بالرغم من إعلان ألمانيا ودول أوروبية أخرى غيرها عن استقبال لاجئين من سوريا وغيرها إلا أن أوساطا في تلك البلاد تحذر مما أسموه المد الإسلامي، وكان من بين التصريحات ما قاله نائب رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ألمانيا أن على اللاجئين احترام قوانين بلاده منبها إياهم (بأن من يضعها هو البرلمان الألماني وليس الرسول).
إن أكثر هذه التخوفات بلا شك هو الخوف من أن يسود المسلمون في العديد من دول أوروبا ديموغرافيا، والخوف من أن يصبح صوتهم السياسي صوتا مرجحا في الحياة السياسية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على مجريات الحياة الليبرالية والعلمانية والأيديولوجية في دول الاتحاد الأوروبي، أو قُل على ثقافة أوروبا، الأمر الذي يسبب قلقا استراتيجيا لدى العديد من السياسيين الأوروبيين والكنيسة في أوروبا.
ولذلك فإن العديد من دول أوروبا تفضل اللاجئين النصارى حتى لو لم تعلن ذلك صراحة. وخير دليل على هذه المخاوف ما صرح به فرانك لاسكو مدير مركز تحليل بيانات الهجرة التابع لمنظمة الهجرة الدولية، مجيبا على سؤال متعلق بهذه النقطة إبان أزمة اللاجئين الأخيرة وهو أن المسلمين يمثلون أكثرية اللاجئين الوافدين إلى أوروبا ما قد يؤثر على معالم أوروبا الثقافية فأجاب: (إضافة إلى المجر والتشيك وسلوفاكيا، هناك دول أوروبية شرقية أخرى تفضل اللاجئين المسيحيين حتى لو لم تعلن هذا صراحة. وخلال الحرب في البوسنة قمت عام 1994 كمسؤول في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بزيارة أكبر مخيم للاجئين البوسنيين المسلمين في قرية بالمجر مجاورة للحدود مع كرواتيا، وهناك علمت أن عمدة المنطقة ألزم هؤلاء البوسنيين بالبقاء في مخيمهم ورفض نقلهم لمنطقته تخوفا من تغييرهم لطبيعتها السكانية والثقافية. وهذه المشكلة قديمة وتعكس مخاوف غير منطقية في دول أوروبية كثيرة تجاه المسلمين...)
إن هذا العامل يتكرس ويزداد كثيرا مع الوقت لدى الأوروبيين مع ازدياد الدراسات والبحوث والتقارير حول هذا الموضوع. فتقارير حول أسلمة أوروبا وأخرى حول أعداد المسلمين المتوقعة في عام كذا وعام كذا ومدى التهديد الديموغرافي والثقافي على أوروبا. هذا ناهيك عن الإرشادات التي يطلقها البابوات والأساقفة ورجال السياسة والإعلام الذين يبحثون لهم عن طريق من أجل الشهرة والوصول إلى سدة الحياة السياسية. هذا ناهيك عن الدراسات الحاقدة التي يقوم بها بعض اليهود لتخويف أوروبا وأمريكا من تزايد أعداد المسلمين.
ومفاد معظم الدراسات والتقارير وما حذر منه الأساقفة والباباوات هو أن نسبة 50 مليون مسلم يقطنون القارة الأوروبية الآن، وحسب الدراسات فإن طفلا واحدا من كل ثلاثة أطفال سيكون لعائلة مسلمة بحلول 2025. وحسب رئيس أساقفة بولونيا هنريك هوزر (فإن أوروبا تمر بفترة مشابهة لتلك التي مرت بها في أواخر العصور الوسطى،... وأن أوروبا ستصبح في المستقبل قارة مسلمة بلا شك).
ولذا تسير أوروبا في خطين متوازيين أمام هذا الخطر، الخط الأول الحد من قبول طلبات المهاجرين المسلمين إليها وتفضيل النصارى على المسلمين ومحاولة الكنيسة تنصير بعض اللاجئين إلى أوروبا الذين رفضت طلبات الهجرة لهم مقابل الحصول على الإقامة.
والخط الثاني هو المحاولة الجادة ضمن سياسة ممنهجة لدمج المسلمين في ثقافة أوروبا، وهذا دائما على قائمة اللوائح الدعائية الانتخابية لسياسيي أوروبا للحيلولة دون أسلمة أوروبا حسب زعمهم.
هناك سبب آخر لخوف أوروبا من المهاجرين المسلمين الآن مثل الخوف من أن يتسلل بعض مقاتلي تنظيم الدولة بين اللاجئين إلى أوروبا. وهذا سبب غير حقيقي، يقول كلود مونيكيه ضابط المخابرات الفرنسي السابق الذي يرأس المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن في بروكسل (لا حاجة بالدولة الإسلامية لتصدير مقاتلين إلى أوروبا لأنها تستورد المقاتلين من أوروبا).
إن هناك أموراً وحقائق أربع غاية في الأهمية يجب أن يدركها المسلمون المهاجرون:
الأمر الأول: هو أن سبب شقاء اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا هي تلك الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي والمدعاة زورا بالإسلامية. هم الذين أشقوا شعوب العالم الإسلامي وأجاعوهم وظلموهم وحاربوهم في دينهم وبعضهم قاتلهم وأبعدهم عن ديارهم وأوطانهم. وهؤلاء الحكام والأنظمة أُسست على يد كبريات دول أوروبا بريطانيا وفرنسا التي تلجئون إليهم الآن وذلك بعد هدم دولتكم الأم دولة الخلافة سنة 1924م.
الأمر الثاني: هو أن الدول الأوروبية هي دول رأسمالية نفعية قد شاخت شعوبها، وهي تفتقر إلى عامل الشباب والقوى العاملة وهذا ما لا ينكره الساسة والسادة في أوروبا وأن هناك العديد من الوظائف التي لا تقبل شعوب أوروبا أن تمتهنها ويقوم بها فقط اللاجئون.
الأمر الثالث: أن أوروبا التي تقدمون إليها ستحاول جاهدة دمجكم في ثقافتها وخلعكم عن دينكم فاحذروها على أنفسكم وأبنائكم واستنصحوا إخوانكم ممن سبقكم في المجيء إلى أوروبا. وإن حزب التحرير قد أصدر كتيبا عن حياة المسلم في أوروبا مبينا النصائح والمخاطر فاقرؤوه راشدين.
الأمر الرابع والأخير: وهو أن المسلم أينما حل أو ارتحل فهو جزء من أمة عظيمة، أمة محمد عليه الصلاة والسلام، همه هم المسلمين وفرحه فرحهم، وهو حامل لدعوة رسول الله eوسفير للإسلام وأهله، فعاملوا الناس في أوروبا بحسن أخلاقكم واحملوا لهم دعوة الإسلام العظيم و«لأن يهدي الله بك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس».
ونختم بتذكير المسلمين جميعا أن أزمة اللاجئين وكثيرا من الأزمات والمشكلات غيرها لم تكن لتوجد لو كانت دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة موجودة، ولولا وجود حكام عملاء للغرب، فالواجب هو العمل الجاد لإزالة عروش الحكام العملاء وإقامة دولة الخلافة الراشدة على أنقاض عروشهم، وعندها ليس فقط سيشعر المسلمون بأمان فيها بل سيلجأ إليها كل المستضعفين الذين أورثتهم الدول الغربية الاستعمارية الذل والهوان والفقر.
رأيك في الموضوع