ﻻ ندري من هو ذلك الفقيه المجتهد المطلق وذلك اﻹمام المبدع الذي أقر أو اقترح أن يكون اليوم اﻷول من السنة الهجرية "يوم عيد للمسلمين"؟! وأسماه عيد رأس السنة الهجرية، ويوم مولد النبي e يوم عيد آخر تعطل فيه كل الدوائر الرسمية وتجدهما مثبتين في تقاويم بلادنا اﻹسلامية على أنهما أيام أعياد وعطل رسمية.
من فعل هذا؟! ولماذا؟! فهل تشكو اﻷمة من قلة اﻷعياد والعطل؟!
أم هو تقليد أعمى لكل تفاصيل الحضارة والحياة الغربية؟!
عندهم رأس السنة الميلادية وعندنا رأس السنة الهجرية!
عندهم عيد الميلاد "كريسماس" وعندنا عيد المولد النبوي "المولد"!
عندهم يطبقون النظام العلماني، وعندنا أيضا نحكم بغير ما أنزل الله "بالنظام العلماني"!!
¤ إذا كان هذا اﻷمر ليس من ديننا فأين كان أئمة اﻷمة وعلماؤها أصحاب العلم الشرعي؟! أين اﻹفتاء والمفتون؟! أين الشيوخ والعلماء الذين حملوا أمانة العلم لتطبيقه والذود عن ثقافتنا من أي تحريف يلحق بها وبأحكام ديننا؟! أين كانوا عندما أدخلت هذه اﻷعياد على ثقافتنا بهذا الشكل الصارخ؟! وكأن أمتنا تشكو من قلة اﻷعياد والعطل؟! بل أين هم اﻵن، لماذا ﻻ يتصدون لهذه القضايا فما الذي يسكتهم؟!
¤ ربما يقول لكم علماء السلاطين نحن لا نتخذ الهجرة النبوية والمولد النبوي أعيادا، بل إحياء لذكراها لنذكر اﻷمة بدينها وتاريخها... إياكم وهذا التدليس! فهؤﻻء ﻻ يطيب لهم المقام إلا في بلاط السلطان، بل أيقظوهم أنتم وقولوا لهم: أﻻ تحسون بأن اﻷقصى محتل وأسير، ألا يذكركم هذا يا أصحاب الفضيلة والسماحة بديننا وتاريخنا؟! فالخليفة عمر وهو الذي قرر أن يؤرخ المسلمون بتاريخ الهجرة النبوية، ذلك بأنه تاريخ فرّق بين عهد نظام الكفر وعهد نظام اﻹسلام، ومع ذلك لم يجعل يوم الهجرة عيدا، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يموتون دون رسول الله e حبا له وإيمانا بوجوب طاعته وحماية رسالته، فهل عدم احتفالهم بمولده e كان نكرانا لكل ذلك النهج والمسيرة وما تخللها من التضحيات؟! فكيف تجعلونه عيدا تحتفلون فيه وتتبارزون بإلقاء الكلمات وسرد معلومات الهجرة والمولد النبوي أمام من يحرس أنظمة الكفر في أرض اﻹسلام؟!
¤ فبعد بضعة أسابيع ربما نجد نفس الجوقة تحتفل بعيد رأس السنة الميلادية في منتصف الليالي ويطلقون اﻷلعاب النارية يتراقصون يتمايلون يترنحون سكرا ابتهاجا بدخول عام جديد وعلمانيتهم ما زالت تحكمكم، فهؤﻻء ﻻ يهمهم الله وﻻ أنبياؤه وﻻ يستحيون من الله ورسوله e ولا يستحيون منكم.
¤ أيها اﻹخوة واﻷخوات الكرام إن نظرة بسيطة إلى حجم التهنئات التي يتبادلها المسلمون اليوم بهذه المناسبة ليدل دلالة واضحة على اختلاف طريقة عيشنا اليوم عن طريقة عيش اﻹسلام التي فهمها الصحابة، أترانا فهمنا اﻹسلام ونظامه أكثر منهم؟! ألهذه الدرجة تصعب علينا المقارنة والفهم؟!
وما دام الدين النصيحة، فإننا ننصح بمقارنة مجريات حياتنا بمجريات حياة الصحابة من ناحية تعبدية وفهم فقهي ﻷفعالنا قبل أن نقوم بها.
¤ هذه قضية يجب على كل مسلم أن يقف عندها ويعيد النظر كي لا تختلط علينا اﻷمور فنظن أننا نحسن صنعا، باحتفالنا وجعل هذه المناسبات كأنها أعياد!! فها هم صحابة النبي e ومنهم المبشرون بالجنة لم يفعلوا ما نفعل اليوم، أم أنهم ما أحسنوا فهم ذلك كما أحسنا نحن ففتح الله علينا بهذا الفهم؟!!
فيكفي أن تسأل نفسك: كم مرة احتفل الصحابة وعطلوا حياتهم بمناسبة يوم المولد ويوم رأس السنة؟ ويكفي أن تسأل نفسك أيضا عن السبب الذي يجعل أنظمة الحكم التي تحكم بلادنا تصر على جعل هاتين المناسبتين عيدا وتعطل الحياة والعمل؟! لماذا وهم يصرون في الوقت ذاته على تعطيل الحكم بشريعة صاحب الهجرة والمولد؟! لماذا كل هذا الحب المزيف للإسلام ونبيه؟! لمصلحة من هذا؟! وأنت أخي ما الذي تخسره إن فكرت في فهم هذه المفارقة فهما إيجابيا منتجا؟!
اللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا، وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبنا عبدك ورسولك محمد وسلم تسليما كثيرا.
بقلم: عبد الرؤوف بني عطا "أبو حذيفة"
رأيك في الموضوع