أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن عدم توصل أطراف النزاع في اليمن إلى اتفاق خلال محادثات جنيف، وأنه لم يتم الاتفاق على موعد لجولة أخرى من المحادثات، كما أعلن وزير خارجية الحكومة اليمنية رياض ياسين أن مفاوضات السلام حول اليمن انتهت دون التوصل إلى اتفاق، وقال: "للأسف لم يتح لنا الوفد الحوثي تحقيق تقدم حقيقي كما كنا نتوقع" وقال "إن عدم تحقيق النجاح كما كنا نأمل لا يعني أننا فشلنا".
وإخفاق مؤتمر جنيف كان أمرا متوقعا، إذ إنه انعقد في ظروف لا تسمح بالتوصل لنتائج حقيقية، كما إن إصرار أمريكا على عقد المؤتمر لم يكن كما يبدو بناء على أنهم يريدون به إنهاء النزاع أو أنهم يتوقعون ذلك منه، فقدقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «جون كيربي» للصحافيين في إفادة صحفية إن محادثات السلام اليمنية "بداية مفيدة... علينا أن نتوقع أنها قد تكون عملية طويلة"، وقال حمزة الحوثي عضو وفد الحوثيين إن المشاورات "ترسي أسساً أكثر جدية وعمقا مستقبلاً".
وقد سبق عقد مؤتمر جنيف لقاء وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى "آن باترسون" في مسقط بالحوثيين، فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف "إن كبيرة الدبلوماسيين الأمريكيين للشرق الأوسط آن باترسون التقت في سلطنة عمان ممثلين لأطراف معنيين بالنزاع المستمر في اليمن "بينهم ممثلون للحوثيين" في محاولة لإقناع جميع الأطراف بالمشاركة في مؤتمر السلام المقترح عقده في جنيف.
وقالت "هارف" إن الاجتماع مع الحوثيين يهدف إلى "تعزيز فكرتنا القائلة إن حلا سياسيا للنزاع في اليمن هو وحده ممكن وإن كل الأطراف بمن فيهم الحوثيون" ينبغي أن يشاركوا فيه.وقد ترأس وفد الحوثيين المتحدث الرسمي باسمها محمد عبد السلام وإلى جانبه القيادي في الحركة صالح الصماد. وذكرت "العربي الجديد" أن الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، شارك في حوارات مسقط قبل أن يعود إلى محل إقامته في القاهرة. وقالت الصحيفة نقلا عن مصادر وصفتها بالمتطابقة أن القيادي في الحراك الجنوبي، محمد علي أحمد، حضر مع علي ناصر جانباً من تلك اللقاءات".
فكان بعد ذلك الاجتماع إعلان الحوثيين المشاركة في مؤتمر جنيف.
أما بالنسبة لهادي المقيم في السعودية تحت نظر عملاء أمريكا فقد شدد في مقابلة مع قناة العربية في 10/6/2015 "على أن الذهاب إلى جنيف لا يعني التنازل عن مخرجات الحوار الوطني، وإنما على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، وبالأخص القرار 2216 ومن أجل إيقاف آلة القتل التي يتعرض لها أبناء الشعب اليمني وإخراج اليمن من وضعه الراهن".
ومع هذا التشديد لهادي على قرار 2216 إلا أن ولد الشيخ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن أعلن في 14/6/2015 "أن المحادثات التي ستجري في جنيف تستند إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل". فأسقط ولد الشيخ قرار مجلس الأمن 2216 كمرجعية للحوار اليمني، والقرار ينص على ضرورة انسحاب الحوثيين من المدن التي استولوا عليها، وتسليم أسلحتهم للدولة.
وحكومة هادي يدركون أن مخرجات مؤتمر جنيف على إخفاقه أنتجت استبعاد قرار مجلس الأمن 2216 وأفرغته من مضمونه، ففي لقاء صحيفة الشرق الأوسط مع رياض ياسين وزير الخارجية اليمني نشر في 26/6/2015 قال جوابا على سؤال: المبعوث إسماعيل ولد شيخ قدم سبعة مبادئ للأمم المتحدة أول من أمس فقال "ما طرح من المبعوث الأممي لليمن، حول سبعة مبادئ التي نعتبرها أفكارا، لكنها إذا لم تكن ضمن إطار تنفيذ القرار 2216، فهي ستبقى مجرد أفكار، لأنها ليست آلية، والمطلوب الآن إيجاد آلية جدية وخطوات عملية، وليست مبادئ عامة، لأن المبادئ يفترض أن تكون قبل إصدار القرار من الأمم المتحدة... وسئل "في حال لو نقلت مشاورات جنيف إلى مسقط.. هل ستحضرون؟" فقال: "في هذه المرحلة لا أعتقد أننا سنذهب إلى أي مكان، إلا في حال كان التشاور تحت إطار تنفيذ القرار 2216 فقط، أما إذا كان الغرض من قبول الدعوة من أجل فتح الحوارات الجانبية، الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف القرار 2216 فهذا غير مقبول على الإطلاق، وأن أي محاولات من أي دولة أو منظمات للالتفاف حول القرار 2216 أو إصدار المبادرات الشخصية، فهي محاولات لإرباك المشهد السياسي اليمني، أكثر مما هو مربك".
فهذا التركيز على قرار مجلس الأمن من قبل حكومة هادي يأتي في مقابل سعي ولد الشيخ تخليص الحوثيين من تبعات قرار 2216، لذلك فإن مؤتمر جنيف لم ترد منه أمريكا إنهاء الصراع في اليمن ولكنها أرادت أن تثبت مقعد الحوثيين على طاولة المفاوضات فأصبحوا في مؤتمر جنيف هم الطرف المقابل لحكومة هادي والباقي في الحواشي على الرغم من أن علي عبد الله صالح حجز له مقعدا ذا وزن، كما أن أمريكا أرادت من المؤتمر تخليص الحوثيين من تبعات قرار مجلس الأمن 2216.
وبالرغم من هذا كله فإن الصراع في اليمن ما زال يشتد أواره بين المتصارعين الحقيقيين أمريكا وبريطانيا، والبقية الباقية إنما هم أدوات محلية وإقليمية يقدمون دماء المسلمين قرابين للنفوذ الأمريكي والإنجليزي.
وستبقى مشكلة اليمن قائمة حتى يأذن الله بنصره ويمنّ على المسلمين بدولة الخلافة الحقيقية على منهاج النبوة وهي وحدها التي تستطيع قطع كل نفوذ للغرب الكافر وبها وحدها تحقن دماء المسلمين، وتعود لهم عزتهم ومجدهم وكرامتهم.
رأيك في الموضوع