"قريباً جداً سيأتي وقت يتوقف فيه الآباء عن إنجاب مواليد إناث خشية تعرضهن للاغتصاب" هذا ما صرحت به إحدى قريبات ضحية تعرضت للاغتصاب العام الفائت في الهند، في الوقت الذي كانت فيه نيودلهي تصارع سلسلة قاتمة من الاعتداءات الجنسية ضد النساء - وفي العديد من الحالات الأخيرة، جرت ضد أطفال - مما أثار غضبا في الهند وخارجها. وقد غردت رئيسة لجنة دلهي للمرأة سواتي ماليوال على حسابها في "تويتر"، "متى ستستيقظ دلهي؟ إلى متى سيستمر إيذاء الفتيات بوحشية في العاصمة الهندية؟".
عاد شبح الاغتصاب في الهند ليخيم على الأخبار العالمية ووسائل التواصل بعدما هزت وفاة فتاة هندية في السادسة عشرة من العمر بعد تعرضها للاغتصاب والحرق حية فوق سطح منزلها الرأي العام (فرانس 24 في 10 آذار/مارس الجاري). وتم تسليط الضوء على جرائم الاغتصاب في الهند والعنف ضد النساء بعد جريمة الاغتصاب الجماعي لطالبة في حافلة في دلهي في 2012. واستتبع ذلك إصلاح للقانون الجنائي فيما يتعلق بجرائم الاغتصاب بما في ذلك تسريع المحاكمات وتشديد العقوبات، لكن ذلك لم يؤدّ إلى تراجع جرائم العنف بحق النساء.. هذا وتذكر تقارير رسمية أن النساء يقعن ضحية الاغتصاب بمعدل امرأة كل 28 دقيقة في هذا البلد. بينما يقول خبراء أن هذه الأرقام على الأرجح لا تمثل الحجم الحقيقي للجرائم (أخبار ياهو).
وجدير بالذكر أن هذه الحادثة تحصل بعد أقل من 48 ساعة من الاحتفال بيوم المرأة العالمي. بينما الجاني يخضع للتحقيق لأجل معرفة دوافع الجريمة وملابساتها، وهكذا تموت الضحية بينما تماطل أجهزة الشرطة لمعرفة الدوافع، وغالباً ما يُطلق سراح المتهمين أو تتم محاكمتهم بشكل صوري لا يقتص للضحية من قاتلها.
أثار الهجوم احتجاجات عبر الهند ونقاشاً مكثفاً بشأن تفشي الجريمة ضد النساء في الهند. لكن العجيب في الأمر أن جماعات حقوق المرأة لم يصدر عنهم إلا الشجب والاستنكار، والأمم المتحدة لا تزال تطالب بتشديد العقوبات على المجرمين، بينما مراكز الشرطة غالباً تقصي ضحايا الاغتصاب وتجبرهن وأهاليهن على التراجع عن رفع الشكاوى ضد المجرمين، الأمر الذي استدعى إجراء تظاهرات صاخبة في كل أنحاء البلاد.
هذا ولم تكن هذه الحادثة الوحيدة، حيث أوقفت الشرطة الشهر الماضي رجلين متهمين بقتل فتاة في الرابعة عشرة من عمرها قاومتهما في ولاية اوتار برادش. وفي شباط/فبراير، تعرضت فتاة كانت ضحية عملية اغتصاب، لهجوم جديد في مستشفى جارخاند (شرق) حيث كانت تعالج من الاعتداء الأول. (القدس العربي)
فهل هذا ما تصبو له المرأة في "عيدها"؟ وهل هذا ما يعدون به المرأة في احتفالاتهم؟
إن الدساتير والأنظمة قد فشلت فشلاً ذريعًا في منع وقوع امرأة واحدة من كل ثلاث نساء ضحية للعنف على مستوى العالم، أو أن تتعرض ثلاث نساء للقتل يوميًا في أمريكا على أيدي شركائهن الحاليين أو السابقين، أو أن تتعرض امرأة واحدة من كل عشر نساء في أوروبا للعنف الجنسي. وإن كان رانجانا كوماري، رئيس مركز للبحوث الاجتماعية لوكالة فرانس برس قد صرَّح أن "دلهي ليست سليمة وآمنة للنساء والوضع يتدهور". فإننا نؤكد أنَّ العالم كلَّه لم يعد مكاناً آمناً للنساء.
هذه بطاقات المعايدة التي توزعها الأنظمة على نساء العالم، فهل يتطلع لها عاقل؟
وبعد فشل المنظومة الدولية بكل أركانها حيث أصبح الاعتداء على النساء يأخذ أبعاداً وبائية، فإنه إن كان للمرأة أن تطالب بحقوقها وتسعى للتغيير وتحسين أوضاعها، فإننا نوجه إليها دعوةً لترى عدل الإسلام وحرصه على أمنها وحياتها. فإن الإسلام قد سبق بسنواتٍ ضوئيةٍ، كل دعاة حقوق المرأة. حيث سطَّر التاريخ في صفحاته كيف عاشت المرأة خلالها برفاه ورغد لم تشهد البشرية مثله قط، فالمرأة كما قال العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير: "... قطب الرحى في الدولة الإسلامية من حيث الرعاية والحماية يقود الخليفةُ جيشاً لنصرتها إن استغاثت، ويجيب نداءها وامعتصماه إذا انطلقت..." بل تحفظ نساء العالمين أجمعين، والعهدة العمرية ومعاملة المسلمين لأهل الذمة من حماية نسائهم وأعراضهم ألا يُعتدى عليهن ولا يُنتقص من كرامتهن شيء معلوم. بل إن وصية رسول الله عليه الصلاة والسلام وخلفائه من بعده كانت ألا تُقتل امرأة ولا يُعتدى عليها. وفي المقابل فتاريخ دول الغرب حافل بمجازر جماعية لاغتصاب نساء الطرف الآخر كنساء الهنود الحمر، ونساء البوسنة المسلمات ونساء أفغانستان والعراق، وما الشام وخبرها ببعيد. فضلاً عما تعانيه نساء الغرب اليوم من اعتداءات متكررة بأعداد مهولة وثّقتها إحصائيات رسمية مختلفة.
إن الذي تريده المرأة فعلاً هو دولة حماية ورعاية، لا منظمات لسان حالها: جعجعة لا تنتج طحناً؛ وأنظمة تشرعن للفساد وتفتح له الأبواب على مصاريعها.
فإلى هذا ندعو نساء العالم:
إلى خلافة رحمة تعيد للمرأة مكانتها كشقيقة للرجل، وحجر أساسٍ في النهضة والرقي، عبر منظومة متكاملة من التشريعات والقوانين الربانية التي تنفذها دولة تسهر على حماية النساء، إلى العدل والأمان والكرامة، حيث المرأة لا تجوع ولا تعرى، ولا تظمأ فيها ولا تشقى. حيث الخليفة مسؤول عن أمنها أمام الله سبحانه.
رأيك في الموضوع