في الوقت الذي تهفو فيه القلوب إلى زيارة بيت الله الحرام والصلاة في مسجد خير الأنام والسلام على الرسول وصحابته الكرام، بقعة أخرى على وجه الأرض تشد الأنظار وتؤرق السياسيين، تتحرك فيها الجيوش وتعقد لأجلها المؤتمرات...
إنها الشام، إنها الثورة والجهاد، إنها التاريخ والمداد، إنها ثاني خير البلاد، هي التي إن فسد أهلها فلا خير في بقية العباد، إنها صمام أمان الأمة وقيادتها حين تقع الفتن...
أخبار هذه البقعة تكاد تجمّد الدم وترهق الأعصاب فكل أهل الأرض يتابعون ويترقبون...
أما دول الكفر فيتابعون وقلوبهم وجلة ونفوسهم قلقة، يخشون أن يكون زوال ملكهم وحضارتهم على يد أهل الشام أهل الإيمان، فسخّروا كل ما بيدهم من إمكانيات للصد عن سبيل الله وتم توزيع الأدوار على النحو التالي:
- المشايخ المنتفعون وأتباع السلاطين: وظيفتهم تضليل الأمة بتغيير الحقائق وتحريف الدين، فنصرة الدين سموها (إرهاباً) ومحاسبة الحكام سموها (فتنة) والخضوع للغرب سموه (مصلحة) والهدنة مع الكافر المجرم والتفاوض معه سموه (سياسة شرعية)!
- الحكام العملاء: وظيفتهم على نوعين: فمنهم من أخذ دور إرهاب الشعوب وقمع أي تحرك في وجه الظلم وإظهار الامتعاض من ثورة الشام، وراحوا يرعدون ويزبدون ويحذرون الأمة من مخاطر الخروج عليهم ومغبة الوقوع بما وقع به أهل الشام، ولكن الواحد منهم في خلوته يضع يده على رأسه يندب حظه ويده الأخرى على كرسيه الحريري يتلمسه لمسات الحرص أن يقع عنه كما وقع قبله من لا نصيب لهم من أسمائهم (معمر، ومبارك، وعلي، وزين) عليهم من الله ما يستحقون.
وآخرون من مثل تركيا والسعودية وقطر كان دورهم إظهار الصداقة والتضامن مع ثورة الشام وكان لهم مواقف أو خطابات ظاهرها الصداقة والرحمة وباطنها العداوة والغدر.
- الإعلام: وظيفته التنفير من الإسلام السياسي بوصفه جاء للقطع والبتر والسلخ! وقد خدمه في هذا الجانب تنظيمات شوهت صورة الدين. والمقصود بالإسلام السياسي هنا هو الإسلام العملي التطبيقي بعيداً عن الكهنوتية، أي هو نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
- المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية: وظيفتها تخدير الثائرين والمنتفضين عن هدفهم وتهيئة موطئ قدم للمؤسسات الرأسمالية أو بمعنى آخر وظيفتها جعل الناس يتقلبون في نظام الرأسمالية ولا يخرجون منه.
- المنظومة الفصائلية وقياداتها: وظيفتها اغتصاب سلطان الأمة من جديد الذي استعادته بثورتها في وجه طاغية الشام أو كادت.
ويضاف إلى ذلك الكثير من الأعمال والخطط التي يبتغي فيها الغرب تأخير عودة الإسلام.
أما المسلمون فهم يتابعون وأعينهم تفيض من الدمع وأفئدتهم تنفطر من الأسى وعقولهم تطيش من هول ما يقع على إدلب وحماة، فإذا أرادوا التحرك وقفت في وجههم حكومات العمالة والخيانة أذناب المستعمر وأصدقاء كيان يهود حتى وصلوا إلى حالة من الوهن؛ أنهم إذا جمعوا لعاعة من الدنيا وشيئاً من المال ظنوا أنفسهم قد ناصروا إخوانهم من أهل الشام المجاهدين، ولكن لعاعة الدنيا تلك لا توقف قصفاً ولا تحمي عرضاً ولا تردُ أرضاً، بل الأقبح من ذلك والأمرّ أن تلك الأموال تصل إلى أهل الشام عن طريق الحكومات لا عن طريق إخوة الإيمان فتسخَّر لأجندة الحكومات والمنظمات الدولية لا لصالح الأمة والمستضعفين!
وحرص الغرب أن لا يدع أهل الشام بمعزل عن حالة الوهن حتى ولو كانوا أصحاب القضية والبلوى فجعلها تسري إليهم عندما سلبهم قرارهم بمنظومة فصائلية مرتبطة كما ذكرت آنفاً، أي أن قرار الناس سُلب لصالح الفصائل، ثم سلب قرار المجاهدين لصالح قيادات الفصائل، ثم قُدّم سلطان الأمة وحقها وقرارها في طبق من العمالة والخيانة على طاولة تركيا وأمريكا فبات أردوغان يتحدث بالفم الملآن نيابة عن أهل الشام والإيمان!!
لكن بالرغم من كل ما يحدث فلا يزال أهل الشام صابرين ولعدوهم غائظين، فحق لمناطق إدلب وحماة وما حوته من مجاهدين ومسلمين أن تشد أنظار العالم أجمع، فهي نقطة التحول وفيها تقلب الطاولة على خطط المستعمر وتتحطم على صخرتها مؤامرات الماكرين ورؤوس الكافرين المجرمين إن عملنا بما يلي:
- رفع الصوت بمحاسبة قادة الفصائل حتى يظهر على صوت من يدافع عنهم بالباطل وعلى رأس المدافعين عنهم بالباطل، هم المشايخ المنتفعون والجهلة المطبلون.
- مطالبة المجاهدين المخلصين المنتظمين في الفصائل أو المستقلين أو حتى من وضعوا السلاح سأماً من الارتباط، بتشكيل كتائب عسكرية غير مرتبطة تتخذ شعاراً لها (جُعل رزقي تحت سن رمحي) وليس ما يلقيه الداعم مع أوامره وتوجيهاته.
- إعلان الدعم التام لأي مجاهد ينشق عن تلك الفصائل المرتبطة ويبدأ بالعمل المستقل لفتح معركة الساحل التي تخفف الضغط عن ريف حماة والتي تعتبر بوابة إسقاط النظام...
عسى الله أن يكرمنا بإقامة حكم الإسلام؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ أحمد حاج محمد
رأيك في الموضوع