أجرى المقابلة مراسل الراية في اليمن
لو تلخّصون لنا في البدء رؤيتكم لواقع المشكلة الحالية في اليمن؟
بداية أشكر جريدة الراية والعاملين عليها على هذه الاستضافة، وأسأل الله أن يجعل أعمالنا جميعا خالصة لوجهه الكريم وأن ينعم علينا وعلى أمة الإسلام بخلافة راشدة على منهاج النبوة.
إن مشكلة اليمن في الوضع الراهن هي مشكلة نتجت من تراكمات لمشكلات عانى منها اليمن وأهله بعد سقوط الخلافة العثمانية حيث غاب حكم الإسلام عن واقع أهل اليمن إلا من بعض الأحكام الشرعية الجزئية في عهد حكم الأئمة مما جعل اليمن مطمعا للدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا، خاصة وأن اليمن ذو موقع استراتيجي وثروات كثيرة ومتنوعة بالإضافة إلى التزام أهله بدينهم من حيث الطابع العام على الأفراد، كل هذه المزايا جعلت اليمن ميداناً لصراع دولي بين الاستعمار القديم بريطانيا والاستعمار الجديد أمريكا، فعملت هذه الدول على إيجاد أنظمة وضعية فاسدة وحكام عملاء واحتوت الوسط السياسي - إلا من رحم الله - بالعمالة المباشرة أو غير المباشرة عن طريق ربطها بعملائها من حكام المنطقة، إذن الصراع في اليمن صراع سياسي على النفوذ والثروة تؤججه دول استعمارية بأيادٍ محلية وإقليمية، وأصبح غالب أهل اليمن إن لم يكن كلهم يدركون ذلك.
هل من الممكن القول إن الثورة التي قام بها أهل اليمن قد نتج عنها عكس ما كان يطمح إليه الناس، وذلك على غرار ثورة تونس ومصر وليبيا؟
نعم، هذا ما حصل وبكل وضوح يرى الناس أن ثورتهم لم تحقق أهدافها، حيث خرجوا يَصْبون من خلال ثورتهم إلى العيش الكريم في ظل دينهم القويم، لقد خرجوا ضد الظلم وهم يعلمون أن الظلم كل الظلم في غير الإسلام، وأن لا حياة كريمة يتصورونها إلا في شرع ربهم.
كيف استطاع الكفار المستعمِرون الالتفاف على ثورة أهل اليمن؟ وما هي الأدوات التي اعتمدوا عليها للحيلولة دون تحرير اليمن من نفوذهم؟
لقد قام الغرب الكافر المستعمر عن طريق سفاراته ومنظماته وعملائه من سياسيين وجماعات بتسميم أجواء الثورة وتصدُّرها وحرفها عن براءتها وصفائها، فبدأت شعارات الدولة المدنية تظهر في الساحات وقامت المنظمات الماكرة بعمل الدورات التدريبية والتنظيمية في الساحات لبث أفكار الغرب وصناعة مثقفين بنمط غربي ليقودوا الثورة، أما السفارات فقد قامت بلعبتها في رسم الحلول وحماية هؤلاء المضبوعين بالثقافة الغربية والمتصدرين لقيادة الثورة كما حصل مع توكل كرمان، أما الحكام والسياسيون فقد تخندق كل منهم حسب ما تطلب منه دول الصراع وأدواتها حتى انتهت الأمور إلى تسوية سياسية أرادتها بريطانيا لتحافظ على نفوذها وعملائها وتحميهم فكانت المبادرة الخليجية برعاية الأمم المتحدة وبدأ الحوار الوطني الذي انتهى بالحرب!! حيث أفشلت أمريكا ذاك الحوار عن طريق الحوثيين وجمال بن عمر الذي مكن للحوثيين وشرعن لتعنُّتهم وأعمالهم الانقلابية، وهكذا وصل اليمن إلى حرب داخلية وحرب خارجية وكان قد أدخل ضمن البند السابع من قانون العقوبات الدولية، ولكن دول الصراع تجيّر هذه القوانين وتعمل كل دولة لتجنب عملاءها من عقوبات صارمة قد تنالهم وإن صدرت فهي فارغة المحتوى عند التنفيذ.
