التقى عضو مجلس السيادة محمد حسن التعايشي بوفد مبادرة الأجندة النسوية لمسار التفاوض القادم في جوبا وذلك في إطار تعزيز مشاركة النساء في مفاوضات السلام القادمة، وقالت ممثلة مبادرة الأجندة النسوية إن التعايشي أكد التزامه بدعم المبادرة والتداول حولها مع المسؤولين في ملف السلام، وقالت ممثلة المبادرة إن تنفيذها تم بواسطة معهد الأبحاث الإنمائية بجامعة الخرطوم والذي أشرف على ورش العمل التي سبقت الاتفاق على الأجندة النسوية وذلك بدعم مباشر من مكتب المرأة بالأمم المتحدة بالخرطوم. (24/04/2021 سونا).
إن محتوى الأجندة النسوية لمفاوضات السلام في جوبا الذي طرح من قبل على أنه مؤسس على فكرة مساواة المرأة بالرجل في مفاوضات السلام، ليس هو إنتاجا محليا لهؤلاء المجتمعين!! بل هو مبني على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325 (2000) بشأن المرأة والسلام والأمن والذي يتضمن أحكاماً محددة لمفاوضات واتفاقات السلام، شأنها في ذلك شأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتشدد الأجندة على أن تتعلق عمليات السلام أيضاً باستنباط وتحديد هياكل سياسية جديدة ومؤسسات للحكم، وإنشاء دساتير جديدة أو أحكاماً تشبه الدستور. وينبغي عدم ترك المرأة خارج تلك العمليات، ويجب أن تتيح عمليات السلام فرصة فريدة لتعزيز التزامات البلد بالمساواة بين الجنسين، وتنفيذ أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فضلاً عن إدماج هذه الأهداف الاستراتيجية في تحديد الاتفاقات والمؤسسات والآليات والعمليات.
يتفنن الغرب فى حمل حضارته المتعفنة للعالم، ويقحم أجندته في السلم والحرب لتمريرها على حين غرة رغم انكشاف سوءاتها للعالم، فقد أذاقت البشرية كل صنوف البؤس؛ من علمانية تقصي تشريع رب العالمين، وفحش وتفسخ وتفلت وتهتك باسم التحرر والمساواة، يصاحبه نهب ثروات وسرقة مقدرات وربا وغبن واحتكار وتدليس وغش وتزييف وغمط حقوق واستنزاف جهود وغوغاء ورويبضات يتلاعبون بمصير الأمة، وقتل وفتك وسفك دماء وتنكيل واغتصاب وتعذيب واحتلال واستعمار باسم القانون الدولي ودعاوى حفظ السلم العالمي! فأي قانون وأي سلم حققه الغرب أينما دخل ودعم؟!
ابتليت الأمة في صراعها مع الغرب بوكلاء له بين ظهرانيها، حكام عملاء سقاهم الغرب ثقافته حتى صارت منهم دما يجري في العروق، وقد وصف عضو مجلس السيادة التعايشي هذا الإسلام بأنه متحيز ضد المرأة، وفيه تمييز واضح ضد المرأة، وها هو يحكم مقابل ذلك ويباشر إنفاذ إجرام الغرب فينا بإقرار الأجندة النسوية التي تستمد كل مضامينها من اتفاقية الفحش سيداو، وبتقنين هذه الاتفاقية المسخ عبر المضبوعات والظلاميات المصابات بعقدة النقص، ومتلازمة الدُّونِيَّة تجاه الغرب وحضارته، والطرفان يتلقيان ما يأتينا من الغرب بكفاءة منقطعة النظير دون أدنى تحليل أو تفسير للمحتوى، وباستجابة تامة كأنهما ميكانيكا آلة صماء. فالحكام العملاء هم أداة الغرب الفعالة في إنفاذ سياساته، وهذه الجمعيات النسوية المأجورة وسائط نقل وأشرطة وأقراص مدمجة لفكر الغرب.
