أعلن النظام السعودي يوم الثلاثاء 15/12/2015 عن إنشاء تحالف عسكري "سني" مقره في الرياض مُشكّل من 34 دولة عربية و"إسلامية". وقد رفضت بعض الدول وتم استثناء دول أخرى من المشاركة في هذا التحالف منها العراق وسوريا والجزائر وإيران وعُمان. وكان الهدف المعلن لهذا التحالف العسكري هو محاربة ما يسمى الإرهاب في مناطق مختلفة في العالم الإسلامي. وقد كان لافتاً كلامُ جون كيري عن أن السعودية لم تطلع أمريكا على قرار إنشاء التحالف، وسبقه إلى هذا القول الجمهوري جون ماكين. فهل صحيح أن أمريكا لم تكن تعلم بفكرة إنشاء الحلف؟ وهل ما زالت أمريكا تريد الاستمرار في استخدام ورقة تنظيم الدولة لفرض سياساتها بحجة الإرهاب؟ ما هي الأهداف الحقيقية وراء إنشاء النظام السعودي هذا التحالف في هذا التوقيت؟
لا شك أن الهدف المعلن لإنشاء التحالف ما هو إلا كذب وتضليل وفيلم محروق قد تكرر كثيرا، وتنهج السعودية نهج الدول الكبرى في ركوب موجة الإرهاب من أجل تحقيق أهداف ومنافع لها ولأمريكا لا أكثر ولا أقل. فكيف تحارب أحدا أو شيئا غير محدد الملامح؟! فهناك أكثر من 16 تعريفاً للإرهاب ولا يوجد أي تعريف منهم تم تبنيه دوليا أو حتى عربيا. كما أن الإرهاب في العالم يصنع ويغذى على عين بصيرة من قبل الدول الكبرى ليسهل عليها التدخل بحجة الإرهاب في شؤون الدول لصياغة سياساتها واستغلال خيراتها وبسط نفوذها فيها. وتقوم دول الغرب وعلى رأسها أمريكا بتغذية الإرهاب بشتى الطرق والوسائل المتاحة من أجل تأجيج الصراع السياسي والدموي. ففي الدول التي تتواجد فيها الطائفية تغذي الطائفية، وفي الدول التي تتواجد فيها العرقيات والوطنيات تغذي فيها العصبيات، وفي الدول التي تتواجد فيها الأديان المختلفة تغذي فيها نزعات الكره الديني ليسهل على أمريكا ودول الغرب التدخل والظهور مظهر حلاّل المشاكل وخامد الحرائق!! شهدنا هذا في العراق وأفغانستان ونشهده في سوريا وباقي دول النزاع. ولو كان الهدف هو محاربة الإرهاب بشكل عام وتنظيم الدولة بشكل خاص فإن التحالف الستيني الدولي موجود ويعمل يوميا لهكذا غرض ولهكذا أهداف، ولذا فإن الهدف المعلن هو هدف فقط لتسويق التحالف وترويجه إقليميا ودوليا.
ولفهم الهدف من هذا التحالف العسكري، وكيف سيستخدم أمريكيا فلا بد من النظر إلى الظروف والأعمال السياسية التي سبقت المؤتمر:
1. لقد سبق إنشاء التحالف العسكري مؤتمرُ الرياض الذي جُمعت فيه المعارضة السورية المعتدلة بغية توحيدها وتشكيل وفد منها للتفاوض مع نظام الأسد في كانون الثاني/يناير 2016م. ففي الوقت الذي تضرب فيها روسيا كل فئات المعارضة السورية قام النظام السعودي باحتضانهم لاحتوائهم والإتيان بهم طوعا ورغبة لمفاوضة الأسد.
2. لقد تبلور موقف دولي وعلى رأسه أمريكا يفيد بأنه لا يمكن القضاء على تنظيم الدولة والجماعات غير المعتدلة في سوريا إلا بتدخل بري على الأرض. وحيث إن قوات الأسد مدعومة فعليا من إيران وحزبها في لبنان قد أخفقت في تحقيق هذا الهدف، إذن لا بد من بديل سني من ضمن نفس الأيديولوجية التي ينطلق منها غير المعتدلين في كل من سوريا والعراق. ولذا لم يستبعد ولي ولي العهد السعودي إرسال قوات إلى سوريا.
