طفح الكيل وبلغ السيل الزبى ولم يبق في قوس الصبر منزع بعد انتهاكهم الحرمات وجرأتهم على الله، فانتفض الشارع وتحرك أهل الشام ضد مخابرات هيئة تحرير الشام وقيادتها المرتبطة، ويتساءل متابعٌ: هذا الحراك إلى أين؟
وحتى نجيب على هذا السؤال أو التساؤل، لا بد من معرفة دوافع التحرك الثوري القوي هذا، وكذلك معرفة حقيقة الدور الذي تقوم به قيادات هيئة تحرير الشام.
أما دوافع ثورة عام 2011 على نظام الطاغية أسد فلا زالت ماثلة بل ومتضاعفة؛ فالزنازين لا زالت تضج بصرخات الأسيرات وتراب الشام لا يكاد يجف من دماء أهلها حتى تقع مجازر جديدة بسكاكين المليشيات الإيرانية الحاقدة أو بقصف الطائرات الروسية الغاشمة، فضلاً عن تدهور الوضع المعيشي لأسوأ ما قد يمر على بشر، وانعدام الأمان في شتى بقاع سوريا، وغيرها الكثير من الدوافع التي لا تكفيها مقالات وجرائد... والسبب في كل ذلك أن النظام لم يسقط بعد، وأن رأس الأفعى في دمشق لم تُقطع بعد بل هي تنفث سمومها في فم المطبعين وأصحاب المصالحات.
نعم.. هذه هي القضية باختصار:
ثورة الشام المباركة خرجت لإسقاط النظام المجرم في دمشق فحاولت أمريكا إنقاذه بشتى الطرق، وعملت على ضرب الثورة وأهلها الصادقين من خلال فصائلية مرتبطة وجماعات مرتزقة وأدوات رخيصة، إلا أنّ أجرأ هذه الجماعات على حدود الله وحرماته هي قيادة هيئة الجولاني ومخابراته، ولما أثبتت ذلك أمام العالم قال عنها جيمس جيفري المبعوث الأممي السابق إلى سوريا: "إنّ هيئة تحرير الشام كانت مصدر قوة استراتيجية للولايات المتحدة في محافظة إدلب شمالي سوريا". بل وأثبتت أنها عصا أمريكا الغليظة التي تعيد بها أهل الشام لحضن النظام المجرم، ومنفذة لخارطة الطريق التي وضعتها المخابرات لتطبيق الحل السياسي الأمريكي.
وكما قال رسول الله ﷺ: «يَا وَيْحَ قُرَيْشٍ لَقَدْ أَهْلَكَتْهُمُ الْحَرْبُ، فَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ خَلَّوْا بَينِى وبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَب» نقول ويح الجولاني ومخابراته لو أنهم خلوا بين حملة الدعوة وبين الأنظمة العميلة، وويحهم لو أنهم خلوا بين المجاهدين الصادقين وبين ميادين الوغى وجبهات القتال.
ولمن يجد في هذا الكلام تعقيداً أُبسّط:
إن قيادات الفصائل المرتبطة وعلى رأسها قيادة هيئة تحرير الشام ارتبطوا بالمعلم ذاته الذي يوجه طاغية الشام، فمن الطبيعي أن يفسحوا الطريق له ويسلموه الأرض والعرض.
أما من يعتبر في هذا الكلام مبالغة أو توهمات فأؤكد له أني لا أتجنى على قيادة الهيئة ولا على غيرها، وليتساءل كل ثائر شريف ومجاهد مخلص:
أليس غرق قادة الفصائل بالمال السياسي القذر وارتباطهم بالخارج وتنفيذ اتفاقيات أستانة وسوتشي هو الذي أوصلنا إلى هذه الحال؟
ورداً على من يحاول جعل قضية الحراك خاصة بحزب التحرير نورد ما قاله الشيخ أحمد عبد الجواد الحجي عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا في منشور له على فيسبوك:
"إلى كل من يقول إن القضية قضية حزب التحرير، أريد منك أخي الثائر أن تنزل إلى الشارع وتطالب بما يلي:
١- فتح الجبهات وكسر الخطوط الحمراء.
٢- رفض التطبيع والمصالحات مع نظام أسد.
٣- قطع العلاقات مع الدول الداعمة والضامنة.
٤- رفض القيادة السياسية للنظام التركي.
٥- إسقاط القيادة الفصائلية المرتبطة بالدول الخارجية.
٦- إسقاط النظام المجرم بدستوره وكافة أشكاله ورموزه وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه.
ثم انظر كيف ستتعامل معك أمنيات الفصائل، مع أنك تطالب بثوابت الثورة ولستَ حزبَ تحرير، عندها ستعلم أن القضية ليست هيئة وحزب تحرير، إنما هي قضية ثورة يُراد قتلها.
نعم ثورة يراد قتلها ولكنّ ثوارها الصادقين ومجاهديها المخلصين وأبناءها الواعين لن يرضوا بذلك وتستمر المواجهة بينهم والله معهم، وبين شبيحة أمريكا، لكن من يغالب الله يُغلب".
ونعود إلى تساؤل المقال: حراك أهل الشام إلى أين؟ والجواب:
الحِراك ماضٍ لإخراج كامل المعتقلين من سجون الفصائل والنظام المجرم ولرفع الظلم عن المظلومين.
الحراك ماضٍ حتى يُسقط أدوات أمريكا ويقطع أيدي العابثين بثورة الشام المباركة
الحراك ماضٍ في إزالة كل عقبة وضعتها تركيا وداعمو النظام بغية حمايته من السقوط ولإفشال الثورة.
الحراك ماضٍ في تعزيز وترسيخ قيمة العمل الجماعي فالفردية قاتلة وما استطاع المنافقون والذين في قلوبهم مرض أن يتسلطوا على الأخيار إلا عندما فرقوهم، وهل تأكل الذئاب إلا الشاة القاصية؟
الحراك ماضٍ في كسر حاجز الخوف الذي عملت الفصائل وأمنياتها على بنائه بعد أن هدمه ثوار 2011 فلا ضار ولا نافع إلا الله، ثم أنخشاهم وهم على باطل، والله أحق أن نخشاه ونحن على حق؟!
الحراك ماضٍ حتى يتأكد الجميع أن القضية ليست قضية حزب التحرير وهيئة الجولاني، بل قضية ثورة يراد قتلها وأنها قضية تعني الجميع، ولا قيمة لحياة لا نكون فيها أحراراً.
الحراك ماضٍ نحو استعادة القرار الذي سلبه أردوغان فأخذ يُوقّع في سوتشي وأستانة ويبيع المناطق وهو يلعق البوظة مع بوتين!
الحراك ماضٍ في كسر الخطوط الحمراء وشق الطريق أمام المجاهدين المخلصين المستقلين لدك معاقل النظام وتحرير دمشق.
الحراك ماضٍ بقيادة سياسية واعية لا تقبل التنازل عن أبسط حقوق الأمة وتأبى المساومة على أحكام الله عز وجل.
الحراك ماضٍ على نهج النبوة إن شاء الله.
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
رأيك في الموضوع