نشر موقع سبوتنيك أوزبيكستان في 7 حزيران/يونيو 2021م الخبر التالي: "يقوم رئيس أوزبيكستان شوكت ميرزياييف بزيارة رسمية إلى طاجيكستان يومي 10 و11 حزيران/يونيو. وقد أعلن ذلك سكرتيره الصحفي شيرزود أسدوف في الإيجاز الصحفي لممثلي وسائل الإعلام. وبحسب أسدوف فإن المفاوضات الرئيسية ستجرى في اليوم الأول من الزيارة في مدينة دوشنبه. وأيضا تم التخطيط لعدد من التدابير في اليوم الثاني من الزيارة في مدينة خوجند".
لفهم دوافع ومقاصد زيارة رئيس أوزبيكستان شوكت ميرزياييف إلى طاجيكستان من الضروري الالتفات إلى الحقائق التالية:
من المعروف أن أوزبيكستان تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً في آسيا الوسطى، وآسيا الوسطى أيضا تحتل موقعا كهذا في أوراسيا. وفي أوائل القرن العشرين طرح المنظر الجيوسياسي البريطاني هيلفورد ماكيندر فكرة أن "كل من يسيطر على آسيا الوسطى يسيطر على أوراسيا ومن يسيطر على أوراسيا يسيطر على العالم". يتفق معظم المحللين مع الرأي القائل بأن التحديات الرئيسية للأمن العالمي على المدى القصير مرتبطة بتطور الوضع في الفضاء الأوراسي. لذلك يتصاعد الصراع بين اللاعبين الرئيسيين في المنطقة: روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين.
فعلى سبيل المثال نجحت روسيا في إخراج قاعدة عسكرية أمريكية من مطار ماناس في قرغيزستان، ولكن أمريكا لا تستسلم بسهولة. لقد جاءت أمريكا إلى آسيا الوسطى بشكل جدي ولتبقى لفترة طويلة. وخاصة الآن عندما تقوم بسحب قواتها من أفغانستان فإن آسيا الوسطى وخاصة أوزبيكستان مهمة للغاية بالنسبة لها. ووفقا لبعض العسكريين وممثلي الإدارة الأمريكية تعتبر أوزبيكستان وطاجيكستان من أفضل الأماكن لنشر القوات الأمريكية. ستسعى أمريكا أيضاً إلى السيطرة على قطاع الطاقة في المنطقة. وروسيا أيضاً تسعى إلى هذا. لأن طاجيكستان وحدها هي التي تمتلك احتياطيات ضخمة من الطاقة الكهرومائية والتي تمثل ما يقرب من نصف جميع احتياطيات الطاقة الكهرومائية في آسيا الوسطى. ويتدفق حوالي 1000 نهر عبر طاجيكستان. ووفقاً لبعض التقديرات يمكن الحصول من هذه الموارد المائية على 527 مليار كيلوواط كهرباء! ووفقاً لما أورده موقع آسيا بلس في 7 حزيران/يونيو 2021 قال وزير الصناعة والتكنولوجيات الجديدة في طاجيكستان شيرالي كبير "إن طاجيكستان لديها أكبر احتياطيات من الفضة والذهب ووُلفرام والنحاس والمعادن الأخرى في آسيا الوسطى". وهذا بطبيعة الحال يتسبب في سيلان لعاب الكفار المستعمرين. ولكن على الرغم من الإمكانات الاقتصادية الهائلة تُعد طاجيكستان أفقر دولة في آسيا الوسطى وفقاً لمجلة جلوبال فاينانس التي تستند إلى بيانات من البنك وصندوق النقد الدوليين! وفي طاجيكستان (عدد سكانها 9.1 مليون نسمة) يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 800 دولار أمريكي فقط! وهذا يعني أنه من غير المرجح أن يتلقى ميرزياييف دعماً اقتصادياً من طاجيكستان.
ويسعى الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى الحصول على بعض النفوذ في آسيا الوسطى وخاصة في أوزبيكستان. وعلى سبيل المثال في 7 حزيران/يونيو 2021 أفادت RFE / RL أن الاتحاد الأوروبي قد خصص 142 تريليون سوم (11 مليون يورو) للتنمية الريفية في أوزبيكستان، وفقاً لمفوضية الاتحاد الأوروبي في أوزبيكستان. وتحاول الصين أيضاً توسيع نفوذها في آسيا الوسطى. ووفقاً لفيتالي كوليك مدير مركز دراسة قضايا المجتمع المدني في أوكرانيا فقد خصصت الصين أكثر من 50 مليار دولار لبناء طرق بديلة لنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى. ومن المعروف أن الصين تحاول إعادة بناء طريق الحرير العظيم واكتساب نفوذ اقتصادي. ومن الأمثلة على ذلك مشروع إنشاء خط سكة حديد بين مدينة بنجيكينت وسمرقند. لأنه حسب خبر في موقع Kun.Uz في 26 نيسان/أبريل 2021م فإنه خلال المحادثات في دوشنبه ركز ممثلو وزارتي النقل في أوزبيكستان وطاجيكستان على تطوير ممر النقل الأوزبيكي الطاجيكي الصيني.
ومع ذلك يمكن القول إن الصراع في آسيا الوسطى وخاصة أوزبيكستان هو أساساً بين لاعبين هما روسيا وأمريكا. ستحاول روسيا كسب النفوذ من خلال المجتمع الاقتصادي الأوروبي الأوراسي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون، بينما ستسعى أمريكا إلى كسب النفوذ عن طريق التغلغل الثقافي والإقراض من خلال البنك وصندوق النقد الدوليين. تعتمد روسيا أكثر على القوة لتأكيد نفوذها. ويتضح هذا من خلال الصراع الدموي الأخير على الحدود الطاجيكية القرغيزية. ومن المرجح أن تعتمد روسيا وأمريكا على أوزبيكستان كموطئ قدم في آسيا الوسطى في محاولة لجعل أوزبيكستان رائدة في المنطقة. فإنه إذا حاولت روسيا بهذه الطريقة نقل نفوذها إلى دول أخرى في المنطقة، يمكن لأمريكا نشر وحدتها العسكرية من القوات والأسلحة التي تغادر أفغانستان في أوزبيكستان وطاجكستان ثم استخدامهما لتحسين الوضع الاقتصادي في أفغانستان من أجل قمع السخط الشعبي هناك.
فينبغي النظر إلى زيارة ميرزياييف إلى طاجيكستان في ضوء هذه القضايا. أما التفاصيل الدقيقة لهذه الزيارة فسنتمكن من معرفتها بعد اكتمالها أو من خلال متابعة الأحداث.
للأسف فإن بلادنا اليوم يحكمها الحكام الرويبضات الموالون للكفار المستعمرين. وطالما بقي هؤلاء الحكام فلن يخرج رأس الأمة الإسلامية من ربقة الفقر والبؤس. لذلك فإن الطريقة الوحيدة للخلاص من ذلك هي إلقاء الحكام في مزبلة التاريخ وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة! ولا توجد طريقة أخرى للخلاص، وهي قائمة قريبا بإذن الله فهي وعد الله سبحانه وتعالى، ولن يخلف الله وعده!
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾
بقلم: الأستاذ إسلام أبو خليل – أوزبيكستان
رأيك في الموضوع