ربما لا يعلم الكثيرون أن أكثر من نصف مواليد بريطانيا في العام 2010م كانوا أبناء زنا. ولمن أراد التأكد من هذا الخبر الصادم فليراجع تقرير الشرق الأوسط "هذا العدد الهائل من الأطفال الحوامل" الذي أورده أنيس منصور.
قبل قرن من الزمان، كانت لتكون مثل هذه الأرقام كارثية حتى على مجتمع كالمجتمع الغربي، حيث لم تكن الرأسمالية قد ظهرت بعد بشرورها لتغزو العالم فتنشر الانحلال في كافة أرجائه.
يحضرني في هذا المقام واقعة حظر السلطان العثماني سليمان القانوني لحفلات الرقص المختلطة في فرنسا خشية انتقالها لبلاد المسلمين. ويملؤني الأسى وأنا أرى دعوات الزنا والانحلال تنتشر في بلادنا دون أن يكون لنا خليفة يمنع سيداو وأخواتها أن تنتشر في بلادنا...
والحديث هنا لا يتعلق بوضع الغرب الكارثي بقدر ما هو عنا؛ عن أمة الإسلام التي كانت تخرج الناس من الظلمات إلى النور بدين الله، وكيف صارت اليوم مرتعاً لكل فاجر!
وليس الحديث هنا للتباكي ولا النحيب على ما كنا عليه، بل هو لوضع الإصبع على مكمن الداء، كخطوة في طريق النهوض لنصير حقاً كما ابتعثنا الله: نخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
فهذه إذاً دعوة لوقفة جادة ترضي رب العالمين تجاه ما يتربصه بنا أهل سيداو، دعاة الخنا والفجور.
الجمعيات النسوية التي رتعت في قصعة الغرب فشربت من مائه وطعامه، وحكام المسلمين الذي أُتخموا من فكره وعفنه فصاروا بيادق بيده يحركها حيثما شاء وكيفما شاء؛ يؤرقهم أن هذه الأمة لا تزال رغم كل وحشيتهم في صرفها عن دين الله مستمسكةً بالذي هو خير.
المرأة الصالحة، أمنع حصون الشرق، تقض مضاجعهم. والجيل الناشئ الذي تربيه أمهات المسلمين الصالحات يرعبهم. يريدون أن يقضوا على البقية الباقية من أحكام الإسلام التي تحفظ هذه الأمة من ربقة الرذيلة. يريدون كسر الدرع الذي يحفظ أُسر المسلمين متماسكة قوية. فالأُسر المتماسكة هي علامة قوة المجتمعات ولبنة النهضة فيها.
الحديث اليوم يدور حول الحصن الأخير الذي تبقى لهذه الأمة: الأسرة؛لذلك لا نعجب من الهجمة الشرسة والسباق المحموم الذي يشنه الغرب وأشياعه وأتباعه على قضايا المساواة في الميراث، والطلاق، والزواج، والأبوة، والقوامة، والولاية وغيرها مما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة.
لا نعجب من شعارات الجمعيات النسوية التي تظهر لنا في كل جريمة تتعرض لها مسلمة على يد ذكر من أقاربها، حيث يتصيدون في الماء العكر مستغلين غياب الإسلام عن المجتمع وعن شذاذ من الناس ليهاجموا الإسلام ويرفعوا شعاراتهم التي يندى لها جبين كل حر.
ينبغي لكل عاقل ولكل حرّ أن يسأل دعاة سيداو: كيف سيحل شعار "جسدي ملكي" قضايا تمكين المرأة اقتصادياً وقضائياً؟ هل شعار "مش شرفك" وشعار "لا أريد ولايتك" يحل قضية أمن المرأة وحمايتها، أم أنها دعوة للتفلت والتفكك الأسري، تذاع بمذياع أبناء الزنا، أصحاب الخنا والفجور من الغرب ورجالاته؟؟
ينبغي لكل مسلم حر أن يقف بوجه هذه الجمعيات، ويرفض هذه الاتفاقيات المشؤومة التي تريد تقطيع أوصال أسرنا، لنصبح كالمجتمعات الغربية، مجتمعات فردية تفقد جو الأسرة الدافئ الجميل، وأن يتصدى للحكام المجرمين الذين يسمحون لمثل هذه الدعوات بالانتشار في بلادنا بل يروجون لها، ويفتحون المجال لهذه الجمعيات المسمومة بل يدعمونها، بينما هم يتصدون لكل مسلم يدعو لتحكيم شرع الله.
هذه السلطات التي توقن أن بقاءها مرهون بخوف الناس وغفلتهم، ومرتبط بإطالة عمر الفساد. لسان حالهم:﴿أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾. فتحرص على بقاء أوكار الفساد، ودعاته وأهله، وتحرص أن تكون السيادة لفكر الغرب والمرجعية هي المنظمات الغربية، والسلطان لعملاء الغرب وسفرائه.
فهل بقي من حجة وعذر للسكوت؟ لم يبق لنا إلا هذا الخندق لنقاتل فيه، ولم يبق لكم أيها المسلمون إلا أحكام الزواج والطلاق ليحاربوكم بها، فهل ستنهزمون في ثغركم وتمكنون عدوكم من دياركم وأعراضكم؟!
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
بقلم: الأستاذة بيان جمال
رأيك في الموضوع