3. إن مجيء سلمان إلى الحكم في السعودية قد وضع حداً للمحاولات الأوروبية عرقلة مشاريع أمريكا في سوريا. فقد كانت السعودية في عهد عبد الله تسير على خطى الأوروبيين مما عسر على أمريكا النفاذ إلى أهدافها في سوريا عبر السعودية، أما وقد جاء سلمان الموالي لأمريكا فقد تيسر موضوع التعجيل لحل في سوريا على المقاس الأمريكي. يقول أحد الخبراء الدوليين أحمد الإبراهيم مجيباً على سؤال قناة ألمانيا (دي دبليو): (أين ستقاتل القوات الإسلامية المنبثقة عن التحالف الإسلامي إذا أرسلت لسوريا؟) فأجاب: (ستعمل مساندة لروسيا والقوات السورية النظامية ضد الإرهابيين، فنحن لا نستطيع التضحية بأبنائنا هناك دون تنسيق).
4. أما إن كانت أمريكا تعلم أم لا، فإن أمر التحالف السني لا يتعارض أبدا مع مخططات أمريكا؛ فقد رحب وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر بالتحالف الإسلامي المناهض للإرهاب الذي أعلنت عنه السعودية قائلا: إنه يتماشى مع حث واشنطن للدول السنية للاضطلاع بدور أكبر لمحاربة تنظيم الدولة. إن الملف اليمني والدور الإيراني فيه قد أشعل الخوف والرعب في أركان النظام الخليجي عامة والسعودي خاصة، ولذا فإن فكرة إنشاء تحالف طائفي سني عسكري له ما له من غطاء شرعي وسياسي كله يدعم أنظمة الخليج أمام زحف إيران والهاجس الشيعي في المنطقة. كما أن السعودية تريد أن تظهر من جديد بمنظر القائد وطرف معتبر كما هي تركيا وإيران فلا يستخف بها ولا تخرج من "المولد بلا حمص".
وستعمل أمريكا على محاولة إنهاء الملف السوري على الأرض عن طريق هذا التحالف. فروسيا وإيران وحزبها في لبنان تستخدمهم أمريكا للضغط عسكريا على المعارضة السورية بكافة فصائلها من أجل القبول بالحل السياسي الأمريكي للملف السوري. أما وأن الملف لا يمكن حله إلا بقوات برية وحاضنة سنية فيكون تأسيس هذا التحالف العسكري السني هو الحاضنة للمعارضة السورية المعتدلة كما سيكون بمثابة القوة البرية التي تتولى أمر القضاء على المعارضة غير المعتدلة على الأرض.
أعلن النظام السعودي يوم الثلاثاء 15/12/2015 عن إنشاء تحالف عسكري "سني" مقره في الرياض مُشكّل من 34 دولة عربية و"إسلامية". وقد رفضت بعض الدول وتم استثناء دول أخرى من المشاركة في هذا التحالف منها العراق وسوريا والجزائر وإيران وعُمان. وكان الهدف المعلن لهذا التحالف العسكري هو محاربة ما يسمى الإرهاب في مناطق مختلفة في العالم الإسلامي. وقد كان لافتاً كلامُ جون كيري عن أن السعودية لم تطلع أمريكا على قرار إنشاء التحالف، وسبقه إلى هذا القول الجمهوري جون ماكين. فهل صحيح أن أمريكا لم تكن تعلم بفكرة إنشاء الحلف؟ وهل ما زالت أمريكا تريد الاستمرار في استخدام ورقة تنظيم الدولة لفرض سياساتها بحجة الإرهاب؟ ما هي الأهداف الحقيقية وراء إنشاء النظام السعودي هذا التحالف في هذا التوقيت؟
لا شك أن الهدف المعلن لإنشاء التحالف ما هو إلا كذب وتضليل وفيلم محروق قد تكرر كثيرا، وتنهج السعودية نهج الدول الكبرى في ركوب موجة الإرهاب من أجل تحقيق أهداف ومنافع لها ولأمريكا لا أكثر ولا أقل. فكيف تحارب أحدا أو شيئا غير محدد الملامح؟! فهناك أكثر من 16 تعريفاً للإرهاب ولا يوجد أي تعريف منهم تم تبنيه دوليا أو حتى عربيا. كما أن الإرهاب في العالم يصنع ويغذى على عين بصيرة من قبل الدول الكبرى ليسهل عليها التدخل بحجة الإرهاب في شؤون الدول لصياغة سياساتها واستغلال خيراتها وبسط نفوذها فيها. وتقوم دول الغرب وعلى رأسها أمريكا بتغذية الإرهاب بشتى الطرق والوسائل المتاحة من أجل تأجيج الصراع السياسي والدموي. ففي الدول التي تتواجد فيها الطائفية تغذي الطائفية، وفي الدول التي تتواجد فيها العرقيات والوطنيات تغذي فيها العصبيات، وفي الدول التي تتواجد فيها الأديان المختلفة تغذي فيها نزعات الكره الديني ليسهل على أمريكا ودول الغرب التدخل والظهور مظهر حلاّل المشاكل وخامد الحرائق!! شهدنا هذا في العراق وأفغانستان ونشهده في سوريا وباقي دول النزاع. ولو كان الهدف هو محاربة الإرهاب بشكل عام وتنظيم الدولة بشكل خاص فإن التحالف الستيني الدولي موجود ويعمل يوميا لهكذا غرض ولهكذا أهداف، ولذا فإن الهدف المعلن هو هدف فقط لتسويق التحالف وترويجه إقليميا ودوليا.
