"حبل الكذب قصير مهما طال" مثل يصدق في أردوغان الذي لطالما تمسح بالإسلام وخادع الناس بمشاعرهم وعواطفهم الإسلامية ليسوق أردوغان نفسه على أنه سليل الفاتحين، وحفيد العثمانيين، ويضفي على نفسه ألقاب السلاطين وأمير المؤمنين، لكن ممارساته وتحركاته مزقت ثوبه وهتكت ستره وأسقطت ورقة التوت فكشفت عن سوأته، وفضحت خيانته ومهما فعل فلم يعد قادراً على سد الرقع فقد اتسعت عليه، وكما يقال بأن الحقيقة شمس لا يغطيها غربال فإن خيانة النظام التركي حقيقة، ولا يجادل فيها إلا من أعماه الجهل والاسترزاق بالدين وقضايا الأمة مقابل فتات من المال السياسي القذر يلقيه إليه هذا النظام لينظف ساحته ويبيض صفحته.
كان هذا الأمر واضحاً لكل ذي عينين منذ بداية تولي حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان السلطة في تركيا عام 2003 حيث الحرب الأمريكية على العراق، والتي فُتحت القواعد العسكرية الأمريكية مثل إنجرليك وغيرها على مصراعيها لتكون منطلقاً لدك أهلنا في العراق بالطائرات والقنابل فتقتل وتدمر وتشرد الملايين. وكذلك في دعم الحرب الأمريكية على أفغانستان باعتبار تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي.
وكان دور تركيا أردوغان فاعلاً بالتعاون مع روسيا في وأد الثورة السورية، والالتفاف على الثوار، وشراء الذمم عبر المال والوعود الكاذبة، ثم تسليم المناطق المحررة وإعادتها للنظام ما ساعد على تثبيت النظام بعد أن كاد ينهار في بداية الثورة.
وعن علاقته مع كيان يهود فلطالما زعم أردوغان العفة وتدثر بالشرف، فحمل كثيراً وشنع على أولئك المطبعين مع الكيان وصدع رؤوسنا بشعارات جوفاء ليس لها أي رصيد في الواقع، ثم جاءت الأحداث تترى لتذيب الجليد عن جبل الخيانة والتي كان آخرها الاستقبال الحافل لرئيس يهود هرتسوغ، ولكسب رضاهم كشفت بعض الأخبار عن سعي النظام التركي للحد من نشاط الفصائل الفلسطينية المقاومة، والطلب من بعض الشخصيات مغادرة الأراضي التركية، وإلزام بعضها بعدم ممارسة أي نشاط يضر بمصالح كيان يهود داخل تركيا أو خارجها مهما كان نوعه بحيث تكون تركيا منطلقا له، ليكشف عن زيف مواقفه وكذبه في دعم قضية فلسطين، ثم جاءت زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الأسبوع الماضي ليؤكد مشاركة النظام التركي في مارثون التطبيع مع كيان يهود، فقد "أكد أوغلو من القدس بعد لقاء نظيره (الإسرائيلي) يائير لابيد أن تحسن العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب سيصب في مصلحة الفلسطينيين" (فرانس 24). وفي المؤتمر الصحفي مع وزير خارجية السلطة رياض المالكي قال أوغلو: "دعمنا للقضية الفلسطينية منفصل عن علاقتنا مع تل أبيب"، وفي محاولة فاشلة للتغطية على جريمته ومنكره، قام النظام التركي وكعادته في شراء الذمم وإخراس الألسن والضحك على الذقون باستخدام المال السياسي القذر، فقد أُعلن عن العديد من المشاريع الاقتصادية وعقد الاتفاقات التجارية مع السلطة.
إن هذا الكلام عن انفصال التطبيع مع يهود عن دعم قضية فلسطين يصدق فيه حديث رسول الله ﷺ «إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»، فلا يمكن لعاقل أن يفهم ذلك الكلام المتناقض مع مصالح الأمة إلا أنه دغدغة للعواطف وتغليف للخيانة، فكيف يكون الفصل بين القضية وسبب وجودها؟! أوليست قضية فلسطين وما تعاني منه الأرض المباركة من ظلم واضطهاد بسبب وجود هذا الكيان المحتل الغاصب؟! فكيف يكون دعمكم صادقاً يا وزير خارجية تركيا في الوقت نفسه الذي تطبعون فيه مع المحتل القاتل؟! كيف يمكن أن نطمئن إلى قدرتكم على نصرتنا ومنع الاعتداء علينا وعلى مقدساتنا بينما لم تستطيعوا أن تمنعوا تهديدات عدونا الوقحة بقتلنا واستباحة أقصانا؟! كيف لنا أن نثق بكم وبجديتكم في تحريرنا وتخليصنا من محتلينا بينما تعترفون بكيان يهود وحقه في الوجود عبر تمسككم بحل الدولتين، الذي يفرط بـ80% من الأرض المباركة؟!
إن هذه المواقف المخزية من الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين بقدر ما تقربها من كيان يهود بقدر ما تبعدها عن الأمة وتؤكد انفصالها عن الأمة وعن تطلعاتها في الخلاص والتحرر، سيما وقد باتت الأمة تتلمس حقيقة ذلك الكيان وضعفه وإمكانية التغلب عليه، فتأتي مساعي الأنظمة هذه لتمد له طوق النجاة من خلال تطبيعها الآثم.
وبينما باتت الأمة أقرب من أي وقت مضى تدرك أن مصيرها مرتبط باستعادة وحدتها وتحررها بزوال كيان يهود نجد تلك الأنظمة بما فيها النظام التركي تربط مصيرها ووجودها بالمحافظة عليه، وهم لا يدركون أنهم بذلك يربطون زوالهم بزواله، وأنهم لا يستجلبون بخيانتهم تلك إلا غضب الله والخسران المبين.
إن ما نراه من تطبيع مذل من الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين، ومن خذلان للأمة وقضاياها، والانبطاح أمام أعدائها واتخاذهم أولياء، إنما هو نتيجة طبيعية لوجود تلك الأنظمة، ومنها النظام في تركيا، ولكننا ندرك في الوقت نفسه أن المسلمين في تركيا والجيش التركي يتوقون للعزة ومواقف الكرامة، يتوقون للجهاد في سبيل الله وتحرير المسجد الأقصى فيلتحمون مع أهل فلسطين كما كانوا في السابق حماة للأقصى في ظل دولة الخلافة التي حافظت على فلسطين وحفظتها كما يحفظ العضو من الجسد.
لقد أسمع المصلون في المسجد الأقصى صوتهم وإنكارهم لزيارة أوغلو الذليلة، لقد أسمعوه أن المسجد الأقصى لا يستقبل المطبعين والمتخاذلين وإنما يستقبل المجاهدين والفاتحين، أسمعوه دعوتهم للمجاهدين في الجيش التركي ليقوموا بواجبهم تجاه مسرى رسول الله ﷺ، فهل تصل الرسالة إلى الجيش التركي نقية كما سمعها؟! وهل سينقل الإعلام التركي هذه الرسالة إلى المسلمين في تركيا؟!
فيا جيش تركيا وكل جيوش المسلمين إننا نستنهضكم للجهاد في سبيل الله واقتلاع كيان يهود من جذوره فهل أنتم مجيبون؟!
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع