تضمن جدول بنود مؤتمر القمة السادس والعشرين للجامعة العربية 11 بندا بالإضافة إلى بند "ما يستجد من أعمال"، والمراجع للجدول يجد أنه صف كلام فارغ لا معنى له ولا طعم ولا رائحة، وقد بدا واضحا أن البند الوحيد الذي طغى على المؤتمر هو القرار الخاص بإنشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريا. وينص مشروع القرار على أن "هذه القوة تضطلع بمهام التدخل العسكرى السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أية دولة من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء على طلب من الدولة المعنية".
وكان نبيل العربي أعلن في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الهدف من تشكيل القوة هو التصدي لـ "المجموعات الإرهابية.
ولتبرير الحاجة إلى هذه القوة المشتركة جرى تضخيم خطر الإرهاب المزعوم، فقد صرح العربي بأن القمة تجتمع في وقت في منتهى الأهمية للعالم العربي، وأشار إلى أن الجميع والمواطن العربى يشعر بقلق شديد بأن الأمن القومي العربي أصبح مهددًا الآن عن أي وقت مضى وهناك اقتتال شرقا وغربا وعمليات إرهابية تمتد من مكان لآخر. وأضاف العربي أن الهدف الذي تسعى له الرئاسة المصرية والأمانة العامة للجامعة العربية هو التركيز على هذا الموضوع الذي يهدد الأمن القومي العربي.
فخدمة لأمريكا ولبريطانيا يتصارع المتصارعون في ليبيا واليمن، وتعلن السعودية عن شن حرب على أهل اليمن حيث تقصف المنشآت الحيوية من البنية التحتية، وكل ذلك لفرض العودة إلى الحل السياسي للحفاظ على الشرعية المزعومة.
ثم يتسابق الساسة الغربيون من إنجليز وأمريكان لصب الزيت على نار الاقتتال الداخلي بين المسلمين، كما قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند للصحفيين خلال زيارة لواشنطن "السعوديون قلقون للغاية من فكرة نظام مدعوم من إيران في اليمن... لا يمكنهم قبول فكرة أن يسيطر نظام مدعوم من إيران على اليمن ولهذا شعروا أن عليهم التدخل بتلك الطريقة."وتابع قوله "نعلم أنه كان هناك دعم إيراني للحوثيين ونحرص جميعا على تفادي أن يتحول ذلك إلى حرب بالوكالة."وعن موقف بلاده من هذه العملية العسكرية قال هاموند إن "الموقف البريطاني يتطابق عموما مع الموقف الأمريكي: نحن نؤيد العملية السعودية لأنها عملية شرعية تجري باسم الحكومة الشرعية لليمن. إن الإيرانيين دعموا الحوثيين بوضوح" وأضاف أن "صلات قوية تربط بريطانيا بالقوات الجوية السعودية. إننا ندرب طياري هذه القوات وقسم كبير منهم مزود بطائرات بريطانية من طراز تورنادو وتيفون مع ذخائر بريطانية".
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية تصريحا لرفسنجاني في 28/3/2015 يدين فيه بشدة العدوان العسكري الخليجي بقيادة السعودية ضد اليمن، محذرا أن هذه الدول بدأت اللعب بالنار مما سيفضي إلى تفاقم أوضاع المنطقة ومقتل عشرات المدنيين وانعدام الأمن في المنطقة... من جهته سارع حسن نصر الله إلى التبشير بأن الشعب اليمني سينتصر على الغزاة، متوعدا السعودية بالهزيمة المرة...
في ظل هكذا قادة وزعماء لا يحتاج قادة يهود إلى التجسس والتنصت على كواليس ما يطبخ في قاعات شرم الشيخ، كما فعلوا في مؤتمر القمة العربية في الرباط سنة 1965، كما نشرت جريدة يديعوت أحرونوت اليهودية من أن الملك المغربي في حينه الحسن الثاني سمح للموساد بالتنصت على مجريات مداولات مؤتمر القمة.
ففي كلمة السيسي التي ألقاها كاد أن ينسى فلسطين فأدرجها في آخر كلمته كجزء من المعزوفة الخشبية. أما القضية الفلسطينية، فأكد البيان الختامي مجددا على أن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي مع كيان يهود.
مؤتمر القمة هذا يأتي شاهداً آخر على أن هذه الأنظمة العفنة آن الآوان لدفنها فهي أنظمة مومياء لا يمدها بالحياة إلا حماية دول الغرب لهم ضد غضب الأمة للحيلولة دون عودتها إلى دينها وشريعة ربها، كما جرى ويجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا. ولقد كشف رفسنجاني عن عورة النظام الإيراني صاحب شعار "الشيطان الأكبر" و"الموت لأمريكا" في تصريحه الذي نشره موقع إرنا حيث قال "إن زعماء هذه الدول توحدوا ضد دولة إسلامية في المنطقة في حال أنهم عاجزون عن القيام بأدنی عمل عسکري فاعل ضد کيان يحتل أرض فلسطين والقدس"، وتناسى أن نظامه يعقد مسرحية هزيلة في آخر جمعة من كل رمضان يسمونها يوم القدس، فإذا بالصواريخ التي تصل إلى "ما بعد بعد حيفا" نراها تتساقط على رؤوس أهل الشام الأبطال الذين قالوا لا للنظام الأمريكي الطاغوتي في دمشق... وإذا بتصريحات قادة الجيش الإيراني الذين طالما تعهدوا بإزالة كيان يهود خلال 48 ساعة من بعد صدور إذن القائد الإيراني، ولكن الإذن صدر فقط لتدمير مدن الفلوجة وتكريت وحمص وحلب ودرعا...
وهؤلاء الحكام الخونة من قادة الأنظمة العربية الذين يسارعون لحشد مئات الطائرات الحربية ضد الحوثيين في اليمن بينما هم صامتون صمت القبور عن جرائم يهود في غزة ولبنان.
فسلمان ملك السعودية برر حربه على الحوثيين بأنها لاستعادة الشرعية للرئيس عبد ربه منصور، وإذن فبمنطق الشرعية فعليه أن ينكل بالثوار الذين انتفضوا ضد طاغية دمشق.
لقد أصبح واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار أن الغرب الصليبي يتآمر على الأمة لحملها على الخنوع والرضوخ لنظامه الاستعماري، وأن حكام المسلمين هم نواطير للغرب، ومع ذلك فإن واقع الأمة اليوم يشهد على أنها لن تعود إلى قمقم نظام سايكس بيكو الذي فرضه الغرب على أنقاض دولة الخلافة، وعلى المخلصين من الأمة أن يأخذوا على أيدي الحكام الرويبضات ومن يسير في ركابهم، واثقين بوعد الله الحق: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
رأيك في الموضوع