وباختصار فإن القضية ليست دوراً للمرأة في صنع السلام كما يروج له، بل هو تحقيق المنظور الغربي للمرأة الذي تقدمه اتفاقية سيداو، فذاك هو المشروع الليبرالي الغربي، فتحويل المرأة إلى قيمة مادية ذات ثمن نقدي، ومن ثم تحويل جسدها إلى سلعة وبضاعة قابلة للاستهلاك ومدرة للربح هو التفسير المادي سبباً وغاية لهذا التحول الكبير في تناول قضايا المرأة في مفاوضات السلام في السودان، عبر دعم مباشر ومعلن من الأمم المتحدة.
والمستغرب هو التمجيد لمفاهيم الغرب المادية على حساب الموروث من أحكام إسلامية على أنها حضارية راقية وذات قيمة إنسانية، وهي على العكس فالمنظور المادي هو القاعدة والمعيار الأساس لكل ما جاء من حضارة الغرب، عبر الأمم المتحدة، فالمرأة المتحدث عن حقوقها لا علاقة لهذه الحقوق بإنسان أو أسرة أو مجتمع أو دولة أو أي مرجعية أخلاقية أو إنسانية، والذين قاموا بهندسة الاتفاقيات في الأمم المتحدة لا علاقة لهم بقيمة غير القيمة المادية، والحقيقة أن هذه الحقوق هي توصيف لحاجات مادية مجردة من أية قيمة روحية أو خلقية أو إنسانية، تحددها الاحتكارات والشركات الرأسمالية الكبرى للإعلانات والسينما والسياحة ودور الأزياء ومستحضرات التجميل وصناعة البِغاء والفاحشة. يقول زعيم الليبراليين الجدد ميلتون فريدمان في كتابه "الرأسمالية والربح": "إن جني الأرباح هو جوهر الديمقراطية"!
فالحضارة الغربية المادية أعادت صياغة مفاهيمها للإنسان في الاتفاقية الشيطانية المسماة سيداو على ضوء معايير المنفعة المادية والجدوى الاقتصادية، وقد نزع فيها الغرب عن المرأة كل نبل وطهر، وعرّاها ليس من ملابسها فحسب، بل من إنسانيتها وكينونتها ووضعها الاجتماعي الخاص، وأنتج لها صورة نمطية باعتبارها جسدا ماديا محضا، موضوعا سلفا للرغبة المادية المباشرة! وحسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية فإن الناتج الخام لسوق البغاء عالميا يصل إلى 1200 مليار دولار سنويا، ويمثل 15% من حجم التجارة العالمية.
فسحقا للمضبوعين المغفلين من أبناء جلدتنا، فمفاهيم الغرب الكارثة هي السماد المخَصِّب الذي تنمو فيه وبه كل رذيلة. والواقع أن هذا الفُحْش المتَوَحِّش الليبرالي الغربي باتت المنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني الرخيصة الغارقة في الدياثة المرتهنة للمال الغربي المسموم وإعلامه السياسي المأجور فضلا عن الحكام العملاء الأنذال وأشباه المثقفين السفهاء، باتت أدوات لتفعيل هكذا فحش عالميا عبر اتفاقيات ومعاهدات ومؤتمرات وندوات وبرامج وحوارات ودردشات سعيا وراء عولمته.
لن تكون سيداو ولا أي اتفاقية من الأمم المتحدة خياراً لنا بوصفنا مسلمات، لأننا نملك طوق خلاص البشرية وسفينة نجاتها وبارقة النور لخلاص العالم ومغتسل الإسلام العظيم وشرابه ليطهر البشرية من دنس ونجس الغرب وقذارته، ويعيد لها طهرها ونبلها وفطرتها السوية لتستعيد براءتها، ويسقيها من نبع تُقَاهُ الصافي ويهديها سبل السلام والسعادة وذلك لا يكون إلا بتطبيق شرع الله المنقذ والمحيي للعالم بعد ذبوله بحضارة الغرب الفاجرة بإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تطبق شرع الله الحنيف.
يقول جل وعلا: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً﴾.
رأيك في الموضوع