ولفهم الهدف من هذا التحالف العسكري، وكيف سيستخدم أمريكيا فلا بد من النظر إلى الظروف والأعمال السياسية التي سبقت المؤتمر:
1. لقد سبق إنشاء التحالف العسكري مؤتمرُ الرياض الذي جُمعت فيه المعارضة السورية المعتدلة بغية توحيدها وتشكيل وفد منها للتفاوض مع نظام الأسد في كانون الثاني/يناير 2016م. ففي الوقت الذي تضرب فيها روسيا كل فئات المعارضة السورية قام النظام السعودي باحتضانهم لاحتوائهم والإتيان بهم طوعا ورغبة لمفاوضة الأسد.
2. لقد تبلور موقف دولي وعلى رأسه أمريكا يفيد بأنه لا يمكن القضاء على تنظيم الدولة والجماعات غير المعتدلة في سوريا إلا بتدخل بري على الأرض. وحيث إن قوات الأسد مدعومة فعليا من إيران وحزبها في لبنان قد أخفقت في تحقيق هذا الهدف، إذن لا بد من بديل سني من ضمن نفس الأيديولوجية التي ينطلق منها غير المعتدلين في كل من سوريا والعراق. ولذا لم يستبعد ولي ولي العهد السعودي إرسال قوات إلى سوريا.
3. إن مجيء سلمان إلى الحكم في السعودية قد وضع حداً للمحاولات الأوروبية عرقلة مشاريع أمريكا في سوريا. فقد كانت السعودية في عهد عبد الله تسير على خطى الأوروبيين مما عسر على أمريكا النفاذ إلى أهدافها في سوريا عبر السعودية، أما وقد جاء سلمان الموالي لأمريكا فقد تيسر موضوع التعجيل لحل في سوريا على المقاس الأمريكي. يقول أحد الخبراء الدوليين أحمد الإبراهيم مجيباً على سؤال قناة ألمانيا (دي دبليو): (أين ستقاتل القوات الإسلامية المنبثقة عن التحالف الإسلامي إذا أرسلت لسوريا؟) فأجاب: (ستعمل مساندة لروسيا والقوات السورية النظامية ضد الإرهابيين، فنحن لا نستطيع التضحية بأبنائنا هناك دون تنسيق).
4. أما إن كانت أمريكا تعلم أم لا، فإن أمر التحالف السني لا يتعارض أبدا مع مخططات أمريكا؛ فقد رحب وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر بالتحالف الإسلامي المناهض للإرهاب الذي أعلنت عنه السعودية قائلا: إنه يتماشى مع حث واشنطن للدول السنية للاضطلاع بدور أكبر لمحاربة تنظيم الدولة. إن الملف اليمني والدور الإيراني فيه قد أشعل الخوف والرعب في أركان النظام الخليجي عامة والسعودي خاصة، ولذا فإن فكرة إنشاء تحالف طائفي سني عسكري له ما له من غطاء شرعي وسياسي كله يدعم أنظمة الخليج أمام زحف إيران والهاجس الشيعي في المنطقة. كما أن السعودية تريد أن تظهر من جديد بمنظر القائد وطرف معتبر كما هي تركيا وإيران فلا يستخف بها ولا تخرج من "المولد بلا حمص".
وستعمل أمريكا على محاولة إنهاء الملف السوري على الأرض عن طريق هذا التحالف. فروسيا وإيران وحزبها في لبنان تستخدمهم أمريكا للضغط عسكريا على المعارضة السورية بكافة فصائلها من أجل القبول بالحل السياسي الأمريكي للملف السوري. أما وأن الملف لا يمكن حله إلا بقوات برية وحاضنة سنية فيكون تأسيس هذا التحالف العسكري السني هو الحاضنة للمعارضة السورية المعتدلة كما سيكون بمثابة القوة البرية التي تتولى أمر القضاء على المعارضة غير المعتدلة على الأرض.
رأيك في الموضوع