كثير من المسلمين لا يدركون مدى أهمية الصراع الفكري والكفاح السياسي ودورهما في القيام بعملية التغيير الجذري، حتى من المتعلمين الحاصلين على شهادات رفيعة ودرجات علمية عالية، وأولئك الذين يوصفون بالمثقفين والمفكرين.
وذلك عائد إلى فقدانهم النظرة الصحيحة والسليمة لكي يدركوا ماهية التغيير الحقيقي، وكيف يمكن أن يحصل هذا التغيير في الفرد والدولة والمجتمع، وفوق أن تركيزهم واهتمامهم منصبان على الإنجازات السريعة الآنية وعلى النتائج المادية المحسوسة الملموسة، بل وعلى المصالح الشخصية الأنانية.
لذلك فهم قد باتوا لا يستجيبون إلى أي دعوة لا يلمسون منفعتها ولا يبادرون إلى أي عمل لا يرون نتائجه، ولعله من هنا تأتي الصعوبة في إقناعهم بالنتيجة المرجوة من ضرورة بل وجوب التركيز على تغيير الأفكار وجعلهم يدركون أهمية الأعمال السياسية وأنها أخطر أثرا من الأعمال المادية، ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
ونتيجة لهذه النظرة السلبية الخاطئة ينصرف كثير من المسلمين عن نصرة حملة الدعوة العاملين وفق طريقة رسول الله ﷺ لإحداث التغيير في البلاد الإسلامية واستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
إن عدم إدراك هؤلاء لأهمية التغيير الفكري والعمل السياسي، وللمشروع السياسي المستبنط من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن سيرة رسول الله ﷺ في إقامته للدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة، نقول إن عدم إدراكهم لأهمية ذلك يجعلهم ينطلقون في تفكيرهم من النظرة السطحية الأنانية التي أسلفنا، وبالتالي ينظرون إلى حملة الدعوة في نقاشهم معهم بعين الريبة والاستخفاف، ويقولون إنه لا جدوى من صراع الأفكار ومن الأعمال السياسية، فهي لا تبني دولة ولن تعيد الخلافة؛ ذلك أنه قد استقر في أذهانهم ووقع في نفوسهم وقلوبهم أن الأعمال المادية هي وحدها التي يمكنها أن تحقق هذا الهدف.
وهنا نقول لهم ونذكرهم أن في التاريخ الدروس والعبر، وهو يخبرنا أن الدولة الإسلامية وعلى الرغم من مراحل الضعف التي مرت بها لكنها بقيت صامدة في وجه جميع الحملات العسكرية المغولية والصليبية، وأن دول الغرب الكافر المستعمر لم تنتصر علينا بالحروب المادية العسكرية فقط بل إن تلك الدول أدركت أهمية الغزو الفكري والثقافي، والأعمال السياسية، فركزت عليها وحققت من خلال الأعمال السياسية والغزو الفكري والثقافي ما لم تتمكن من تحقيقه عبر الحملات الصليبية المتتابعة والتي استمرت عشرات السنين، فقد كان للحملات التبشيرية والغزو الفكري الدور الأكبر في تشويه الأفكار الإسلامية وإضعافها في أذهان أبناء الأمة الإسلامية وزرع الأفكار الغربية الخبيثة التي فتكت بالدولة الإسلامية مكانها، وقامت بالكثير من المكر السياسي حتى تمكنت من جعل أبناء العقيدة الواحدة يقاتل بعضهم بعضا لصالح أعدائهم الذين يتربصون بهم الدوائر، وبذلك تمكنوا من القضاء على دولة الخلافة قبل مئة عام.
لذلك نقول إنه يتحتم على الأمة قاطبة أن تدرك هذه الحقيقة وتعيها جيدا، وتعمل مع حزب التحرير حامل دعوة الخير والتغيير الحقيقي والجذري، لتصل إلى الحياة العزيزة الكريمة في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فتفوز بخيري الدنيا والآخرة ورضوان من الله أكبر. اللهم بلغ عنا فإنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
رأيك في الموضوع