بالنسبة لعاصفة الحزم، ما هي الأهداف الحقيقية لتحالف عاصفة الحزم؟ وهل نستطيع القول أن تلك الأهداف قد تم تحقيقها؟
الموقف الدولي وتغير العملاء هو الذي أتى بعاصفة الحزم؛ إذ إن صاحب الوعي السياسي المستنير يدرك أبعاد ما ترمي إليه تلك الدول الاستعمارية وخاصة أمريكا في المنطقة، ومع وصول سلمان إلى الحكم في السعودية، وهو أمريكي العمالة فإن أمريكا - والحرب حربها لكن بأموال ومقدرات ودماء المسلمين - أرادت أن تضرب عصفورين أو أكثر بحجر واحد؛ فهي تريد إعطاء دور لعميلها سلمان وتقوية نفوذها في الأسرة الحاكمة، وقد بدأت أمريكا بمغازلة السعودية بحمايتها بعمل درع صاروخية لحمايتها من البعبع الإيراني وأتباعه في اليمن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فأمريكا تريد في اليمن أن تنقذ الحوثيين بحرب محدودة (الضربة التي لا تميتك فإنها تقويك) بحيث تبديه مظلوما أمام العالم وتنقذه من ورطة الانفراد الفاشل بالحكم والتمدد الذي أرهقه وجعله فريسة سهله لخصومه وكذلك للقاعدة، بالإضافة للعبء الثقيل بتحالفه مع علي صالح الذي أوعزت له بريطانيا أن يساير الحوثيين ليعود من خلالهم إن أمكن أو ابنه، فأمريكا تخاف من عودة صالح وهي تريد القضاء على النفوذ الإنجليزي الذي يحاول العودة للحكم المتمثل في علي صالح وقوته الموالية له في الجيش وعزله ما أمكنها ذلك عن العملية السياسية.
كيف تفسر استمرار الضربات الجوية لتحالف عاصفة الحزم مع إعلان التحالف أن عملية عاصفة الحزم قد انتهت؟
نعم انتهت عاصفة الحزم وأعلن البيت الأبيض أن المهمة لم تنته بعد، وتبعتها عملية إعادة الأمل وهي مزيج من عمل سياسي وعسكري، فالضربات لم تنته والحرب مستمرة، كل ذلك لترتيب الأوراق ولتهيئة الأجواء للجلوس على طاولة الحوار متى ما أرادت أمريكا ذلك.
في ظل الحديث عن موافقة أطراف الصراع في اليمن على البدء في حوار سياسي، كيف ترون المشهد السياسي في اليمن؟
نتيجة لشدة الصراع الدولي فإن المتوقع أن يطول الصراع فالأمور معقدة والأطراف متعددة وإن جلست هذه الأطراف للحوار فسيكون هناك حلٌ وسط يرضي الأطراف المتصارعة وهذا الحل الوسط له سيناريوهات عديدة في تفصيلاته حيث سيكون لأتباع أمريكا (الحوثيين والحراك الجنوبي بقيادة علي سالم البيض) شراكة في المشهد السياسي في الشمال والجنوب بإقليمين أو عدة أقاليم، وسيتم تكفل دول الخليج بإعادة الاعمار، وسيقال أنه قد تم ضرب سلاح الحوثيين وسيتحولون إلى حزب سياسي، وربما أدخلت اليمن في مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد وعلى مراحل لضمان حمايته من الحوثيين ولمكافحة الإرهاب حيث سيغدو اليمن بلا جيش، فالسيناريو هذا قد لا يتحقق تفصيلا لكن يبقى الحل الوسط حمال أوجه.
كيف ترون حل مشكلة الصراع في اليمن، ليس فقط من ناحية الخط العريض وإنما من الناحية التفصيلية؟
هناك إجراءات عملية على أهل اليمن القيام بها ولن يسعنا تفصيلها، والحل يكون في أن يهب أهل اليمن لرفض هذا الصراع والاقتتال سواء أكان محليا أم خارجيا، والضغط على أدواته لتتوقف عن عبثها في البلاد والعباد وإجبارها بشتى الوسائل الشرعية للرجوع إلى شرع الله والنزول عند أوامره، والأخذ على يدها حتى تقطع كل صلة بالغرب وبالحكام العملاء، وأن تتوب إلى الله من الارتماء في أحضانهم، وأن تعتزل هذه الأدوات كلها فإنما هي أبواق على أبواب جهنم،، وأن يقوم أهلنا في اليمن بالعمل الجاد المجد للخروج من هذه الأزمة المستعصية على الحلول الوضعية، وأن يتحاوروا ويتحاكموا إلى شرع الله ففيه الحل الناجع، فقد آن الأوان لتدارك الأمر فيمدوا أيديهم بأيدي العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الإسلامية التي تتجسد بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
رأيك في الموضوع