عندما اقتحم كيان يهود حي الشيخ جراح بعد تدنيس المسجد الأقصى في رمضان وهاجم المستوطنون أحد البيوت في ذلك الحي الصامد المستهدف، خرجت إحدى الحرائر في وجه المستوطنين مستنصرة بأهل مصر ومستقوية بهم وبذلك اليوم الحتمي: "بكره راح يجيكم مئة مليون مصري ويحرروا فلسطين، لو عطسوا عليكم راح يطيروكم".
هذا اليقين بذلك اليوم الذي يتحرك فيه أهل مصر يعكس نظرة أهل فلسطين إلى عزوتهم في مصر والأمة الإسلامية، فهم ينتظرون من الأمة أن تقوم بمسؤولياتها تجاه الأرض المباركة ومسرى الرسول ﷺ، ينتظرون جيشا كجيش صلاح الدين وقائدا كقطز ومعركة كمعركة حطين، ويؤمنون بحتمية ذلك التحرك.
تحرك يُمنع ويُكبّل وتوضع أمامه العراقيل في ظل طغاة وعملاء كالسيسي وبشار وغيرهما من الطغاة في البلاد الإسلامية، والأمة تدرك وجوب اقتلاعهم وتتحفز للتغيير، وأهل فلسطين ينتظرون ذلك التغيير الذي سيؤدي لتحرير الأرض المباركة.
والأرض المباركة شاهدة على أن أمة الإسلام أمة عظيمة لا تنكسر، قد تمرض ولكنها لا تموت، فنهضت بعد الغزوات الصليبية وهزمت الصليبيين واقتلعت ممالكهم من بلادنا واجتثت إمارتهم من بيت المقدس، وواصلت مسيرة الفتوحات حتى رفعت راية الإسلام على القسطنطينية ووقفت على الأبواب الشرقية لأوروبا، واستعادت مجدها، وكذلك فعلت بعد غزوات المغول فكسرت ظهورهم على تراب الأرض المباركة مرة أخرى في معركة عين جالوت الفاصلة، واستعادت مجدها وعزها وكرامتها ودورها في حمل الإسلام، واستأنفت الخلافة العثمانية حمل الإسلام والفتوحات في شرق أوروبا، وأسلم أهل البوسنة والهرسك وألبانيا، فالأمة الإسلامية قد تقف حائرة في بعض الأحيان، ولكن سرعان ما تستعيد عظمتها وقوتها العقدية والاتصال بجذورها وتاريخها وتستحضر أبطالها، لأنها تمتلك عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومن يمتلك هذه العقيدة لن يقف أمامه شيء، فتحرك الأمة الإسلامية مسألة طبيعية وحتمية، وهذه الفترة الاستثنائية من حياتها يجب أن تزول، فصاحبة الرسالة العالمية يجب أن تكون أمة أولى في العالم بما تحمله من خير للبشرية جمعاء، بما تحمله من رسالة ونور، ومن الحتمي أن تستعيد همتها وتثور على كل الطغاة، وقد عودت العالم على أنها تستفيق في لحظات قد يظن فيها الأعداء أنها ماتت.
إن نجاح الثورات في بلادنا يكون باجتثاث الأنظمة من جذورها، فالاستعمار الغربي قسم الأمة الإسلامية على مقاسات حدود سايكس بيكو، ونصب عليها عملاء يحكمونها بأمره، صُممت لهم دول لتكون فاشلة سياسيا واقتصاديا وثقافيا، والنجاح الوحيد لها هو خدمة المستعمرين، فالثروات في ظل تلك الدول الفاشلة مستباحة للمستعمرين، والجيوش صامتة لا تتحرك، والشعوب حبيسة ضمن حدود سايكس بيكو حتى لا تتوحد في دولة جامعة قوية.
هذه الدولة لن تعود إلا بعد اجتثاث هذه الأنظمة من جذورها، فلا يمكن للأمة أن تستعيد إرادتها السياسية ومكانتها في العالم بتغيير عميل هنا أو عميل هناك، فلا بد من اقتلاع هذه المنظومة الفاشلة كلها من بلادنا، وإقامتها خلافة راشدة على منهاج النبوة.
فإقامة الخلافة عنوان نجاح أي ثورة في البلاد الإسلامية، نجاح يفضي بالضرورة إلى أن تضع آمالها وطموحاتها وحلول مشاكلها موضع التطبيق وأن تستمد هذه الحلول من عقيدتها، وعلى رأس قائمة المشكلات احتلال الأرض المباركة ومسرى الرسول ﷺ، والحل الشرعي هو تحرير هذه الأرض.
وتحرير الأرض المباركة هو انعكاس طبيعي لأي تحرر للأمة الإسلامية في أي مكان وما ترنو إليه عيونها، فكلما شعر الثائرون على الأنظمة باقتراب التحرر من الطغاة ارتفعت أصواتهم في الميادين بتحرير فلسطين، كان ذلك في مصر والشام واليمن وتونس، فالأمة الإسلامية أمة واحدة، آمالها وطموحاتها وأهدافها واحدة، وأول هدف تريد أن تحققه بعد تحررها الحقيقي هو تحرير مسرى نبيها ﷺ في إعلان صارخ للعالم أن الأمة قد استعادت سلطانها وإرادتها السياسية وعادت لتحمل الإسلام رسالة للعالمين. رسالة قد تسبقها في التوقيت رسالة من الأرض المباركة فلسطين لأهلنا وإخوتنا وأحبتنا وعزوتنا في مصر:
أنتم قادرون على التغيير، فهذه أنظمة هشة لا سند لها من الأمة ولا تقوى على الوقوف أمامكم إن تحركتم، وإخوتكم في الجيش المصري أهلكم وعزوتكم خاطبوهم ليتحركوا معكم، خاطبوهم ليحكموا الإسلام، وليرفعوا راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، خاطبوهم لأنهم منكم وإليكم، فهم ليسوا جيش السيسي، وليسوا جيش أمريكا أو الناتو، هم جيشكم، جيش الأمة الإسلامية، من مصر جاء التحرير وانطلقت الجيوش مكبرة مهللة لتصنع عين جالوت، ولترفع رايات الإسلام على الأرض المباركة وبلاد الشام ولتكسر ظهر المغول، واليوم هذه هي مهمتكم، يا أهلنا في مصر: التفوا حول جيشكم وطالبوه باستعادة الحكم بما أنزل الله ليس لعزكم فقط بل لعز الإسلام والمسلمين، مستحضرين المظفر قطز عندما قاد الجيوش من مصر وصاح في أرض المعركة وا إسلاماه، لم تكن تلك الجيوش لتقاتل من أجل حدود سايكس بيكو، ولا من أجل عصبية قومية أو وطنية مقيتة، بل قاتلت وانتصرت فقط عندما قاتلت من أجل الإسلام، تحرروا يا أهل مصر لنحتفل في ساحات المسجد الأقصى تحريرا بتحرركم.
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع