرته للشيخوخة فلم تكن أبداً داء ولا مشكلة مستعصية وعبئاً على الدولة، بل إن رسول الرحمة كان من هديه أن قال ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرفَ كَبِيرِنَا» كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ومقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المشهورة للشيخ اليهودي: "أخذنا منك الجزية شاباً وضيعناك شيخاً"، وأمر له براتب من بيت المال. هذه الشريعة التي تطبقها دولة الخلافة، تسوس الناس بالرحمة والعدل والرعاية. وهذا ما تحتاجه البشرية لينقذها من شقاء العيش في دركات الرأسمالية.
رأيك في الموضوع