قرغيزستان دولة تقع في آسيا الوسطى، وهي ذات تضاريس جبلية تحدها كازاخستان شمالا، وأوزبيكستان من الغرب والجنوب الغربي، وطاجيكستان من الجنوب الشرقي والصين شرقا. عاصمتها وأكبر مدنها هي مدينة بيشكك. ويشكل القرغيز غالبية سكان البلاد البالغ عددهم ستة ملايين نسمة، ويليهم أقليات كبيرة من الأوزبيك والروس.
عُرفت هذه المنطقة عند المسلمين بوادي فرغانة، الذي يشغل وسط قرغيزيا حالياً، وقد وصل الإسلام هذا الإقليم بعد أن فتح المسلمون خرسان، وقام العديد من التجار بنشر الإسلام في منطقة فرغانة.
تتبع قرغيزيا الآن الإدارة الدينية لوسط آسيا وكازاخستان، ومقرها مدينة طشقند، ويتعلم القرغيز اللغة الروسية إلى جانب لغتهم الوطنية التي تكتب بحروف روسية، وكانت لغة تكتب بحروف عربية قبل التحول إلى الحروف اللاتينية، والقرغيزية لهجة تترية تنتمي إلى أصول تركية. وقد تلاشت المدارس الإسلامية بقرغيزيا ونقص عدد المساجد إلى 23 مسجداً في ظل الحكم الروسي، وعند انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبحت قرغيزيا جمهورية مستقلة. ويقدر عدد المسلمين فيها حوالي 88% من جملة السكان في 2011. ورغم هذه الأغلبية المسلمة فإن دستورها الذي أقر في أيار/مايو 1993 ينص على أنها دولة علمانية، وذلك تماشياً مع القلق الذي كانت تشعر به حكومة الجمهورية السوفيتية السابقة إزاء المظاهر الدينية والجماعات الإسلامية.
وفي قرغيزستان، مثلها مثل بقية الجمهوريات في آسيا الوسطى، يتعرض المسلمون للاضطهاد والظلم والملاحقة، حيث تحاول السلطات الحاليّة كبح الإسلام من خلال فرض قيود على الحريات الدينية والشخصية - أبرزها حظر الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني - واعتقال المعارضين لهذه السياسات في إطار حملتها على ما أسمته "التطرف الديني". وكذلك فإن حظر الحجاب في المدارس جعل النساء المسلمات يتركن التقيد بالأحكام الشرعية بحجة التقدم والحضارة، خاصة أنها أقل تأثرا بالعولمة من جاراتها مثل أوزبيكستان مثلا.
فكما نرى فللنساء نصيب في تلك الحرب، حيث حورب اللباس الشرعي. وكما ادعى رئيس قرغيزستان ألمازبيك أتامباييف، بمداخلته في الجدل الوطني الدائر حول الهوية الثقافية أن من تلبس اللباس الإسلامي هي مشروع إرهابية، حيث قال: "يمكن للنساء أن يتطرفن ليُصبحن إرهابيات إذا ارتدين زياً إسلامياً". وهاجم خلال حديثه في مؤتمر صحفي من ينتقدون في بلاده النساء اللاتي يرتدين ملابس سافرة.
وحيث إن حزب التحرير يُعتبر منظمة متطرفة محظورة في جمهورية قرغيزستان مثل بقية جمهوريات آسيا الوسطى ودول أخرى في العالم، فإن نصيب حملة الدعوة من هذه الملاحقة والاضطهاد كبير. فهم يتعرضون باستمرار للمضايقات الأمنية ويخضعون للتحقيقات والاعتقالات وتفتيش المنازل والمراقبة... والنساء هناك كذلك ملاحقات، ويُعتقلن وتُلفق أحيانا لهن القضايا لمجرد أنهن أعضاء في الحزب.
ففي شباط/فبراير 2016 ألقت الشرطة القبض على 20 سيدة في مدينة كاراسو في منطقة أوش في قرغيزستان بسبب الاشتباه بعلاقتهن بحزب التحرير؛ ما دفع شباب الحزب لتنظيم حملة للاستسلام الطوعي للسلطات الأمنية وهم مقيدو الأيدي لإحراج السلطات رافعين شعار: "نرفض العيش وفق طريقة الحياة هذه؛ أبعدوا أياديكم القذرة عن أخواتنا المسلمات! اعتقلونا! أوقفوا تعذيب المسلمين بتهمة انتمائهم لحزب التحرير".
وكذلك قامت السلطات بسجن العشرات من النساء ولفترات طويلة، بتهمة العضوية في حزب التحرير. ففي بيشكيك، حكم على امرأة بالسجن لثماني سنوات على الرغم من أن لديها ابنة معاقة تقوم على رعايتها. وسجنت أخرى بين يديها طفل رضيع لم يبلغ من العمر عاما واحدا، فقط لمجرد الاشتباه بأنهما عضوتان في حزب التحرير. وفي مرة أخرى ألقت السلطات القبض على امرأة حامل، وأثناء التحقيق، قام محقق مجرم بضربها على بطنها عمدا مما تسبب في إجهاضها، لأن الحمل يمكن أن ينقذها من السجن!
وفي السابع والعشرين من شهر حزيران الماضي اعتقلت السلطات القرغيزية ست نساء في إقليم نارين للاشتباه بانتمائهن لحزب التحرير، وهو كما أسلفنا حزب محظور هناك ويُعامل على أنه منظمة متطرفة. وتمت مداهمة بيت كن موجودات فيه، وتمت مصادرة كتب وأجهزة لوحية وأجهزة كمبيوتر ومذكرات وبطاقات هواتف.
ومن الجدير بالذكر أن عدداً من هؤلاء النساء المعتقلات أمهات لأطفال صغار، وكذلك بنات يقمن برعاية آبائهن أو أمهاتهن المسنّين، مما يشكل ورقة ضغط عليهن من الحكومة الغاشمة.
فأي ذنب ارتكبته تلك النساء ليزج بهن في السجن هكذا بلا رحمة بهن أو بأطفالهن أو بآبائهن وأمهاتهن المسنين؟! وأين منظمات حقوق المرأة والطفل ومدّعو حرية التعبير والحرية الشخصية عن هذا الاضطهاد والظلم؟! تهمتهن كتب وكمبيوترات ومذكرات!! ألا بئست الحكومات التي تعمل ضد الإسلام وأهله.
ولكن نقول لهؤلاء الظلمة وغيرهم في كل مكان، مهلاً فإن يوم الحساب قريب بإذن الله سبحانه، فدولة الظلم ساعة والحقُّ باقٍ إلى يوم الدين رغم أنوف الحاقدين الصليبيين، وصبراً يا حملة الدعوة في كل مكان، فالكرب شديد والظلمة حالكة، ولكن الفجر تلوح بوارقه. وإن أشد ساعات الليل حلكة ما قبل الفجر، وإنه بإذن الله قريب. فالظالمون موجودون في كل مكان يترقبون حملة الدعوة لتعذيبهم وملاحقتهم كل بأسلوبه وطريقته، داخل السجون وخارجها، في البيوت والجامعات وأماكن العمل، يضيقون عليهم التزامهم بأحكام الله ولا يفرقون بين الرجال والنساء.
نسأل الله لهم ولهن ولنا الصبر والثبات على طريق الحق، فمن حمل الدعوة يعرف تبعاتها وأمانتها وعليه القيام بها بما يرضي الله سبحانه وتعالى. وندعوه جل وعلا أن يرينا في هؤلاء الحكام وأسيادهم يوماً يشفي به صدورنا، إن ذلك على الله يسير.
رأيك في الموضوع