رغم الوعود التي رُوّج لها من تحسن للوضع المعيشي والخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة واستتباب الأمن في تونس بمجرد تشكيل الحكومة التونسية وانتخاب رئيس للدولة، لا زال حال البلاد على ما هو عليه بل أسوأ من قبل.
وما زال أمن أهل البلد مهددا بالجرائم الإرهابية التي تحدث هنا وهناك، وآخرها كانت حادثة متحف باردو التي تم استغلالها من طرف الحكومة بشكل حاولت فيه تغطية عجزها الواضح عن رعاية شؤون الناس. فكانت أبرز الإجراءات التي اتخذتها الحكومة هي:
- المصادقة على مشروع قانون مكافحة الإرهاب: فقد صادق المجلس الوزاري المنعقد في 25 آذار/مارس 2015 على مشروع القانون وتمت إحالته إلى مجلس نواب الشعب، وقد دعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد نواب الشعب للمسارعة في المصادقة عليه. ولا يختلف مشروع قانون مكافحة الإرهاب هذا عن قانون 2003 في تضييقه على النشاط السياسي وتكميم أفواه أصحاب الحق والمحاسبين للدولة بحجة مكافحة الإرهاب.
- غلق العديد من المساجد: فقد تمت السيطرة بالقوة العامة على جامع الزيتونة ومطالبة شيخ الزيتونة حسين العبيدي وتلامذته بإخلاء المسجد على إثر القرار القضائي المستعجل الصادر من المحكمة الإدارية، كما تنوي وزارة الشؤون الدينية إغلاق المساجد التي تعتبرها على حد قولها خارجة عن سيطرتها أو استرجاعها بوضع أئمة يسبحون بحمد الحاكم، فقد أكد وزير الشؤون الدينية «عثمان بطيخ» في حوار مع صحيفة الصباح في عددها الصادر يوم الثلاثاء 31 آذار/مارس 2015، أنه بعد أسبوع سيتم غلق 187 مسجدا خارجا عن سيطرة الوزارة، ومن جهة أخرى أفاد الوزير في تصريحه، أنه يجوز منع النقاب شرعا وقانونا في حال تحوّل إلى خطر على المجتمع.
- الإعلان عن مشروع للمصالحة الوطنية: فقد أعلن رئيس تونس، الباجي قائد السبسي، الجمعة 20 آذار/مارس 2015، عن مشروع قانون للعفو والمصالحة الوطنية. وقال المستشار السياسي للسبسي، محسن مرزوق، إن هذا المشروع يهدف إلى إحداث إصلاحات هيكلية وجوهرية "مؤلمة" بهدف العفو والمصالحة السياسية الشاملة، مضيفاً أنه يرمي أيضاً إلى المصالحة الاقتصادية من خلال النظر في ملف رجال الأعمال، والعفو عن الأموال بالخارج. كما ينص مشروع القانون على إصلاح القطاع البنكي ومجلة الاستثمار بأكثر جرأة لتحرير الاقتصاد من سيطرة الأمور السياسية والإجراءات الإدارية، إلى جانب إرساء إصلاحات شاملة في القطاع الصحي والتربوي.
هذه الإجراءات وغيرها دلت بشكل واضح على أنّ الحكومة تتعامل مع الإرهاب لتستثمره لصالحها، فعوض أن تكشف عن الأطراف الدولية المتورطة في هذه العمليات وعوض أن تقضي على رأس الداء نجدها تتستر عن هذه الأطراف بل وتفتح البلد على مصراعيه للتدخل الأجنبي؛ فإذا بفرنسا تريد إرسال خبراء أمنيين للتحقيق في حادثة باردو، وأمريكا سترسل معدات لوجستية في المجال الأمني، وبريطانيا نفس الشيء، وكأن البلد بلدهم فيرتعون فيها كما يشاؤون والحكومة لا تمانع بل ترحب بذلك.
ورغم كل ما حصل، لم تتوقف احتجاجات الناس للمطالبة بحقوقهم ولتحسين مستوى العيش بل تواصل الأمر وازدادت وتيرته ما جعل الحكومة التونسية تضطر لاستعمال القوة في بعض الأحيان لفض اعتصام أو حركة احتجاجية فقد اندلعت السبت 4 نيسان/أبريل 2015 في مدينة دوز من ولاية قبلي مواجهات بين محتجين وقوات الأمن لدى محاولتها فض اعتصام لمجموعة من الشباب أمام إحدى الشركات البترولية للمطالبة بالتشغيل.
أمّا على مستوى السياسة الخارجية وموقف السلطات التونسية من الأزمة الليبية، فإنها تدعم الموقف البريطاني الدافع نحو الحوار والتوافق بين الأطراف المتنازعة والمحافظة على العلاقة بين الطرفين، فقد أفاد وزير الشؤون الخارجية الطيب بكوش أن موقف تونس من الحكومتين في ليبيا ليس في حاجة لإرضاء طرف دون غيره خاصة وأن تونس ضد أي تدخل أجنبي عسكري في ليبيا، وقال إنّ موقف تونس لا يساند طرفا دون آخر في البلد الشقيق.
وتبقى الحكومة عاجزة فعلا عن رعاية شؤون الناس والخروج من الأزمة الاقتصادية وليست لديها أي برنامج سياسي سوى تنفيذ طلبات الغرب فلذلك نراها تحاول تمهيد الطريق لتنفيذ سياسة صندوق النقد الدولي في البلد، إذ تسعى جاهدة لمنع الانتصاب الذي لا يخضع لدفع الضريبة وتحاول منع التصدير والتوريد خارج الغطاء القانوني وهي بصدد إنشاء قانون الميزانية التكميلي الذي ينتظر أن لا يكون لصالح أهل تونس.
رأيك في الموضوع