أطلقت جمعيّات تونسيّة دعوة إلى إلغاء قانون يحظر زواج التّونسيّات المسلمات بغير المسلمين بدعوى أنه متعارض مع حرّيّة الضّمير التي نصّ عليها دستور الجمهوريّة الثّانية سنة 2014. ولإلغاء هذا الإجراء وقّعت 60 جمعيّة في ائتلاف يعتزم حشد الرّأي العام لسحب هذا الإجراء بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
صدر هذا الإجراء سنة 1973 وينصّ على ضرورة استظهار كلّ أجنبيّ يريد الزّواج بمسلمة بشهادة اعتناق للإسلام فإذا أبرم عقد الزّواج خارج تونس دون هذه الوثيقة فإنّه لا يسجّل، ويصنّف غير قانونيّ.
أثار هذا حفيظة الائتلاف فصرّح في بيان له: "إنّ هذا الإجراء يضرب حقّاً أساسيّاً لأيّ كائن بشريّ وهو الاختيار الحرّ للزّوج، هذا المنع يسبّب ألماً لآلاف التّونسيّات وأسرهنّلأنّه يعتبر جميع التّونسيّات مسلمات، في حين لا توجد أيّ وثيقة تؤكّد الدّيانة". وصرّحت رئيسة جمعيّة "بيتي" سناء بن عاشور قائلة "ليس من المقبول اليوم أن يتحكّم مجرّد إجراء لا قيمة له قانونيّاً في حياة آلاف التّونسيّات".
تناقلت هذا الخبر مواقع عديدة وأفسحت بذلك مساحة لبعض ضعاف النّفوس الذين يريدون الطّعن في أحكام شرعيّة قطعية.
العلمانيّون في تونس يسعون جاهدين لضرب عقيدة أهلها وزعزعة ثوابتها، وقد تواترت محاولاتهم لذلك: تشكيك في حكم الخمر، وطعن في أحكام الميراث، وتهكّم من حكم تعدّد الزّوجات... سعي دؤوب منهم لخدمة نظام علمانيّ لا همّ له سوى إزاحة الإسلام وضرب أحكامه حتّى يضعفه في نفوس أهله الذين لمس فيهم حنينا ولهفة لإعادة الإسلام إلى حياتهم بعد ما لاقوه من ظلم وما عدموه من حماية ورعاية.
على الرّغم من أنّ حرمة زواج المسلمة بغير المسلم معلومة بالضّرورة في كتاب الله ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221] حرّمه الله تعالى وأكّده ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، وفي سنّة رسوله فقد فرَّق الرّسول eبين جميع المسلمات وأزواجهنّ الذين لم يسلموا، ومنهم ابنته زينب زوجة أبي العاص بن الربيع، فلمّا وقع في الأسر يوم بدر أطلقه رسول الله eعلى أن يبعث ابنته إليه، فوفّى له بذلك ثم أسلم بعدها فردَّها عليه.
كما أجمع العلماء على أنّ زواج الكافر بالمسلمة باطل لا ينعقد أصلاً وحكم هذا الزّواج حكم الزّنا، ويجب أن يفرّق بينهما في الحال: فحكم زواج المسلمة بغير المسلم: حرام، ولكنّ هذه الجمعيّات تنادي بإلغائه وتعمل على الطّعن فيه لأنّه - حسب زعمها - يتعارض مع "حرّيّة الضّمير" التي نصّ عليها الدّستور.
فأيّ دعوة هذه التي تطلقها هذه الجمعيّات؟ هل هي محاولة منها لحلّ مشكلة العنوسة التي تفشّت في تونس وفي البلاد العربيّة عموما فصارت من بين أهمّ مشاغل المرأة؟ أهكذا تعالج المشاكل بخلق مشاكل أكبر وأخطر أم أنّها - وعمدا - تعمل على إيجاد مشاكل أخرى لتنال من ثوابت النّاس وتثير البلبلة بينهم؟ وهل الحلّ في نشر الفساد والتّعدّي على حكم معلوم بالضّرورة؟
ذكرت جزايرس: 25/02/2012 - وحسب تحقيقات أمنيّة للشّرطة - أنّ السّنوات الأخيرة شهدت زيادة في عددالجزائريّاتاللّواتي أقدمن على الزّواج من أجانب غير مسلمين، خاصة من جنسيّات لم يألفها المجتمع مثل التايلانديين والصينيين وجنوب إفريقيا، وهناك ما لا يقل عن 95 في المائة من هذا النّوع من الزيجات ينتهي بالفشل لأنّ الغاية منه كانت المتاجرة بالمرأة من أجل الحصول على إقامة أو تحقيق مصالح عقائدية من شأنها نشر معتقدات دخيلة على المجتمع... فبم تبشّر هذه الجمعيّات التي تعمل على إلغاء هذا الإجراء؟
عجبا لهذه الجمعيّات!!تستهجن الحلال وتقيم الدّنيا على حكم تعدّد الزّوجات وتسوّق للحرام ولما يغضب الله تحت ذريعة "حريّة الضّمير"!!!.. وكيف العجب من صنيعها وقد أُحدثت لتنفيذ ذلك؟؟..
أيّ دعوة هذه التي تدافع فيها هذه الجمعيّات العلمانيّة عن حقوق آلاف التّونسيات في اختيار الزّوج باعتبارهنّ غير مسلمات من المفترض أن لا يسري عليهنّ هذا الإجراء ويرفضن التّقيّد والانصياع لهذا الأمر. أليست هذه جريمة؟ جريمة تكفير لمسلمات تونس اللاتي انتفضن ضدّ النّظام البائد ونادين بإسقاطه وتغييره متشبّثات بالهويّة الإسلاميّة التي يسعى عدوّهنّ لطمسها؟؟
هي دعوة خبيثة خبث هذه الجمعيّات التي تسعى للنّيل من أحكام شريعة الإسلام وانتقاصها منفّذة مخطّطات من أحدثها وموّلها. دعوة مردودة لن تلقى آذانا صاغية وستلفظ كما تلفظ النّواة الفاسدة، فمسلمات تونس لن تنطلي عليهنّ هذه الشعارات الكاذبة الزّائفة ولن تنال من ثقتهنّ بأحكام ربّهنّ هذه الدّعاوى ولا هذه المطالب الحقيرة التي تكشف حقدا كبيرا على الإسلام وأحكامه.
الإسلام باق وأحكامه ثابتة مهما دبّر - لزعزعته والنّيل منه - هؤلاء ومن ورائهم الغرب الكافر وسيعود نظاما يحكم العالم ويخرج النّاس من ظلمات الرّأسماليّة وظلم العلمانيّة لنور ربّهم وهدي نبيّهم.
قال ابن قدامة في "المغني" - في شرح قول الخرقي: (ولا يُزَوَّج كافر مسلمة بحال) -: "أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال، بإجماع أهل العلم، منهم: مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم".
ومن فعلت ذلك عالمةً بحرمته مستحلة له، فقد ارتدت عن دين الإسلام، ويجب عليها المبادرة بمفارقة هذا الرجل فوراً؛ لأن نكاحها له باطل، بل هو محض الزنا، ويجب عليها بعد فراقه أن تتوب إلى الله تعالى بالندم على ما صنعت والعزم على عدم العودة إليه أبداً، وإن كانت فعلته من غير استحلال ولا جحود؛ فتكون عاصية ومرتكبة لكبيرة من الكبائر، وإن كانت جاهلة بالحكم؛ لنشأتها في غير بلاد المسلمين فلا إثم عليها حينئذ، ويكون نكاحها نكاح شبهة، فإن أسلم زوجها، فهو أحق بها ما دامت في العدة، على الراجح من قولي العلماء.
بقلم: زينة الصّامت
رأيك في الموضوع